جورج الزعني وداعاً

أحمد طيّ

عرفته منذ سنوات قليلة خلت، عندما نظّم معرضاً في الهواء الطلق، في باحة قصر الأونيسكو، أهداه عنوان «أنطون سعاده… فكر يستمرّ». حينذاك، كان لي شرف لقاء الفنانين المتكتلين في جسد واحد، يملكه جورج الزعني.

كما توطّدت علاقتي به بُعيد تنظيمه معرضاً آخر عن الزعيم أنطون سعاده، وأيضاً في الهواء الطلق، إنما هذه المرّة اختار ضهور الشوير، في موقع يشكّل رمزاً للقوميين… إنه عرزال سعاده. وأيضاً، منح الزعني عنواناً لذلك المعرض، أصاب فيه وهو «العرزال إن حكى».

مساء أول من أمس الأحد، رحل جورج الزعني عن هذه الحياة، تاركاً خلفه إرثاً ثقافياً فنياً عالي المستوى. راقياً برقيّ أخلاقه. خالداً بخلود غالبية القامات التي كرّمها الزعني في حياته، من أنطون سعاده إلى السيد موسى الصدر… والقائمة تطول.

رحل جورج الزعني عن عمر يناهز 73 سنة، وإذ يُحتفل بالصلاة لراحة نفسه في تمام الساعة الثانية من بعد ظهر اليوم الثلاثاء، في كنيسة مار الياس ـ القنطاري ـ بيروت، فإنّ التعازي تُقبل قبل الدفن في صالون الكنيسة ابتداء من الساعة الحادية عشرة قبل الظهر، ويومَي الأربعاء والخميس في المكان نفسه، ابتداء من الساعة الحادية عشرة قبل الظهر ولغاية السابعة مساء.

الفنان الراحل من مواليد بيروت في 23/9/1942. درس في مدرستَي «إنترناشونال كولدج» والشويفات، ونال البكالوريوس في الآداب في جامعة هايكازيان عام 1963، ثم الماجستير في الجامعة الأميركية في بيروت عام 1970، فالدكتوراه في جامعة السوربون في باريس عام 1972.

كان رائداً في المعارض الوطنية، وفي تقديم شخصيات بارزة تركت بصمات في تاريخ لبنان، وتكريم شعراء وفنانين لبنانيين وعرب. قدّم عبر مسيرته الإبداعية تجربة غنية، إذ نظّم عشرات المعارض أهمها: «أسماء عربية ونجمتان» في صالة دار الأوبرا في دمشق، كما وجّه في أحد أعماله تحية إلى المفكر العربي إدوار سعيد والشاعر محمود درويش في الذكرى السنوية الأولى لرحيل الأخير.

ومن خلال ما عُرف بـ«محترف الزعني»، أقام الفنان الراحل معرضاً تحت عنوان «تحية من بيروت إلى من أحبّها» في مقر جمعية الفنانين، مقدّماً خلاله قصيدة «بيروت»، إضافة إلى معرض آخر في وسط بيروت، اختصر فيه مسيرة المقاومة اللبنانية ودحرها العدوان الصهيوني تحت عنوان «رؤية وواقع». كما كرّم زعيم الحزب السوري القومي الاجتماعي أنطون سعاده، بتنظيم معرضين أحدهما في باحة قصر الأونيسكو بعنوان «أنطون سعاده… فكر يستمر»، والآخر في بلدة ضهور الشوير بعنوان «العرزال إن حكى».

لجورج الزعني إنجازات في النحت والرسم والكتابة والأفلام، ومساهمات أثّرت في العمل الثقافي والوطني. كان رائداً في تنظيم المهرجانات والمعارض، وناشراً للثقافة، وصاحب الرؤية الفكرية والوطنية المتقدّمة.

«البناء» التي آلمها رحيل الفنان الكبير جورج الزعني، وتعتبر أن برحيله يخسر لبنان علماً من أعلام الثقافة والفنّ والإبداع، وأحد أبرز الفنانين التشكيليين المسكونين بهموم الناس والوطن، تعود لتقول إن العظماء لا ينتهون بمأتم أو نعش… والبقاء للأمة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى