الحجّار: موافقة سلام على التحالف الإسلامي مبدئية والقرار النهائي يعود إلى مجلس الوزراء ضمن الأصول
حوار روزانا رمّال تحرير محمد حميّة
أكد عضو كتلة المستقبل النيابية النائب محمد الحجار أنّ «السعودية لم تفرض على لبنان إدراجه ضمن التحالف الإسلامي لمكافحة الإرهاب»، موضحاً أنّ موافقة رئيس الحكومة تمام سلام مبدئية أما القرار النهائي فيعود لمجلس الوزراء ضمن الأصول، مؤيداً ما قاله رئيس المجلس النيابي نبيه بري، بأنّ هذا الأمر سيُبحث خلال جلسة مجلس الوزراء المخصَّصة لدرس ملف النفايات. ودافع الحجار عن موقف سلام من التحالف، مبدياً أسفه إزاء الحملة الإعلامية التي شُنّت عليه، واضعاً إياها في إطار التصويب على المملكة السعودية وقيادتها لهذا التحالف.
وفي حوار مشترك بين صحيفة «البناء» وقناة «توب نيوز»، شدّد الحجار على أنّ «المشاركة في التحالف تكون على مستوى الاستفادة من الخبرات الأمنية والمعدات والأسلحة والدعم الذي يمكن أن يقدّم للجيش، وليس كما قيل مشاركة الجيش في القتال خارج لبنان».
وفي تراجع لافت في موقف تياره تجاه مكافحة الإرهاب، رأى الحجار أنّ «لبنان لم ينأ بنفسه عن الإرهاب ولا يزال يواجهه على الحدود»، موضحاً أنّ «مفهوم النأي بالنفس كما ورد في إعلان بعبدا هو تحييد لبنان عن سياسة المحاور في المنطقة، لكن لا يمكن أن ينأى لبنان بنفسه عن مكافحة الإرهاب بل يجب أن يكون رأس حربة في ذلك».
وفي الملف الرئاسي، أوضح الحجار أنّ «ما قدّمه الحريري بخصوص ترشيح الوزير سليمان فرنجية ليس مبادرة بل أفكار، وعندما يعلنها رسمياً تتحوّل إلى مبادرة»، وأعرب عن اعتقاده بأنّ فريق 8 آذار لم يوافق على فرنجية لأنّ القرار الإيراني لم يأت بعد، نافياً أيّ خلاف بين المستقبل والقوات أو مع أي طرف في 14 آذار يصل حدّ تهديد وحدة 14 آذار».
وإذ رأى أنّ «المستقبل دعم ترشيح فرنجية حليف الرئيس بشار الأسد لإنقاذ البلد»، كشف الحجار أنّ «الطرح قد تفرمل وتراجع منسوب إحداث الاختراق الجدي»، معلناً «أنّ السعودية مستعدة أن تفصل المسارات في المنطقة عن المسار اللبناني، لكنّ إيران تريد إمساك ورقة الرئاسة لتبيع وتشتري بها في بازار المنطقة».
أما في الشأن السوري، فوصف الحجار الشعب السوري بالشقيق والدولة السورية بالشقيقة، ودعا إلى التوصل إلى حلّ سياسي يكفل حقّ كلّ أفراد الشعب السوري ويحافظ على الدولة السورية والجيش العربي السوري، لكن ليس على قاعدة بقاء الرئيس الأسد.
وفي ما يلي نصّ الحوار كاملاً
هل يجوز أن يوافق الرئيس تمّام سلام، حتى ولو في إطار إعلان النيات، على التحالف الذي شكلته السعودية لمكافحة الإرهاب من دون التشاور مع باقي المكونات في مجلس الوزراء؟
ـ نعم يحقّ له كرئيس للحكومة أن يوافق مبدئياً في ظلّ الأوضاع التي يعاني منها لبنان والمنطقة، وخصوصاً في موضوع مكافحة الإرهاب الذي يضرب في المنطقة العربية والإسلامية وأميركا وأوروبا ويسيء إلى صورة العرب والمسلمين والدين الإسلامي وأصبح العنوان الذي وافق عليه سلام من الناحية المبدئية هو إعلان مهمّ جداً للبنانيين، أولاً لأنّ لبنان في مواجهة مع الإرهاب والجيش اللبناني يواجه يومياً المجموعات المسلحة على الحدود، ثانياً الجميع يعلم أنّ الحكومة لا تجتمع بسبب تعطيل فريق معيّن عمل مجلس الوزراء. وبالتالي هذا الأمر يُبتّ سلباً أو إيجاباً في مجلس الوزراء وفي غيابه سيأخذ وقتاً، فوافق سلام مبدئياً. ثالثاً، سلام هو المتحدث باسم الحكومة لكنّ هذا لا يعني أنّ على الحكومة أن تتقيّد ببعض الأمور الإجرائية التي تفرضها الموافقة على التحالف. رابعاً، عندما يوافق رئيس الحكومة على أمر منصوص عليه في البيان الوزاري لا يمكن أن نتهمه بأنه خرج عن الأصول، خامساً، قال سلام إن موقفه مبدئي والأمر سيُبتّ سلباً أو إيجاباً في مجلس الوزراء وهذا موقف الرئيس نبيه بري أيضاً، ونأسف لهذه الحملة الإعلامية التي شُنَّت على الرئيس سلام والتي أظهرت أنّ المشكلة هي بقيادة المملكة السعودية لهذا التحالف.
لكنّ السعودية تعاطت مع موقف سلام على أنه موافقة وأدرجت لبنان ضمن لائحة الدول المشاركة على أساس الموافقة المبدئية. هل التعامل السعودي مع لبنان يحترم السيادة؟ أم ظهر وكأنّ لبنان حصة للسعودية؟ هذا لم يزعج 8 آذار فقط بل أزعج أطرافاً مسيحية داخل 14 آذار أيضاً.
ـ السعودية دولة كبرى في الإقليم ودولة عربية شقيقة وعانت من الإرهاب أكثر من غيرها وهي أول من بدأ الحرب على الإرهاب سابقاً، وأول من واجه تنظيم القاعدة. السعودية مشكورة على ما قامت به ومؤيدة من قبل فريق كبير من اللبنانيين وذلك لحفظ الحقّ العربي في وجه من يريد أن ينتزع هذا الحق من أيدي العرب ويبسط نفوذه على المنطقة العربية تحت شعارات مختلفة، أي المشروع الإيراني والفارسي. أما اعتراض بعض من فريقنا السياسي فيختلف عن اعتراض أخصامنا. فريقنا اعترض انطلاقاً من اعتبارات طائفية، إذ لا يريد إدخال لبنان في تحالف إسلامي قبل أن يتراجع عن موقفه، ولا سيما حزب الكتائب، الذي قال إنّ القرار يعود لمجلس الوزراء.
لو كانت بريطانيا هي التي أدرجت لبنان في تحالف لمكافحة الإرهاب، هل كنتم ستوافقون؟ علماً بأنّ لبنان ليس الوحيد الذي اعترض، بل هناك دول فوجئت بالأمر كباكستان وإندونيسيا وأخرى رفضت كسلطة عُمان؟
ـ السعودية طلبت من سلام أن يشترك لبنان في التحالف بصفته رئيساً لمجلس الوزراء في ظلّ غياب رئيس الجمهورية الذي لا تزال إيران وحلفاؤها يعطلون انتخابه، لكنّ موافقة سلام مبدئية والقرار يعود لمجلس الوزراء ضمن الأصول.
ألا يتناقض هذا الأمر مع سياسة النأي بالنفس التي يتبعها لبنان تجاه أزمات المنطقة؟
ـ الأمر يُناقش داخل مجلس الوزراء وتوضع الإيجابيات وما يراه البعض سلبيات ويتخذ القرار. السعودية لم تفرض على لبنان، الهدف من الاعتراض هو التصويب على السعودية. الرئيس بري قال إنه يمكن بحث الأمر في جلسة مجلس الوزراء إنْ حصلت لبحث ملف النفايات ويتخذ القرار، لذلك نتمنى أن يعود مجلس الوزراء إلى العمل، لأنّ تعطيله يثير المشاكل ويرتدّ سلباً على اللبنانيين والوطن، فليبحث هذا الأمر داخل مجلس الوزراء الذي يضمّ القوى السياسية كافة.
لنتحدث في مفهوم التحالف؟ هل المطلوب أن يترك الجيش عرسال ويقاتل في الرقة؟
ـ بالتأكيد لا، وقد أوضح رئيس الحكومة ذلك. المشاركة في التحالف تكون على مستوى الاستفادة من الخبرات الأمنية والمعدات والأسلحة والدعم الذي يمكن أن يقدّم للجيش كما فعلت السعودية التي أرسلت الهبات إلى الجيش. المشاركة هدفها حماية الحدود الشمالية والشرقية ضدّ الإرهاب، وتوفر الإمكانات التي يقدّمها هذا التحالف للأجهزة الأمنية لفكفكة الخلايا الإرهابية في لبنان.
هل سينتقل لبنان بعد مشاركته في هذا التحالف من مرحلة النأي بالنفس إلى مرحلة جديدة؟
ـ في حال موافقة مجلس الوزراء على المشاركة، أتمنى أن تتوفر للبنان القدرات والإمكانات اللازمة لكي يستطيع حماية حدوده. لبنان لم ينأ بنفسه عن الإرهاب بل يواجهه على الحدود، والنأي بالنفس مفهومه كما ورد في إعلان بعبدا تحييد لبنان عن سياسة المحاور في المنطقة، لكنّ لبنان يعاني من الإرهاب ولا يمكنه النأي بالنفس، بل يجب أن يكون رأس حربة في مكافحة الإرهاب. الأهمّ هو وحدتنا الداخلية والوطنية وإفشال المخططات الإرهابية التي تريد التفريق بيينا، كلبنانيين وكعرب، والالتفاف حول المشترك وهو الدولة بمؤسساتها الشرعية والدستورية. حزب الله يحارب اليوم لدعم النظام في سورية، ويجب أن يضع السلاح تحت إمرة الدولة.
السعودية قالت إنّ مكافحة الإرهاب لن تقتصر على قتال «داعش» والسعودية تصنِّف حزب الله كتنظيم إرهابي ويمكن أن تقصف الحزب الذي هو شريك لكم في البلد، ماذا سيكون موقفكم حينها؟
ـ كلّ شخص يحمل سلاحاً خارج الشرعية هو سلاح إرهابي كما يقول القانون اللبناني. نحن لم نقل إنّ حزب الله إرهابي، ولا نزال على موقفنا كما قال الرئيس الشهيد رفيق الحريري الذي عمل مع الفرنسيين لمنع وضع حزب الله على لائحة الإرهاب. حزب الله لديه مشاكل مع السعودية وكثير من الشعوب العربية، لأنه ارتضى أن يكون فصيلاً إيرانياً يعمل لمصلحة إيران، ولديه خلايا عسكرية في الكويت وفي البحرين واليمن.
بعد 4 سنوات من الأزمة السورية، ألا تعتقد أنّ مشاركة حزب الله في الحرب على الإرهاب أبعدت عن لبنان كارثة كبيرة؟
ـ حقّ الدفاع عن النفس مقدّس، لكن على حزب الله أن يقتنع بدور الجيش وتعزيز قدرته، الجيش يقوم بما يراه مناسباً على الحدود ومُغطى بالقرار السياسي من مجلس الوزراء، لكنّ البعض أراد أن يستخدم الجيش لتدمير عرسال والمدنيين في عرسال. يجب أن ننضوي جميعاً ضمن القرار والقيادة الشرعية ووضع الإمكانات ضمن الجيش، ويجب الاتفاق على الاستراتيجية الدفاعية في مؤتمر الحوار وتعزيز الوحدة الداخلية والوطنية.
هل صحيح أنّ العلاقة بين «القوات» و«المستقبل» ليست جيدة بعد مبادرة الحريري، فالاجتماع الأخير أعلن في الإعلام أنه إيجابي في حين نقلت مصادر أنّ أحد القواتيين قال إنّ ما كُسر قد كُسر؟
ـ ما قدّمه الحريري ليس مبادرة بل أفكار، وعندما يعلنها رسمياً تتحوّل إلى مبادرة. فريق 8 آذار لم يوافق على الوزير سليمان فرنجية لأنّ القرار الإيراني لم يأت بعد. هناك اختلاف في وجهات النظر بين «المستقبل» و»القوات» ومكونات أخرى في 14 آذار، لكنّ ذلك لم يصل إلى خلاف يهدّد وحدتها، فيما نشهد خلافاً جدياً بين العماد عون والوزير فرنجية على خلفية ترشيح الأخير الذي كان من الممكن أن يتمّ انتخابه لو وافقت عليه قوى 8 آذار.
لماذا لم يُعلن الحريري رسمياً ترشيح فرنجية ولماذا لا يتمّ الاتفاق على السلة الكاملة؟ المشكلة في البلد ليست فقط على رئيس الجمهورية بل على رئيس الحكومة وقانون الانتخاب وغيرها من الملفات؟
ـ غياب رئيس الجمهورية أدّى إلى تعطيل كلّ المؤسسات. يجب أن يتوقف التعطيل الذي مارسه حزب الله والتيار الوطني الحر. فرنجية مرشح وأعلنا استعدادنا أن نؤيد ترشيحه وننهي التعطيل ولاحقاً نناقش الأمور الأخرى. هناك لجنة لبحث قانون الانتخاب تجتمع في المجلس النيابي ووضعنا القانون المختلط القائم على النسبية والأكثرية ووقعنا عليه مع «القوات» و»الاشتراكي»، لكنّ إقرار أيّ قانون أو إصداره لا يجوز في غياب رئيس الجمهورية.
لماذا فكر الحريري بفرنجية؟ لو كنتم أقوياء على المستوى الإقليمي لكنتم رشحتم رئيساً من خطكم السياسي، بينما فرنجية صديق للرئيس الأسد؟ هل تريدون التقرّب من الأسد؟ وهل هذا الطرح سعودي؟
ـ هذا يظهر مدى استعدادنا لإنقاذ البلد، لكن يبدو أنّ الطرح قد تفرمل وتراجع منسوب إحداث اختراق جدي. الطرح بدأ محلياً في الأساس وتلقى دعماً أوروبياً وأميركياً وسعودياً، لكنّ إيران لم توافق. السعودية مستعدة أن تفصل المسارات في المنطقة عن المسار اللبناني لكنّ إيران، التي لا نعتبرها دولة عدوة، مشكلتنا معها أنها تريد إمساك ورقة الرئاسة لتبيع وتشتري بها في بازار المنطقة. أما عن موقفنا من الأزمة السورية، فنحن نتمنى أن تنتهي، ونعتبر أنّ الشعب السوري شعب شقيق والدولة السورية شقيقة، ويجب التوصل إلى حلّ سياسي يكفل حقّ كلّ أفراد الشعب السوري ويحافظ على الدولة السورية والجيش العربي السوري، لكن ليس على قاعدة بقاء الرئيس بشار الأسد.