خفايا التدخل العسكري التركي في العراق

عامر التل

كتب وقيل الكثير عن الهدف من الدخول العسكري التركي الى العراق، وأعتقد أنّ معظم ما قيل وكتب صحيح، ولكنني أرى أنّ ما من أحد قارب الأسباب الكبيرة والخفية لهذا الدخول العسكري. ومن الواضح أنّ التدخل التركي لم يكن وليد لحظته، أو هروباً تركياً بعد فشل أنقرة في سورية، وليس من باب محاولة الأتراك إيجاد طرق بديلة للغاز في حال أقدمت موسكو وطهران على إيقاف تدفقه الى تركيا جراء إسقاط للطائرة الروسية والتصريحات الهجومية التركية حيال إيران. فالعالم الآن يشكو من أمرين أولهما اللجوء الكبير «المفتعل» الى الغرب وما يحمله هؤلاء اللاجئون من خلايا نائمة للتنظيمات الإرهابية يمكنها في حال إصدار الأوامر من مشغليها أن تقوم بعمليات إرهابية في الدول التي لجأوا اليها، وبالتالي يفشل الحلم في إقامة الدولة المزمعة إقامتها في العراق، والتي يفترض أن يتم إرسال من يؤمن منهم بـ«الجهاد» إليها، وهكذا تتخلص أوروبا من هؤلاء بتوفير «دولتهم» المنشودة، مع الأخذ بعين الاعتبار أنّ الضغوط على هؤلاء اللاجئين ستتصاعد في الفترة المقبلة.

هذه الضغوط لن تشمل فقط التمييز العنصري ضدّهم بل مراقبة ومضايقة الإرهابيين الذين تعرفهم أجهزة الاستخبارات الغربية، فهي التي دربتهم وسلحتهم وأرسلتهم الى الدول المستهدفة وارتدوا عليها. وثانيها أنّ الغرب يريد دولة فاصلة بين الهلال الخصيب وإيران تمنع التواصل بينهما، فعندما أنشأ الكيان الغاصب في فلسطين، وبموافقة دولية، كان له سببان الاول: التخلص من اليهود الموجودين في أوروبا وذهابهم الى «دولتهم» التي آمنوا بها بحسب النصوص التوراتية، والثاني: أن يكون الكيان الغاصب فاصلاً بين كيانات الهلال الخصيب ومصر وهذا ما كان. وما يعزز قناعة أنقرة والعالم بإمكانية نجاح مشروع كهذا علاقتها التحالفية مع التنظيمات الإرهابية خصوصاً داعش الذي يسيطر على المنطقة التي دخلت إليها أنقرة عسكرياً تحت حجج واهية، فالتدخل العسكري التركي في العراق لم يكن صدفة أو لأهداف تكتيكية بحت إنما لأهداف كبيرة يسعى العالم الى فرضها ضمن الاستراتيجية الجديدة للغرب. لمواجهة هذا السيناريو يجب أن لا يُكتفى بالتنديد والشجب والاستنكار واللجوء الى المحافل الدولية لإجبار تركيا على سحب قواتها، فالجميع يعرف أن معظم الدول الكبيرة التي تتحكم بالموقف الدولي شريكة في تنفيذ هذه السيناريوهات المتفق عليها أساساً.

رئيس تحرير شبكة الوحدة الإخبارية في الأردن

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى