انفلات الحدود يربك السعودية والمالكي يقتحم داعش في تكريت الحكومة السلامية تتأقلم مع إدارة الفراغ بالتفرغ للأمن والتعيينات
كتب المحرر السياسي
على رغم المؤشرات المتزايدة عراقياً على حجم الارتباك الإقليمي والدولي في ظل غياب الطاولة المستديرة العراقية التي يرعاها الفاعلون والمؤثرون، الذين يتيح العراق تلاقيهم في كل ما لا تتيحه سورية، والذين يتوقف على تلاقيهم وتفاهمهم انطلاق قطار التسوية الداخلية في العراق وربما في المنطقة، نجح رئيس الوزراء العراقي نور المالكي بالتحرر من الذعر الداعشي وإطلاق الهجوم المعاكس في تكريت وانتزاع الاعتراف من خصومه بتحقيق تقدم نوعي بدخول شوارعها الرئيسية وتحرير مبانيها الجامعية، كما نجح بنقل الذعر إلى خصومه الإقليميين وخصوصاً قادة السعودية، الذين فاجأهم قرار المالكي بسحب وحدات من حرس الحدود معها إلى الداخل العراقي، بينما الخلافة التي أعلنها أبو بكر البغدادي تدق أبواب المملكة.
الإنجاز العراقي بإحداث التوازن في النتاج الإقليمي لضربة داعش، وامتلاك زمام المبادرة عسكرياً بعد مرور أسبوعين على سقوط الموصل، جاء بعد التحول الذي أحدثه وصول طائرات السوخوي الروسية للجيش العراقي الذي حرم من الحصول على الطائرات الأميركية التي بدا واضحاً أنها ورقة ابتزاز، لجلب العراق ومن ورائه إيران إلى مائدة التفاوض من موقع الضعف، لتستلحق واشنطن الإسراع الروسي بتسليم السوخوي بتسريع معاملات الإفراج الموازي عن طائرات «أف 16».
روسيا المبادرة والحاضرة عراقياً، حاضرة في ملف أوكرانيا أكثر، بعدما نجح صمود جمهوريات شرق أوكرانيا وقوات الدفاع الشعبي، بفرض القبول بوقف للنار على حكومة كييف، وقد توصل منتصف ليل أمس وزراء خارجية روسيا وألمانيا وفرنسا وأوكرانيا، للإعلان عن هدنة تسمح ببدء الحوار الداخلي في أوكرانيا، بحثاً عن تسوية سياسية يرى الروس أنها يجب أن تنتهي بتعديلات دستورية تحفظ استقلال جمهوريات الشرق ضمن فيديرالية أوكرانية.
مقابل الحراك الدولي والإقليمي الذي لا يزال بعيداً عن التسويات الكبرى، لبنان يتأقلم مع إدارة الفراغ الرئاسي، والانتظار الطويل، فيفشل في جلسة رئاسية ثامنة لمجلسه النيابي بإنتاج الرئيس الجديد، لكنه ينجح بحكومته السلامية بإنجاز ملف الأساتذة المتفرغين في الجامعة اللبنانية ومعه تعيين العمداء، بعدما نجحت المحاصصة بجذب المكونات اللازمة لإقرار اللوائح المعدة من دون إطلاع الحلفاء الذين لا حاجة لموافقتهم لضمان تمرير الصفقة.
النجاح الإيجابي للحكومة كان في بدء التصرف بمسؤولية تجاه مقتضيات الملفات الأمنية، كما أكد مسؤول أمني كبير لـ «البناء»، واصفاً اجتماع الأمس في السراي بأنه أفضل الاجتماعات وأكثرها إنتاجية.
بقيت الأنظار تتجه نحو ما تقوم به الأجهزة الأمنية من إجراءات استباقية للحؤول دون تمكن الخلايا الإرهابية من القيام بأي أعمال إجرامية تستهدف المواطنين، وسط استمرار المخاوف من حصول اهتزازات أمنية، خصوصاً أن المعلومات تشير إلى أن الشبكات التي ضبطتها القوى الأمنية أخيراً هي شبكات مترابطة وتنتمي بمعظمها إلى تنظيم «داعش الإرهابي»، ولذلك فمعلومات المصادر الأمنية تتحدث عن وجود خلايا متطرّفة أخرى في أكثر من منطقة تنتظر اللحظة المناسبة لمحاولة القيام بأعمال إرهابية.
وفيما تستمر التدابير الأمنيّة المشدّدة في محيط سجن رومية تحسّباً لأيّ عمليّة انتحاريّة تستهدف السجن نفذت قوة من الجيش اللبناني عمليات دهم في شارع عفيف الطيبي وفي مناطق اخرى في الطريق الجديدة، أسفرت عن توقيف سعودي وطبيبة اردنية و4 سوريين ومصادرة سيارة من بنايات الحلبي في شارع فيلفل، في اطار ملاحقة المشتبه بانتمائهم الى تنظيمات ارهابية وقيامهم بتنفيذ مخططات ترمي الى تفجير أماكن مأهولة بالأبرياء والإعتداء على مراكز عسكرية وأمنية رسمية والنيل من ضباطها وأفرادها.
وعقد اجتماع أمني في السراي الحكومية برئاسة الرئيس تمام سلام في حضور وزيري الدفاع والداخلية سمير مقبل ونهاد المشنوق وقادة الاجهزة الامنية ومدعي عام التمييز القاضي سمير حمود خصص لمتابعة الوضع الامني.
وأعلن مقبل ارتياح رئيس الحكومة تمام سلام لإجراءات الجيش والقوى الامنية والقضائية والتنسيق في ما بينهم، مؤكداً أن كل الخطط الأمنية ستنفذ في كل المناطق اللبنانية وقريباً في العاصمة بيروت. وشدد على عدم التساهل مع الارهاب، وأن هناك درساً جدياً للتنسيق مع الجهات الفلسطينية داخل المخيمات من ناحية ضبط الوضع.
وعلمت «البناء» أن الاتصالات بين الاجهزة الامنية اللبنانية والفصائل الفلسطينية أكدت ضرورة تحصين مخيم عين الحلوة، وأن قرار نشر قوة فلسطينية في مخيم عين الحلوة لحفظ الأمن ستتبعها خطوات أخرى لحفظ الأمن والاستقرار.
وأكد قائد الجيش العماد جان قهوجي ان الوضع الامني ممسوك، موضحاً: «ان المداهمات التي تتم في الطريق الجديدة هي من ضمن الخطة الاستباقية».
مشاورات مرتقبة لرئيس المجلس
ورئاسياً، لم يكن مصير جلسة الانتخاب الثامنة أفضل من مصير سابقاتها، حيث أرجأ رئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي لم يحضر الى ساحة النجمة جلسة انتخاب الرئيس الى 23 تموز الجاري. وفيما حضر 64 نائباً الجلسة، أرخى اقتراح رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون لانتخاب رئيس الجمهورية مباشرة من الشعب، بظلاله على تصريحات نواب القوات اللبنانية الذين اعتبروا أن مبادرة الجنرال لم تكن لتطرح لولا فشل الحوار مع رئيس كتلة المستقبل سعد الحريري.
تترقّب الجهات السياسية المشاورات التي يُتوقّع أن يقوم بها رئيس مجلس النواب نبيه بري في الساعات المقبلة بهدف إخراج الوضع من دوامة الانتظار وتحديداً على صعيد الاستحقاق الرئاسي، وما يتعلّق بمصير الانتخابات النيابية التي أصبحت على الأبواب.
وأشارت مصادر نيابية في كتلة «التنمية والتحرير» إلى أن رئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي يبلور بعض الأفكار والمخارج بخصوص المأزق الذي تعيشه البلاد، سينتظر أولاً ما سيُطرح عليه من قِبل رؤساء الكتل النيابية وباقي مكوّنات مجلس النواب لكي يبني على الشيء مقتضاه، مشيرة إلى أن المخارج تتطلب الكثير من الجهود وقبل كل ذلك وجود رغبة لدى القوى السياسية بالوصول إلى مقاربات معقولة للتمكّن من وضع الأمور على سكة المعالجة. لكنها المصادر لاحظت أيضاً أن الوصول إلى مخارج ليست سهلة، خصوصاً في ظل الترابط القائم بين الملف الرئاسي والوضع في المنطقة، مشيرة كذلك إلى أن معظم المواقف الداخلية هي لتعبئة الفراغ وليس لإنجاز الحلول.
موفد بابوي في بيروت غداً
ويصل يوم غد إلى بيروت موفد بابوي من أمانة سر الكنائس الشرقية للاجتماع الى البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي والتشاور في الملف الرئاسي على ان يجول على عدد من القادة المسيحيين وبعض المسؤولين لحثهم على انتخاب رئيس.
الحراك الغربي شكلي
وفي السياق أكد مصدر نيابي في تيار المستقبل لـ«البناء» «أن الحراك الغربي لا يتعدى الحراك الشكلي، فالازمة الرئاسية مفتوحة ولا يبدو في الأفق ان هناك مخرجاً».
وأكد وزير الصحة وائل أبو فاعور رداً على سؤال لـ«البناء»: «ان انتظار الخارج سيطيل الشغور الرئاسي، لافتاً إلى ان الاستحقاق الرئاسي يجب أن يكون لبنانياً»، وأن زيارة النائب وليد جنبلاط الى العاصمة الفرنسية ولقاءه الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند لم تخصص للبحث في الاستحقاق الرئاسي بل بحثت في الاستحقاقات الداهمة في المنطقة في ظل الأوضاع الأمنية لا سيما في العراق.
ملفا عمداء الجامعة والتفرغ إلى البت
الى ذلك يعقد مجلس الوزراء جلسة اليوم عند العاشرة صباحاً برئاسة رئيس الحكومة تمام سلام وعلى جدول أعماله 117 بنداً. ومن المتوقع أن يبت المجلس اليوم بملفي التفرغ وتعيين عمداء أصيلين في الجامعة.
وأشار وزير التربية والتعليم العالي الياس بو صعب الذي التقى رئيس كتلة المستقبل فؤاد السنيورة في المجلس النيابي لـ«البناء» إلى «أن ملفي عمداء الجامعة والتفرغ سيطرح على طاولة مجلس الوزراء اليوم من خارج جدول الأعمال». وكشف بو صعب عن لقاء سيعقد نهاية الاسبوع مع السنيورة للبحث في ملف سلسلة الرتب والرواتب.
وأعلن السنيورة بعد استقباله وفداً من لجنة المتابعة للاساتذة المتعاقدين في الجامعة اللبنانية «أنه تم التوصل مع وزير التربية إلى نتائج إيجابية، ونحن نؤيد إقرار ملف التفرغ بالتلازم مع إقرار ملف تعيين العمداء، لأنه لا يجوز للجامعة أن تبقى أكثر من عشر سنوات من دون مجلس جامعة. ووعد السنيورة الاساتذة ببذل كل الجهد من أجل دعم الجامعة اللبنانية واستقرار الأساتذة فيها ورفع مستواهم».
في المقابل أكد وزير العمل سجعان قزي لـ«البناء» «أن حزب الكتائب لن يقبل بمنطق المحاصصة في ملف التفرغ الذي يجب أن يبت به وفق معايير الكفاءة والتعليم». وأكد أن الوزير بو صعب «لم يطلعه على الملف، وبالتالي لا يمكن الموافقة على بند لا نعرف فحواه، لا سيما انه من خارج جدول الاعمال ولم ندرسه».
تحركات تصعيدية لهيئة التنسيق
مطلبياً، وفيما تُعقد اليوم جمعيات عمومية لهيئة التنسيق النقابية والروابط المنضوية فيها مع أهالي الطلاب لتنسيق المواقف استعداداً للتحرك التصعيدي، أكد رئيس هيئة التنسيق النقابية حنا غريب خلال الاعتصام الذي نفّذته الهيئة أمام وزارة الاقتصاد «أننا لا نطلب منة من أحد، تصحيح الرواتب والأجور حق مطلق لجميع الموظفين في الدولة ونحن متمسكون بالحقوق المكتسبة للقطاعات المختلفة، مؤكداً أن «المطلوب تصحيح الرواتب بينما هم يفككون الدولة ويبيعونها «خردة» لحيتان المال ويعملون على وضع يدهم على البنى التحتية.