واشنطن تسلّم بفشلها بإسقاط الأسد وتتقدّم بمشروع أممي يترك الرئاسة للسوريين حوار ووقف للنار خلال شهر… ودستور وانتخابات برعاية أممية في سنة ونصف

كتب المحرّر السياسي

للمرة الأولى منذ أربع سنوات يتمكّن مجلس الأمن من إصدار قرار يحظى بإجماع أعضائه الذين انقسموا طيلة السنوات الماضية بين صفّ تقوده واشنطن وصفّ تقوده موسكو، حول مستقبل سورية ودور رئيسها في هذا المستقبل، والحرب التي أُديرت من واشنطن على سورية لإسقاط رئيسها، تحطّ رحالها في هذا القرار بالتسليم لروسيا بعدما صارت قواتها على الأرض وفي الأجواء والبحار، أنها صاحبة اليد العليا في هذا الملفّ، وبعد التسليم بأنّ إسقاط الرئيس السوري فوق طاقتها وطاقة حلفائها، وبأنّ العناد ومواصلة الحرب تحت هذا الشعار لن يغيّر في الموازين شيئاً، بل سيؤدّي إلى تجذّر التنظيمات الإرهابية، التي صارت قواعدها في سورية مرتكزات لحربها في بلاد الغرب.

ربح الرئيس السوري بشار الأسد الحرب الديبلوماسية مع ثبات حلفائه وثبات قواته وثبات شعبه، وفي الميدان يربح المزيد كلّ يوم، ليرتسم حلف الرابحين وحلف الخاسرين مقابله، حيث يندب الثنائي التركي السعودي حظهما العاثر، والغدر الأميركي بهما، كما يندب رئيس حزب القوات اللبنانية اليوم ما يسمّيه غدر الرئيس الحريري به، وشعار هذا الحلف الممتدّ من واشنطن إلى معراب، مروراً بالرياض وأنقرة وبيت الوسط: نغدر ويغدرون.

يقف الفرنسي والبريطاني للتعزية بكلمات تعيد التمسك بالهدف الذي سقط، عسى التعزية تساعد التركي والسعودي بتحمّل أوزار الهزيمة وأوجاع الصفعة، بعيداً عن مدى فاعلية القرار ومدى آماله بالتحقق واقعياً، بتطبيق بنوده، من وقف إطلاق للنار وبدء للحوار خلال شهر كانون الثاني المقبل، إلى الدعوة لحكومة موحّدة تشرف على وضع دستور جديد وإجراء انتخابات تحت الرعاية الأممية، وهي أهداف تصطدم بمجموعة عقبات أولها تصنيف التنظيمات التي يشملها وقف النار، وبالتالي من يتبقى منها للمشاركة في الحوار، وهي أمور لا تزال عالقة بين المشاركين في لقاء نيويورك، إلا أنّ القرار يقدّم إطاراً سياسياً ديبلوماسياً للحرب التي تخوضها سورية في وجه مشروع خارجي استهدف قرارها المستقلّ، ووضعها تحت الانتداب الأجنبي وتعيين هيئة حكم لها، بعد إسقاط رئيسها كرمز لقرارها المستقلّ وثوابتها المقاومة والعلمانية.

في لبنان سيقرأ الذين تورّطوا في حرب سورية تحت شعار إسقاط رئيسها، بتمعّن نصّ القرار حول سورية وسيقارنونه بالمشروع الذي أسقطه الفيتو الروسي الصيني قبل أربع سنوات وما نصّ عليه من دعوة الرئيس السوري إلى التنحّي وتسليم سلطاته الدستورية لنائبه فاروق الشرع، وسيعيدون الكثير من الحسابات، بما فيها مسارات الرئاسة وقانون الانتخابات النيابية، ومكانة الذين أُخذ عليهم أنهم ربطوا مصيرهم بمصير الرئيس السوري وهم اليوم على ضفة الرابحين باعتراف أميركي ترجمه قيام واشنطن بتقديم مشروع القرار الذي كشف الرئيس الروسي أنه صار موضوع تفاهم روسي أميركي.

في لبنان ارتفعت وتيرة السجال بين تيار المستقبل وحزب الله حول التحالف الذي تقوده السعودية، وتورّط رئيس الحكومة تمام سلام بإعلان الانضمام اللبناني إليه، وعارضه حزب الله بقوة، والبارز كان انضمام السفير السعودي علي عواض العسيري إلى جوقة التهجّم على حزب الله بصورة مثيرة للاستغراب، بينما تجتمع الحكومة اللبنانية بأمل التفاهم على خطة لترحيل النفايات وتواجه اختباراً أول منذ شهور على هذا الصعيد في قدرة صناعة تفاهم الممكن في ظلّ انقسامات سياسية حادّة تولّدت على خلفية تداعيات التسوية الرئاسية التي تبناها الرئيس سعد الحريري.

جلسة حكومية الإثنين

تصدّرت الدعوة التي وجّهها رئيس الحكومة تمام سلام لجلسة لمجلس الوزراء الإثنين المقبل لتناقش خطة ترحيل النفايات واتخاذ القرارات المناسبة في شأنها، واجهة الاهتمام المحلي، ومن المتوقع أن يتمحور النقاش في هذه الجلسة حول كيفية تأمين التغطية المالية لخطة ترحيل النفايات إلى الخارج ودرس المبالغ المتوقعة.

ووجّه سلام دعوة لعقد جلسة للمجلس عند الرابعة والنصف من بعد ظهر الاثنين لبحث اقتراحات وزير الزراعة لمعالجة وضع النفايات المنزلية الصلبة واتخاذ القرارات المناسبة بشأنها.

وبُعيد دعوته للجلسة الوزارية، انتقل سلام إلى عين التينة حيث اجتمع برئيس مجلس النواب نبيه بري. وأكد سلام بعد اللقاء أن «هناك إيجابية في ملف النفايات وثمة تصور سيتم طرحه كاملاً لتستكمل مستلزمات هذا الترحيل». ولفت إلى أن «الجلسة ستكون مخصصة للبحث في موضوع النفايات».

عقبات مالية وتقنية

وأشار وزير التنمية الإدارية نبيل دي فريج لـ«البناء» إلى أن «مجلس الوزراء سيعرض في جلسة الإثنين ما توصلت إليه لجنة النفايات في قضية الترحيل إلى الخارج وستطلع اللجنة الوزراء على تفاصيل المشروع لا سيما من الناحية المالية»، متوقعاً أن يحصل إجماع على خيار الترحيل وتوافق لإنهاء أزمة النفايات وإزالة مئات الأطنان من النفايات الموضوعة على الطرقات».

وأكد دي فريج أن «المجلس سيبحث بشكلٍ رئيسي العقبات المالية والتقنية التي لم تحل بعد وسيتخذ قرار نهائي بشأنها»، داعياً وزراء التيار الوطني الحر إلى التنبّه من أخطار عدم الموافقة على هذا الخيار أو عرقلته في مجلس الوزراء، «لأن المناطق المحسوبة عليه هي أكثر المناطق تضرراً جراء هذه الأزمة لا سيما المتن وكسروان وبيروت».

وعلمت «البناء» من مصادر وزارية أن «وزير المالية علي حسن خليل رفض أن يتحمّل المسؤولية وحده لناحية تأمين التكاليف المالية المطلوبة لمشروع الترحيل، بل فضّل وطلب أن يتحمل مجلس الوزراء هذه المسؤولية وبالتالي هو سيطبق قرار المجلس في هذا الخصوص».

العقدة بقانون الانتخاب

على خطٍ موازٍ انشغلت الأوساط السياسية في قراءة المواقف التي أطلقها رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية أول من أمس، وما إذا كانت مواقفه قد أعطت زخماً لمبادرة الرئيس سعد الحريري أم تراجعاً إلى الوراء.

ورفضت مصادر مقربة من الرابية اعتبار مواقف فرنجية سلبية، وأشارت لـ«البناء» إلى أن فرنجية مكوّن أساسي في تكتل التغيير والإصلاح وجزء من خطه السياسي، «لكن النقطة الخلافية معه والعقدة تتعلق بقانون الانتخاب الذي لا يعتبره العماد ميشال عون خاضعاً فقط للانقسام السياسي في البلد لأنه انقسام مفتعل بهدف التغطية على سرقة حق المسيحيين المكرّس في الدستور».

وشددت المصادر على أن «عون ومعه معظم المسيحيين لن يستسلموا إلى قدرية وحتمية الوصول إلى قانون الستين، وبالتالي استمرار إنتاج النواب المسيحيين من قبل شركائنا في الوطن وإنتاج أكثريات تشبه الأكثريات الحالية في المجلس النيابي».

وأيدت المصادر اقتراح الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله القاضي بحل الرزمة الكاملة المتكاملة، «أي قانون انتخاب عادل ومنصف وانتخاب رئيس جمهورية بمعزل عن شخصية الرئيس أكان العماد عون أم الوزير فرنجية وهذا إلزامي وضروري لنجاح أي صيغة تنهي الفراغ الرئاسي».

وإذ رفضت المصادر التعليق على نظرة ومقاربة عون لمواقف فرنجية، أشارت إلى أن ما يقوله عون يعكس إرادة معظم المسيحيين.

وعن وضع مبادرة الحريري بعد كلام فرنجية، لفتت المصادر إلى تصريحات بعض صقور تيار المستقبل وتفسيرهم لمبادرة الحريري على أنها ليست سوى أفكار لم تصل حد المبادرة أو الاتفاق.

المبادرة مستمرة

في المقابل أكدت مصادر المستقبل لـ«البناء» أن «المبادرة مستمرة ولو مرّت بمرحلة من التباطؤ، لكن العمل جارٍ بعيداً عن الأضواء لتأمين الإجماع المطلوب لتأخذ المبادرة الطابع الشامل، كما قال الرئيس الحريري في السابق».

ولم تؤكد المصادر المعلومات التي تحدثت عن إطلالة إعلامية مرتقبة للحريري لإطلاع الرأي العام على تفاصيل المبادرة، كما فعل فرنجية، لكنها أكدت أن لا شيء يمنع الحريري من ذلك، «لأنه جدي في طرحه لكنه تريث بإعلانها رسمياً لمعرفة موقف الطرف الآخر منها».

وإذ أقرت المصادر باستمرار الخلاف بين «المستقبل» و«القوات» حول ملف الرئاسة، نفت أن يكون ذلك عقبة أمام استمرار الطرفين وتمسكهما بالتحالف.

جنبلاط: مقاربة فرنجية واقعية

ورأى رئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط أن «فرنجية أجاد بالأمس»، لافتاً عبر «تويتر» إلى «أن مقاربته للأمور واقعية وصريحة وعملية بعيداً من الشعارات الرنانة لبعض الساسة المتفلسفين». وأكد في المقابل، أن «التلاقي الغريب والعجيب للأضداد في تعطيل الانتخابات الرئاسية، يُضرّ بالاستقرار والمؤسسات والاقتصاد وهو نوع من العبث السياسي».

وكشف وزير الصحة العامة وائل ابو فاعور، أن «هناك الكثير من الاتصالات غير المعلنة والتي تؤكد أن هذه التسوية المطروحة تحصد تقدماً تلو التقدم، وبعض المواقف التي كانت تبدو في لحظات معينة أنها تقارب المستحيل في موقفها من هذه المبادرة بدأت تتعاطى معها على قاعدة إيجابية».

بوصعب: عون مرشح 8 آذار

ورفض وزير التربية الياس بو صعب، التعليق على كلام فرنجية، مشدداً على أنه «وحتى تاريخه العماد ميشال عون مرشح أكثر من أي وقت مضى ليكون رئيساً، وفريق الثامن من آذار يقف خلفه».

رعد: على مموّل الإرهاب أن يخجل

واستمر الجدل السياسي الداخلي حول مسألة انضمام لبنان إلى التحالف الإسلامي الذي شكلته السعودية لمكافحة الإرهاب، وأكد رئيس «كتلة الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد أنه «لا يحق لمن يدعم الإرهاب أن يتحدث عن مكافحة الإرهاب، وأن على الذي يمول الإرهاب أن يخجل ويستحي، ويخرج من ساحة المواجهة والصراع قبل أن ينشئ التحالفات ويدعو إلى إنشائها».

وتساءل رعد في تصريح: «أي إرهاب ستتم مواجهته؟ في حين أنكم مَن صنع الإرهاب، وأنتم منبعه وحماته ووكلاء الدفاع عنه، وأي نفاق هذا الذي يحاول البعض أن يروّجه»، مشيراً «إلى الترحيبات على الطريقة اللبنانية والمجاملات والإطراءات».

..وانضمام لبنان يُبَتّ في مجلس الوزراء

وأكدت مصادر وزارية في تيار المستقبل لـ«البناء» على ما قاله سلام بأن موضوع انضمام لبنان إلى التحالف لن يبحث في جلسة مجلس الوزراء الإثنين لتجنب أي خلافٍ قد ينشب بين الأطراف السياسية، ورأت في تشكيل التحالف فكرة جيدة وأن مشاركة لبنان مفيدة وإيجابية، لكن ضمن إطار الدستور وبناء على قرار من مجلس الوزراء ولا أحد يستطيع أن يقرّر وحده في هذا الموضوع.

وأسف سفير المملكة العربية السعودية علي عواض عسيري، في تصريح، لـ«تعجّل بعض الجهات في انتقاد التحالف الإسلامي لمكافحة الإرهاب وسوء فهم أهدافه عبر الغوص في تحليلات ورسم سيناريوات افتراضية بعيدة عن الواقع».

وأكد «أن قرارات المملكة العربية السعودية نابعة من قناعاتها ومن حرصها على مصلحة الأمتين العربية والإسلامية، ولا تستطيع أي جهة أن تملي على المملكة قراراتها، فيما بعض الجهات ترهن نفسها بمشاريع مشبوهة تهدف إلى شرذمة دول المنطقة وشق الصف العربي وإثارة النعرات المذهبية».

المعلومات يترك 2 من مرافقي يعقوب

في جديد قضية توقيف النائب السابق حسن يعقوب وبعد استدعاء أربعة من مرافقي يعقوب للاستماع إلى إفاداتهم في القضية، ترك فرع المعلومات، اثنين منهم وأبقى على اثنين آخرين استكمالاً للتحقيقات في هذا الملف.

وكشف علي يعقوب شقيق النائب يعقوب، خلال اللقاء التضامني مع يعقوب أمام قصر العدل، أن وزير العدل الليبي طلب من الوفد الرسمي اللبناني الذهاب إلى ليبيا فوراً لإطلاعه على ملابسات القضية، واصفاً استدراج كل عائلة يعقوب إلى التحقيق بـ«العار».

وأعلن يعقوب «الاعتصام اليوم أمام قصر العدل الساعة 10 صباحاً وهي وقت انتهاء مهلة التوقيف 48 ساعة»، وهدّد «بخطوات تصعيدية إن لم يصل هذا الأمر لخواتيم إيجابية».

وكان أهالي بلدة مقنة قد أقفلوا طريق مقنة – بعلبك – الهرمل بالإطارات المشتعلة ومنعوا حركة المرور، احتجاجاً على توقيف يعقوب. وأقدم المعتصمون على قطع الطريق أمام منزل المدعي العام التمييزي القاضي سمير حمود في وطى المصيطبة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى