نظريان: لاستصدار قانون يُعنى بجمعية المستخدمين وتشجيع استعمال المياه غير التقليدية والحوكمة والتدريب

برعاية وزير الطاقة والمياه آرتور نظريان وحضوره، نظم الاتحاد العام للغرف العربية في مقرّه «مبنى عدنان القصار للاقتصاد العربي»، ورشة عمل تحت عنوان «ندرة مياه الريّ في المنطقة العربية وأثرها على الأمن الغذائي: المشاكل والحلول»، بمشاركة الرئيس الفخري للاتحاد الوزير السابق عدنان القصار، النائب الأول لرئيس الاتحاد رئيس اتحاد الغرف اللبنانية محمد شقير، رئيس جمعية أصدقاء المياه في لبنان عادل قرطاس، المدير العام لوزارة الطاقة فادي قمير، الأمين العام لاتحاد للغرف عماد شهاب، ونخبة من الأكاديميين وأصحاب الاختصاص.

القصّار

بداية، تحدث القصار، لافتاً إلى «أنّ المشكلة تقع في إدارة الموارد أكثر من ندرتها»، شارحاً «أنّ مشكلة الأمن الغذائي والمائي العربي هي مشكلة إدارية قبل أي شأن آخر، وترتبط بضعف إدارة الموارد من المصادر والمنتجات». وأكد أنّ «سوء استخدام الموارد المائية وعدم اعتماد الطرق العلمية الصحيحة في الريّ يؤدي إلى هدر نحو 50 في المئة من المياه المستهلكة، ناهيك عن المغالاة والهدر والتلويث في استخدامات الصناعة وقطاعات المجتمع المدني».

وشدّد على أنّ «النزاعات والأزمات التي تعصف بالمنطقة ساهمت في تفاقم أزمة الأمن الغذائي في عدد من الدول العربية. ومن بين جميع أقاليم العالم، فإنّ العالم العربي كان الإقليم الوحيد الذي سجّل زيادة في انتشار الجوع في العقد الأخير، بحيث تضاعف عدد الجياع إلى نحو 33 مليون إنسان، بحسب الإحصاءات الأخيرة لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة».

وسأل: «هل من المقبول، ونحن نعيش في عصر وصلت فيه العلوم إلى ما وصلت إليه من تقدم، أن نستمر في الابتعاد عن حلمنا القديم الجديد بالأمن الغذائي والمائي، عوضاً عن التقدم في تحقيقه؟ بل هل من المعقول أن يستمر هذا الشأن الحياتي والجوهري بعيد المنال، وأسير المنتديات والعصف الفكري إلى ما لا نهاية»؟

شقير

وأكد شقير، من جهته، «أنّ الواقع المخيف الذي وصل إليه عالمنا العربي لجهة ندرة المياه، إلى جانب الصراع والنزاع الدائر اليوم حول المياه بات يتطلب تحرّكاً سريعاً ليس على المستوى المحدود بل على المستوى الأعمّ والأشمل».

وقال: «صحيح أنّ وطننا العربي يضم عِشر مساحة اليابسة، لكنه يصنّف على أنه من المناطق الفقيرة في مصادر المياه العذبة، وهذا بالتأكيد يؤثّر سلباً على عملية التنمية، وخصوصاً في ما يتصل بالغذاء، فمعدل النمو السكاني في الوطن العربي والذي تجاوز حالياً الـ310 مليون نسمة، بينما متوقع أن يصل في العام 2030 إلى 600 مليون نسمة، وهذا النمو السكاني السريع الإيقاع والأثر، سيتسبّب مستقبلاً في عجز مائي، يصل حالياً إلى ما لا يقل عن 176 مليار م3، وهذا العجز في الموارد المائية، سيواكبه وسيتفاقم، بسببه، بطبيعة الحال عجز غذائي، فمعدل 3 في المئة للنمو السكاني سيستتبع زيادة في الاستهلاك الغذائي بمعدل 5 في المئة سنوياً، في حين أنّ الإنتاج الغذائي العربي لا يزداد في واقع الأمر، إلا بمعدل 2 في المئة سنوياً، وهذا ما سيجعل الوطن العربي يعتمد أكثر فأكثر في غذائه على الاستيراد».

ورأى أنّ على الدول العربية «أن تضع استراتيجية شاملة للمياه، وذلك من أجل المحافظة على أمنها المائي مع تضاؤل الكميات المتوفرة، لأنه يرتبط ارتباطاً وثيقاً بأمنها الغذائي، وخططها التنموية ورفاهيتها».

قرطاس

ولفت قرطاس إلى «أهمية أن يكون هناك انضباط والتزام ووضوح في الرؤية في المستقبل القريب والبعيد في التخطيط لاستعمال مياه الري، وفي تنفيذ الخطة العشرية لاستعمالات المياه في لبنان، وأهمها في الحقل الزراعي وتأمين الأمن الغذائي في لبنان».

وأكد أنّ «سمة الجفاف والتغيّر المناخي في المنطقة العربية بارزة بشكل كبير، وهذا سببه بطبيعة الحال أنّ 70 في المئة من مساحة الوطن العربي عبارة عن صحاري».

وقال: «هناك عوامل عديدة أخرى لها تأثير سلبي على واقع ندرة المياه في العالم العربي، منها ما هو متصل بالمياه الجوفية، ومنها ما له علاقة بالآثار السلبية المترتبة عن التغيّر المناخي، وأيضاً مشكلة المياه الدولية العابرة للحدود، وأوضاع ملوحة المياه. والحل قد يكون يكمن في توفير المصادر البديلة، وذلك من خلال معالجة المياه المبتذلة، وتوفير المياه العذبة من ينابيع في البحر، كذلك تحلية المياه، إلى جانب تسعير بدل مياه الري.. إلخ.

وزير الطاقة

واختتمت الجلسة الافتتاحية بكلمة وزير الطاقة الذي قال: «في ظلّ التغيّرات المناخية التي تشهدها دول المنطقة ومنها لبنان، وبما أنّ المياه من الموارد الحيوية للبنان، لذا يجب التخطيط لاستعمالها وإدارتها من خلال نظرة شاملة ومتكاملة لقطاع المياه، تكون فيها كمية المياه ونوعيتها وطريقة توزيعها متوازنة للوصول إلى تنمية مستدامة. من هنا تتضح الحاجة الكبيرة إلى التفكير في الأجيال الصاعدة والبدء بنشر الوعي بين المواطنين حول استخدام هذه الموارد من خلال ترسيخ مفهوم ثقافة المياه».

وأضاف: «حيث أنّ استهلالك مياه الري يشكّل 60 في المئة من الاستهلاك العام للمياه، وتفادياً لعواقب الشحّ عمدت وزارة الطاقة والمياه إلى وضع مذكرة تفصيلية بالخطوات الواجب اتخاذها من قبل الوزارات المعنية بهدف مواجهة الشحّ وإبلاغ كلّ القطاعات والتعاونيات والجمعيات والهيئات واللجان الزراعية العمل على تطبيق الخطوات الواردة فيها والمتعلقة بالمزارعين، بالتعاون مع وزارة الزراعة من خلال الجهاز البشري المتواجد على الأراضي اللبنانية كافة والمساهمة في تنظيم استهلاك مياه الريّ».

وتابع: «على الرغم من أنّ وزارة الطاقة والمياه وضعت الخطة الوطنية العِشرية الشاملة المبنية على مفهوم الإدارة المتكاملة للمياه لكلّ المشاريع المائية، لكنها عانت من مشكلات عديدة فنية ومالية وغيرها أثناء تنفيذ هذه الخطة التي مدّد لها حتى العام 2018 المقبل لتمويل المشاريع الواردة فيها، والتحدي الأبرز الذي نواجهه اليوم، يكمن في العمل على تنفيذها لتلافي المشكلات التي تواجهنا مستقبلاً كالشحّ وزيادة الطلب على المياه التي يمكن أن يتعرّض لها لبنان».

وختم: أما اليوم بعد الـ COP 21 والاتفاق الذي حصل بين الدول في شأن الاحتباس الحراري درجتان ، فإنّ كل الدراسات تشير إلى أنّ الوضع في تفاقم مستمر. ومن هذا المنطلق، وقّعت وزارة الطاقة والمياه أخيراً ميثاقاً مع فرنسا من أجل تطبيق الإدارة المتكاملة للمياه. وبما أنّ تأثير المياه وندرتها سيؤثران على الزراعة والريّ وبالتالي الأمن الغذائي، من هنا المطلوب منا جميعاً مواجهة هذه المسألة ووضع الحلول العملية المناسبة باتباع الأساليب والتقنيات الحديثة وتشجيع استخدام المياه غير التقليدية والحوكمة والتدريب والتعاون مع الوزارات المعنية، وكذلك العمل على استصدار قانون يُعنى بجمعية مستخدمي المياه، الأمر الذي من شأنه المساعدة في ترشيد استهلاك مياه الريّ وإدارتها بشكل مستدام.

جلسات عمل

وتخللت الورشة جلستا عمل، الأولى بعنوان «ندرة المياه ومشكلات الريّ في لبنان: الوضع الحالي والحلول المقترحة»، وأدارها قمير.

أما الجلسة الثانية فكانت بعنوان «معالجة القضايا الإقليمية في المنطقة العربية، بشؤون ندرة مياه الريّ وأثرها على الأمن الغذائي»، وأدارها رئيس «شركة التنمية في لبنان» المهندس موسى فريجي.

وصدرت في الختام توصيات بمثابة حلول ناجعة لمعالجة أزمة ندرة المياه في العالم العربي.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى