حقّ المرأة في ضمان عائلتها… رهن تعديل القوانين
يوسف الصايغ
في مفارقة غريبة عجيبة، وبينما يعترف الدستور اللبناني بالمساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات، وبينما يحقّ للزوج العامل المضمون أن يفيد زوجته من تقديمات الضمان الاجتماعي في المرض والأمومة من دون شروط، إلا أنه لا يحقّ للزوجة العاملة أن تفيد زوجها من تقديمات الضمان إلا في حال تجاوز الستين عاماً أو في حال إصابته بعاهة تمنعه من مزاولة العمل. وفي مفارقة أخرى، فإنّ المرأة العاملة ينبغي أن تكون منتسبة للضمان منذ 10 أشهر على الأقلّ قبل الموعد المفترض للولادة، من أجل الإفادة من تعويض الأمومة.
نظراً لما سبق ذكره، وبهدف توعية اللبنانيين على مواد قانون الضمان الاجتماعي المُجحفة في حقّ المرأة، نظمت حملة حقِّك ضمان عيلتك سلسلة نشاطات في مختلف المناطق اللبنانية، بعد أن تمّ إطلاق الحملة في تشرين الثاني الفائت برعاية وزير الصحة وائل أبو فاعور، وعقدت ندوات عدة في المناطق اللبنانية، بالإضافة إلى نشاطات ميدانية للتعريف بأهداف الحملة التي تسعى إلى إعطاء الزوجة حقّ ضمان عائلتها، وتُوِّجت مؤخراً باجتماع مع اللجان النسائية في الأحزاب، بهدف الحصول على الدعم السياسي من هذه القوى لتشريع القانون في مجلس النواب.
المصري
وفي هذا الإطار، أشارت منسّقة المشروع ياسمين المصري في تصريح لـ»البناء» إلى أنّ المشروع الذي تنفذه جمعية «البحث عن أرضيّة مشتركة لبنان Search for Common Ground Lebanon و»ألف تحرك من أجل حقوق الإنسان» ALEF-act for human rights والمموّل من قبل مبادرة الشراكة الأميركية الشرق أوسطيّة وبالتعاون مع 9 جمعيات مجتمع مدني في لبنان، يهدف إلى تعريف المجتمع بالقوانين المُجحفة في حقّ المرأة اللبنانية، وللعمل على تعديل المواد في قانون الضمان الاجتماعي التي تميز بين الرجل والمرأة.
إلى جانب النشاطات التي تمّ تنظيمها في عدد من المناطق اللبنانية، أعلنت المصري «أننا بصدد عقد لقاء مع اللجان النسائية في الأحزاب، وذلك لحثّ العنصر النسائي للضغط في هذا السياق على الأحزاب التي تمثله من أجل السير بمشروع تعديل القوانين التي لا تُنصف المرأة ولا تعطيها حقوقها إسوة بالرجل.
وأضافت «أخذنا بعين الإعتبار الأوضاع الصعبة التي تمرّ بها البلاد في ظلّ الأزمات التي يعيشها لبنان، من أزمة النفايات إلى أزمة الشغور في موقع رئاسة الجمهورية، بالإضافة إلى عدم انعقاد المجلس النيابي واقتصار التشريعات على القوانين التي تحمل صفة الضرورية، ولكننا نقوم بطرح مطالبنا بانتظار الفرصة المؤاتية لإقرار القوانين التي تطالب الحملة بتعديلها».
وعلى صعيد التواصل مع الهيئات الرسمية، قالت المصري: «حاولنا التواصل مع عدد من الوزارات، ولا سيما وزاراة الصحة كونها ترتبط بشكل مباشر بالضمان الاجتماعي، وقامت الوزارة مشكورة برعاية حفل إطلاق الحملة في تشرين الثاني الماضي، وذلك بعد أن تمّ تأجيل إطلاق الحملة بسبب الظروف التي عاشها لبنان، على خلفية الحراك الشعبي».
وأضافت: «نحن بصدد عقد اجتماع مع الجهات المعنية في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي للبحث في المطالب التي تعمل الحملة على تحقيقها، وعلى أمل أن تنجح الحملة في تحقيق المساواة بين الرجل والمرأة لجهة القوانين المتعلقة بالضمان».
اللجنة الأهلية لمتابعة قضايا المرأة
وأكدت ندى مكي التي تشارك في الحملة، ممثلة اللجنة الأهلية لمتابعة قضايا المرأة لـ»البناء» أنّ اللجنة تعمل منذ تأسيسها «على تعديل المواد المجحفة في حق المرأة، ولا سيما تلك المتعلقة بالضمان الاجتماعي، وقد تمّ تعديل بعض القوانين لكن لا يزال هناك عدد من المواد في قانون الضمان التي ما زالت في حاجة إلى تعديل، ولا سيما المواد: 14، 16، 25، 46، 47 التي نطمح إلى تعديلها وحملة حقك ضمان عيلتك خطوة على هذا الدرب».
وأشارت مكي إلى «أنّ الحملة قامت بنشاطات عدة في المناطق اللبنانية وبالتعاون مع الجمعيات التي تُعنى بشؤون المرأة، وذلك بهدف تعريفهم بالتمييز الحاصل بين المرأة والرجل في المواد المتعلقة بالضمان الاجتماعي، وإعطائهم الفرصة للمطالبة بحقوقهن، وتمّ شرح المواد القانونية بشكل سهل وبسيط بهدف تعريف أوسع شريحة مُمكنة من النساء بحقوقهن بلغة سهلة وغير معقدة».
ولفتت إلى «أنّ الحملة بصدد عقد طاولة مستديرة مع اللجان النسائية في الأحزاب وذلك للتأكيد على دورها في حثّ أحزابها على السير في مشروع تعديل قوانين الضمان المجحفة في حقّ المرأة»، مشيرة إلى «أنّ بعض النساء في الأحزاب لا يعرفون مدى الإجحاف اللاحق بهن في القوانين، ولا سيما في الضمان الاجتماعي». وقالت: «هذا التمييز الذي يمنع النساء من الوصول إلى مراكز صُنع القرار حتى داخل أحزابهن، فدور اللجان النسائية في الأحزاب لا يجب أن يقتصر فقط على المطالبة بتعديل القوانين التي تميز بين المرأة والرجل في ما يتعلق فقط بمسألة الضمان الاجتماعي بل يجب أن يشمل كافة القوانين المجحفة في حقّ المرأة بشكل عام وعلى كافة المستويات».
وختمت مكي مؤكدة «أنّ الجميع مسؤول عن المطالبة بتعديل المواد التي تميز بين الرجل والمرأة وهي ليست مسؤولية المجتمع المدني فقط، بل هو يقوم بدوره في تعريف المواطنين على حقوقهم».
المواد المُجحفة
إنّ المواد التي تدعو الحملة إلى تعديلها وأشرف على إعدادها رئيس منظمة «جوستيسيا» الحقوقية المحامي بول مرقص هي: المادة 14 تحديد الأشخاص المضمونين : الزوجة المضمونة لا تفيد زوجها إلا في حال تجاوز عمره الستين عاماً أو في حال عدم قدرته على تأمين معيشته بسبب عاهة جسدية أو عقلية، على الرغم من مساهمة المرأة بالنسبة نفسها التي يساهم بها الموظف أو العامل العامل في صندوق الضمان الاجتماعي، والتعديل المطلوب هو إقرار المساواة بغية إفادة المرأة العاملة والمنتسبة إلى الضمان الاجتماعي عن زوجها الذي لا يعمل وغير المضمون، من دون شروط، وذلك أسوة بالرجل الذي يفيد زوجته من دون شروط.
المادة 16 استحقاق تقديمات المرض : من أجل استفادة المضمونة من تعويض الأمومة يجب أن تكون منتسبة إلى الضمان الاجتماعي منذ 10 أشهر على الأقلّ قبل الموعد المُفترض. والتعديل المطلوب هو: إلغاء شرط ربط الاستفادة من تعويضات الأمومة بانتساب المضمونة إلى الضمان قبل 10 أشهر عبر توحيد مدة الانتساب بين المضمون أو المضمونة للاستفادة من تعويضات الأمومة. وهي المادة التي عبرت عنها الحملة برسم كاريكاتوري لحامل تخاطب جنينها: ماما بدك تنطر عالقليلة لآخر العاشر .
المادة 26 حقّ المضمونة بتعويض الأمومة : للمضمونة الحقّ بتعويض الأمومة طوال فترة الـ 10 أسابيع التي تقع خلالها الولادة ، شرط أن تمتنع عن العمل وألا تتقاضى أي أجر خلال تلك الفترة. والتعديل المطلوب: زيادة تعويض الأمومة من خلال إعطاء المضمونة كامل الأجر خلال الأسابيع العشرة لا ثلثي الأجر.
المادة 46 إنشاء صندوق التقديمات العائلية والتعليمية : لا تستفيد الزوجة المضمونة من أي تقديمات عائلية وتعليمية عن زوجها الذي يقيم في البيت إذا لم يكن يزاول عملاً مأجوراً. والتعديل المطلوب: مساواة الزوجة بالزوج، لجهة استفادتها من التعويض العائلي عن زوجها.
المادة 47 كيفية إعطاء التقديمات العائلية والتعليمية : تدفع التقديمات العائلية عن الأولاد للوالدة فقط في حال كان الزوج الوالد لا يحقّ له الاستفادة من تقديمات الضمان الاجتماعي، أو إذا كان الأولاد في عهدتها وحدها أو تحت وصايتها أو إذا كانت أرملة أو مطلقة أو هاجرة قضائياً أو كان زوجها مسجوناً أو مفقوداً أو عاجزاً. والتعديل المطلوب: المساواة بين الوالد والوالدة المضمونين للاستفادة من التعويض العائلي عن الأولاد. وبالتالي لا يُعطى الوالد الحقّ بأكثر من تعويض عائلي فتدفع التعويضات العائلية للوالد أو الوالدة، بحسب من يصرح منهما بأخذ الأولاد على عاتقه، شرط أن يتنازل الآخر عن الاستفادة من التعويضات العائلية من مصدر آخر.