مهرجان ثقافيّ في دمشق يعكس نبض الوطن وتفوّق الفكر على الموت

«سورية شمس الحضارة» عنوان المهرجان الثقافي الذي أقامه «المنتدى الثقافي العراقي» و«هيئة المرأة العراقية»، بالتعاون مع مجموعة «سوريانا» وبرنامج «خطوات» التلفزيوني في مقر المنتدى في دمشق، وتضمن معارض للتصوير الفوتوغرافي والأعمال الفنية، ومحاضرات عن سورية السلام، وعرضاً سينمائياً وفقرات شعرية ومجموعة من الأنشطة للأطفال والشبّان، إضافة إلى بازار للأعمال اليدوية.


الإعلامية إلهام سلطان، المشرفة على المهرجان، أشارت إلى أن المهرجان يضم أنشطة للكبار وأخرى للصغار لإظهار نبض الوطن وإفهام العالم أن بلداً عمره آلاف السنين سيبقى شامخاً، إضافة إلى تكريم المرأة السورية حفيدة عشتار وزنوبيا وجوليا دومنا والخنساء، والتركيز على عروبة سورية وتوعية الطفل من خلال الفكر الذي يتفوّق على الرصاص. وفي محاضرة لها تحدّثت سلطان عن المرأة السورية عبر العصور، لافتة إلى أن سورية غنية بألوف الخنساوات، وأن المرأة السورية تبعث على الفخر بتضحيتها وشموخها وقناعاتها الراسخة بالنصر، نتيجة التراكم الحضاري والجذور الراسخة في الأرض، فالمرأة عماد العالم، وكي نبني الوطن يجب أن نبني المرأة أولاً لتبني بدورها الطفل الذي سيصبح رجلاً.

إلى الدكتورة ملكة أبيض التي ألقت محاضرة حول «المرأة والأم في شعر سليمان العيسى» إذ جمع الشاعر الراحل كل ما قاله عن المرأة في كتاب عنوانه «المرأة في شعري» أصدره عام 1997، وتحدث فيه عن البيئة التي نشأ فيها والتي لم تكن تفرّق بين الرجل والمرأة، سواء في العمل بالزراعة أو في المناسبات الاجتماعية، ولم يكن في بيئته شيء اسمه الحريم، لذا كان يحترم المرأة، خاصة المرأة العاملة والمناضلة والمربية. وتطرقت الدكتورة أبيض إلى احترام المرأة الأم واستعرضت الأناشيد التي كتبها الشاعر الراحل في هذا المجال مثل «ماما ماما يا أنغاما» التي سكنت ذاكرة الأطفال وحفظها الآباء والأمهات، معتبرة أن الأم هي أكثر الناس الذين ضحوا في هذا الوطن بأثمن ما عندها وهم أولادها أو زوجها أو شقيقها، فالمرأة السورية إنسانة معطاءة تحارب على نحو غير مباشر ضد من يستهدف وطنها.

الإعلامية سلوى عباس ألقت بدورها محاضرة وجدانية حول أم الشهيد التي أعطت خلال سنوات الأزمة درساً للعالم كله في الصبر والعطاء والتضحية، وأرضعت أولادها حليب الانتماء والفداء ومحبة الوطن. وأشادت عباس بالجنود الذين لم يتركوا مواقعهم خلال عيد الأم، بل تشبّثوا بتراب سورية التي اعتبروها أمهم الثانية، حاملين قيم أمهم التي ربّتهم على تقديس الوطن.

علي عجيب، فنان تشكيلي شارك في المهرجان بخمس وأربعين لوحة وعملاً فنياً تنتمي إلى الوطن والحالات الإنسانية وتحيي الشهداء والرموز المتعلقة بالجيش العربي السوري كالنسر والقماش المموّه وشعار القوات المسلحة، مستختدماً قصب القمح والخيش وقشر البلوط وأوراق الشجر في أعماله، بالإضافة إلى لوحات طبيعة صامتة وبورتريه.

كذلك شارك «نادي أصدقاء الكاميرا» بمعرض للتصوير الفوتوغرافي تحت عنوان «صور عن بلدنا» ضم أربعين صورة فوتوغرافية عن الحياة في سورية والأوابد الأثرية فيها، وعن الإنسان والمرأة، بعدسات ثلاثين مصوراً ومصورة من الهواة الذين عبّروا من خلال مشاركتهم في هذا المهرجان عن حبهم لوطنهم واستعدادهم للمساهمة في كل ما هو إيجابي لسورية، بحسب تعبير مدير النادي الفنان محمود سالم. ولفت إلى أن «نادي أصدقاء الكاميرا» شارك على مدى خمس سنوات من عمره في العديد من المناسبات الوطنية من خلال ورش التصوير التي يقيمها، كما كانت له مشاركات عديدة على المستويين العربي والعالمي، وحصل على عدة جوائز، لافتاً إلى أن أعضاء النادي هم من الهواة، وبينهم الأطباء والمحامون والمهندسون الذين يصورون بشغف، مثل المحامية رهف مشوح التي شاركت بصورة عن سوق البزورية في دمشق القديمة.

من ناحيتها، تحدثت جمانة القاسم عن البازار الذي يضم أعمالاً وأشغالاً يدوية لسبع سيدات يعود ريعها إلى أبناء الشهداء، مؤكدة أن المرأة السورية، رغم الظروف القاسية التي مرّت بها استطاعت أن تقدم شيئاً إلى الوطن وهي صامدة ومستمرة في العطاء والمساعدة ولو بجزء بسيط لكي تعيل أسرتها.

يتضمن البازار أشغالاً بالخيزران والكروشيه والأكسسوارات والحقائب القماشية والمفارش والشالات والملبوسات وبعض المأكولات الصحية والشموع، وتباع بأسعار الكلفة، كما يتضمن أشغالاً من عمل ذوي الاحتياجات الخاصة الذين دُرّبوا عليها.

في أحد الأجنحة أجرى الدكتور يعرب النبهان المحاضر في جامعة دمشق بعض التجارب العلمية بعدما أحضر المواد الأولية اللازمة لها مثل الحموض وبرادة الحديد والنحاس والسوائل، لإطلاع الطلاب من المرحلتين الابتدائية والإعدادية عليها وإتاحة الفرصة ليجربوا بأنفسهم ويفتحوا أذهانهم بغية إخراجهم من جو التعليم التلقيني وتكوين ثقافة التعليم التجريبي لديهم.

في إطار المهرجان عرض فيلم سينمائي قصير عنوانه «سورية الحب والسلام»، من إخراج فراس قنوت، ويحمل رسالة عن المحبة والتعايش واللوحة الفسيفسائية الجميلة في سورية، كما أقيمت ورش عمل للأطفال حول الشعر وأهمية اللغة العربية وتصويب الأخطاء الشائعة والرسم وسحر الرياضيات.

شارك في المهرجان أيضاً الدكتور عبدالله هاشم الاختصاصي في علم النفس الذي قدم خبرته للإجابة عن الاستشارات النفسية لكلّ من لديه مشكلة أو استفسار من الحضور.

في هذا الإطار، يستعد مركز التدريب الذي يديره الدكتور هاشم لإطلاق مبادرة «إيد بإيد سوريانا أحلى» التي تعنى بتدريب العنصر البشري وتأهيله مجاناً لتحقيق مستوى من الوعي والتطوير النفسي لدى الأشخاص.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى