«التغيير» ومأزق البرزاني

نظام مارديني

يوماً بعد يوم يتأكد ما كنا قد حذّرنا من حصوله في إقليم كردستان العراق راجع مقالنا « صفقة أردوغان والبرزاني!؟» في 8/12/2015 ، ومن دور رئيس الإقليم مسعود البرزاني في غزو القوات التركية للموصل، والتحذير الذي تلقّاه من رئيس حركة التغيير كَوران بقيادة نيشروان مصطفى بالاستعانة بالحلفاء الإقليميين والدوليين لحماية السليمانية من تركيا. وقالت «التغيير» إن البرزاني يفتعل الأزمات «لتحقيق مخططاته»، ولكن نسأل هنا البرزاني هل يدرك الأخطار المحدقة بالإقليم جراء وجود القوات التركية، خصوصاً أن الأوساط القومية التركية تتحدث عن «حق» تركيا في ولاية الموصل، التي تشمل مدينة الموصل وأربيل وكركوك والسليمانية؟

هذا الجدل القائم يشير إلى المأزق الذي وضع فيه البرزاني «الإقليم»، وكيف تمتد رويداً رويداً أذرع الإرهاب الخبيثة إليه عبر تركيا، التي أجازت لنفسها التوغل في العراق، لا لتحرير منطقة الموصل، بل للاحتلال، ودعم وحماية «داعش» بقوة الذي يرفع راية جاهلية تحمل الإسلام المحمدي اسماً في شعارها، وتطرز الموت إدعاء وحقيقة في الوقت نفسه ببشاعة مشاهد الذبح، والحرق.

والغزو التركي الجديد في العراق يأتي بعد أن بدأ الجيش السوري يفرض وروسيا طوقاً محكماً على طموحات أردوغان، حيث يواجه الأخير ساعات عصيبة بعد أن فقد مساحة التحرك في الأرض السورية فبدأ معها أردوغان في هذه الأيام كثور مسكين، تنتابه هستيريا قاتلة، فأضاع طريق حلفائه في سورية بعد قتلهم واستسلام وتشتيت بعضهم، ولم يجد أشد حمقاً، من خطة التوغل البائسة للموصل، لحماية «إرهابييه» باعتباره الشريان الوحيد، الذي يمدّهم بالحياة، والتأسيس لكيان سني بديل.

وليس صدفة التسريبات التي تفيد برغبة الرئيس الأميركي باراك أوباما بإرسال قوة من الكوماندوس إلى العراق لشن غارات سرّية على «داعش»، حتى أن اسم هذه القوة المقترحة «قوة التدخل السريع الخاصة» يُعَدّ لغزاً. وتقول لندا روبنسن، المحللة في شركة راند للبحوث، إن هذه القوة يجب «أن تترافق مع تصعيد الجهود لبناء قوات برية أصلية في العراق وسورية»، ولكن مَن هي هذه القوات العميلة التي ستكون بديلاً من «داعش» خلال المرحلة المقبلة؟ وهل يُعاد من جديد تأسيس صحوات سنية تقف سداً وحاجزاً أمام أي تواصل بري بين إيران والعراق وسورية؟

عملية دفن المصائب العثمانية، في جسد التأريخ، يجب أن تعلمنا، في العراق وسورية، كيف نواجه المصاعب!

يقول الأديب المصري توفيق الحكيم «يستطيع الشيطان أن يكون ملاكاً، والقزم عملاقاً، والخفاش نسراً، لكن أمام الحمقى والسذج فقط».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى