الطاقة المُتجدِّدة… هل تحلّ أزمة لبنان؟

يوسف الصايغ

بهدف تعميق ثقافة المواطنين حول الطاقة المتجدِّدة وكفاءة الطاقة، أقام المركز اللبناني لحفظ الطاقة التابع لوزارة الطاقة والمياه من خلال مشروع MED-DESIRE، ورشة عمل تفاعلية بين خبراء الطاقة والإعلاميين، برعاية وحضور نقيب المحرِّرين الياس عون.

استهلت الورشة بكلمة نائب رئيس المركز زياد الزين الذي أشار إلى «أهمية هذه الورشة التي تتزامن مع قمة المناخ العالمية والتي من شأنها استحداث آلية جديدة للتواصل بين خبراء الطاقة والإعلاميين»، معتبراً أنّ «المركز اللبناني لحفظ الطاقة يضع الخطط والاستراتيجيات التي من شأنها تحقيق أهداف الحكومة اللبنانية في موضوعات كفاءة الطاقة والطاقة المتجدِّدة»، مؤكداً أنّ «العمل لا يقتصر على الخطط، إنما المبادرة إلى تنفيذ مجموعة من المشاريع الرائدة والنموذجية».

وشكر النقيب عون، من جهته، المركز على «تنظيم هذه الورشة وإعطاء الفرصة للإعلاميين ليستمعوا إلى ما لدى الخبراء من معلومات وأرقام حول الطاقة المتجدِّدة»، لافتاً إلى أنّ «الطاقة في لبنان معظمها يهدر في البحر، لذلك يجب أن نعي ما يرسم من حلول وما يقوم به الخبراء في المركز»، طالباً من «الإعلاميين أن يسألوا عن أهمية حفظ الطاقة وكيفية استعمالها بالشكل اللازم بعيداً عن الهدر».

ثم كان عرض مرئي للمهندس الطاقوي في المركز راني الأشقر أبرز من خلاله ماهية وأهداف ونشاطات مشروع MED-DESIRE، مشيراً إلى أنّ «المشروع ينتهي آخر العام الحالي، لكنّ المركز يبقى مدعوماً من الوزارة ومستمراً في إنجازاته إلى حين تحقيق الأهداف كافة».

ترشيد استهلاك الطاقة التقليدية وإنتاج المتجدِّدة

وأشارت المستشارة التقنية في المركز سورينا مرتضى، من جهتها، في حديث لـ «البناء» على هامش ورشة العمل إلى أنّ هدف المركز من خلال الورشة «يتمحور حول كيفية ترشيد استهلاك الطاقة التقليدية من جهة، والمساهمة في إنتاج الطاقة المتجدِّدة من جهة ثانية، وذلك ترجمة لتعهد لبنان خلال قمة كوبنهاغن عام 2009 حيث التزم بإنتاج 12 في المئة من طاقته عبر الطاقة المتجدِّدة في العام 2020».

ولفتت إلى «أنّ الدعوة للإعلاميين تأتي إلى جانب حملات التوعية والنشاطات والإعلانات التي نقوم بها، بهدف الوصول إلى أوسع شريحة من المواطنين اللبنانيين لنقول لهم إنّ بإمكانهم تخفيف فاتورة استهلاكهم الشهرية من خلال الاعتماد على مصادر الطاقة المتجدِّدة».

وحول العمل على تخفيض استهلاك الطاقة بنسبة خمسة في المئة في العام 2020، أشارت مرتضى إلى الاعتماد «على الخطوات العقلانية علمياً ومادياً»، لافتة إلى «أنّ خفض الاستهلاك يتم عبر مبادرات عدة من خلال قطاعات مختلفة أبرزها الحكومي، والنقل والصناعة وقطاع المباني الذي هو المستهلك الأول للكهرباء، وفي حال تمّ العمل على مشروع العزل الحراري في المباني واستعمال الأدوات الموفِّرة للطاقة يمكن تحقيق خفض الاستهلاك بنسبة خمسة في المئة». كما أشارت إلى وجود سياسات «ترشد استهلاك الطاقة وتلتزم بإنتاج الطاقة المتجدِّدة، وهي تجربة ناجحة للمركز».

نقل التجربة الأوروبية إلى لبنان

وأشار المهندس الطاقوي في المركز راني الأشقر، من ناحيته، في حديث لـ«البناء» إلى أنّ مشروع MED-DESIRE المموّل من الاتحاد الأوروبي «يضمّ 9 شركاء من خمس دول هي لبنان وتونس ومصر وإسبانيا وإيطاليا، والهدف من المشروع نقل خبرة الدول الأوروبية في مجال الطاقة الشمسية الموزعة لامركزياً إلى مصر وتونس ولبنان».

ولفت إلى أنّ المشروع «يستهدف تحسين جودة الأجهزة الخاصة بالطاقة الشمسية والتركيبات التابعة لها من خلال درس الخبرة الأوروبية في مجال المعايير والمقاييس المعتمدة». وقال: «لقد اخترنا المعايير المعتمدة في لبنان وقدمنا كتاباً بهذه المواصفات إلى مؤسسة المقاييس والمعايير، وتمت الموافقة على بعض المواصفات وهناك بعض المعايير قيد الدراسة بينما اعتمد البعض الآخر كمقاييس إلزامية يجب التقيد بها للأجهزة التي سيتم استقدامها إلى السوق اللبناني».

وأضاف: «كما تمّ العمل مع معهد البحوث الصناعية على آلية دراسة تطوير المختبر لديهم كي يصبح قادراً على استيعاب فحص المواصفات الجديدة، وتمّ تدريب أساتذة التعليم المهني في ما يتعلق بتركيب أجهزة الطاقة الشمسية في لبنان، إلى جانب العمل مع البلديات لناحية تشجيعها على استخدام الطاقة الشمسية الحرارية لتسخين المياه في المباني الحديثة التي سيتم بناؤها، واستخدام الطاقة الشمسية لإنارة الشوارع والمباني البلدية، مشيراً إلى أنّ مصرف لبنان وافق مؤخراً على بند يوسِّع القروض المدعومة لتشمل البلدات النائية لتمويل مشاريع الطاقة الشمسية».

وختم الأشقر، مشيراً إلى «أنّ تخفيف استهلاك الطاقة يساهم في خفض الانبعاثات على مستوى الكرة الأرضية. مشروع الطاقة المتجددة في لبنان بدأ يسلك هذا الدرب وهدفنا الوصول إلى إنتاج 12 في المئة في العام 2020. الخطط موجودة وكذلك العمل على زيادة استخدام هذه التقنية».

القروض الخضراء

ولفت المهندس محمد علوش، من جهته، في إحدى حلقات النقاش التي تابعتها «البناء» إلى «أنّ الحكومة اللبنانية التزمت خلال قمة كوبنهاغن للتغير المناخي في العام 2009 بإنتاج 12 في المئة من احتياجاتها في قطاع الطاقة من خلال الاعتماد مصادر الطاقة المتجدِّدة الطاقة الشمسية أو ضغط المياه أو الرياح ، وعليه يتم العمل لتحقيق هذه الخطوة من خلال تنفيذ المشاريع عبر آلية تمويل NERIA أو القروض الخضراء، والتي بموجبها يتم منح أصحاب المشاريع الخاصة قروضاً بقيمة 20 ألف دولار وقد تصل إلى 30 مليون دولار».

وأشار علوش إلى «أنّ المشاريع التي تصل قيمتها إلى حدود العشرين ألف دولار يمكن تمويلها عبر البنوك التجارية العادية، أما المشاريع الضخمة التي تتعدى قيمتها العشرين ألف دولار فيتم تحويلها إلى مصرف لبنان المركزي، ولا تمنح القروض لأصحاب المشاريع إلا بعد أن يقدم المركز اللبناني مطالعته والتي تتعلق بمدى استيفاء تلك المشاريع للشروط والمواصفات المنصوص عليها، وبناء على ذلك يتم منح المشاريع التمويل اللازم أو يتم الطلب إلى أصحاب هذه المشاريع تعديل بعض المواصفات أو المعايير حتى تستوفي الشروط المطلوبة».

وإذ لفت إلى التعاميم التي صدرت عن المصرف المركزي، والتي تأخذ بعين الاعتبار تمويل مشاريع الطاقة المتجدِّدة، أشار علوش إلى الحوافز التي قدمها المصرف المركزي للمصارف التجارية «عبر إعفائها من 50 في المئة من قيمة القروض المتعلقة بتمويل مشاريع الطاقة المتجدِّدة».

وفي ما يتعلق بمدة القروض، أوضح علوش «أنّ مدة القروض للأبنية الجديدة قد تصل إلى 14 سنة مع فترة سماح 6 أشهر كحدّ أدنى وقد تصل إلى أربع سنوات كحدّ أقصى. أما في ما يتعلق بالأبنية الموجودة أو القديمة ففترة السماح تبدأ من 6 أشهر وتصل إلى سنتين، وتعتبر هذه المهلة ضمن الفترة الإجمالية البالغة عشر سنوات كحدّ أقصى».

كما لفت علوش إلى «أنّ الفائدة على القروض الخضراء والتي يتم تأمينها من قيمة الأموال المودعة من قبل المصارف التجارية في مصرف لبنان كانت 0.6 في المئة، إلا أنّها ارتفعت خلال العام الحالي إلى 1.75 في المئة بعد تدنّي مخزونات المصارف المخصَّصة لهذا النوع من القروض لدى المصرف المركزي».

خطوات بيئية

وأشارت المستشارة البيئية في المركز رين معلوف في حديث لـ «البناء» إلى الدور الذي يقومون به في ما يتعلق «بالخطوات اللازمة وانعاكاساتها الإيجابية على البيئة، وذلك من خلال التوصيات التي يتقدمون بها للمشاريع التي سيتم تنفيذها».

وأشارت معلوف إلى أنّ مشروع LEA LEBANESE ENVIROMENTAL ACYTION يهدف إلى الحدّ من الآثار السلبية للمنشآت من خلال اعتماد مواصفات صديقة للبيئة والقيام بخطوات تساعد في تجميل المظهر الخارجي لقطاع الأبنية من خلال استخدام القرميد وتلبيس الحجر، والتشجير في محيط الأبنية التي تلعب دوراً في تجميل المظهر من جهة، وتعزِّز السلوك البيئي من جهة ثانية.

بناء على ما سبق، يبقى السؤال عن إمكانية تحقيق لبنان الخطوات التي التزم بها خلال قمة كوبنهاغن في العام 2009، ولا سيما في ما يتعلق بقدرته على إنتاج 12 في المئة من احتياجات الطاقة من خلال مصادر الطاقة المتجدِّدة، وبالتالي هل سيتمكن من خفض العجز الحاصل في الموازنة العامة، وخصوصاً أنّ تكلفة تأمين الكهرباء تصل إلى 33 مليار دولار سنوياً؟

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى