عالمة الآثار مونيكا حنا تحذّر: كنوز مصر الأثرية بدأت في النفاد
كتب محمد الحمامصي: كرّمت منظمة «المحافظة على الآثار لأجل الجميع» غير الربحية خريجة الجامعة الأميركية في القاهرة مونيكا حنا، الحائزة بكالوريوس عام 2004 وماجستير عام 2007، لجهودها الهائلة في مجال فضح عمليات النهب المنظم للآثار المصرية والقبطية والإسلامية القديمة ونشر ذلك في الأوساط العالمية كافة. وأكد موقع المنظمة على أن مونيكا حنا هي عالمة آثار مصرية لا تعرف الكلل وتقوم وحدها بفضح عمليات النهب المنظم للآثار المصرية، بل ذهبت أبعد من ذلك وواجهت عصابات النهب المسلح بنفسها». وتسافر حنا إلى نيويورك في نيسان الجاري بوصفها واحدة ضمن أربعة أفراد يكوّنون فريق عمل مهمته الأساسية الحفاظ على تراث مصر الثقافي من الضياع، وتتسلم جائزة «بيكون» التي تقدمها منظمة «المحافظة على الآثار لأجل الجميع». وتُمنح هذه الجائزة تقديراً للجهود المبذولة في مجال رفع الوعي العام بضرورة المحافظة على التراث الثقافي وحمايته من الضياع، بالإضافة إلى مواجهة الآثار السلبية المترتبة على عملية التجارة غير الشرعية في الآثار. وظهرت الجائزة التي تقدمها المنظمة للمرة الأولى إلى النور في 2004، ومنحتها المنظمة لعدد كبير من المؤلفين والصحافيين والأساتذة الجامعيين وعدد من القائمين على تنفيذ القانون، بالإضافة إلى بعض علماء الآثار. تعمل حنا بالتعاون مع ثلاثة من أصدقائها لإنقاذ آثار مصر ومعالمها من الضياع، منذ 25 كانون الثاني 2011. فبعد إبلاغ فريق العمل بإحدى عمليات النهب، يسافر الفريق إلى الموقع الأثري الذي تعرّضت آثاره للسرقة ويبدأ تحقيقاً في الواقعة ويصوّر التلف الحاصل والبقايا الأثرية ـ إذا كانت موجودة ـ يسجل الخسائر ويعقد مقارنة بين الصور الحديثة وصور الموقع في حالته القديمة المتوافرة بين الصور على غوغل وصوّرت بالأقمار الاصطناعية.
تقول حنا: «نعرف دوماً بحالات السرقة والنهب التي تتعرض لها المواقع الأثرية في مصر، لأن القائمين على مراقبة المواقع يبلغوننا بذلك عند حدوثه. وفي أحيان أخرى نعلم بحالات السرقة من الصحف أو وسائل الإعلام المتعددة. مثلاً، علمنا بسرقة آثار أبو صير الملق في حينها إذ كانت هناك مجموعة من الأصدقاء في طريقهم إلى بني سويف واتصلوا بنا لإبلاغنا أن ثمة توابيت ملونة معروضة للبيع في المنطقة». وترى «أن أسوأ حالات النهب والسرقة حدثت في المواقع الأثرية في مصر الوسطى، إذ يزورها عدد قليل من السياح في الوقت الراهن، وفي الوقت نفسه يقوم سكان المنطقة بعمليات السرقة ليعوضوا النقص في عدد السياح. كانت كلّ من مقبرة منف وبني سويف والمنيا وأخميم في سوهاج والدتا تحوي عدداً كبيراً من المعالم الأثرية الموجودة منذ القدم، لكن يا للأسف، العديد من تلك المواقع خال تماماً من الآثار راهناً». وتعتبر أنصّنا من ضمن المناطق التي تضررت بشدة من عمليات السرقة والنهب، إذ كانت ذات يوم موقعاً يحوي العديد من الآثار القبطية القديمة. وتضيف حنا في ضيق: «اختفت مقابر وتوابيت ومومياوات ولوحات جدارية بأكملها في ليلة وضحاها».
ترى حنا أن مرتكبي عمليات السرقة والنهب للآثار المصرية القديمة ينقسمون فريقين «سكان من المنطقة يعانون الفقر الشديد، ومافيا منظمة لسرقة الآثار مزودة بأحدث التقنيات». وتملك عصابات المافيا سيارات الدفع الرباعي ومعدات الحفر الحديثة وهي على درجة عالية من الخطورة، فعناصرها يحملون أسلحة آلية ويعمل في خدمتهم عدد من علماء الآثار وخبراء التحف من معدومي الضمير الذين باعوا شرف المهنة لقاء حفنة من النقود. تقول حنا: «يعرفون تماماً المكان الذين يحفرون فيه ويملكون القدرة على تقويم الآثار من الناحية المادية»، وتضيف قائلة: «إذا كان هناك أي أمل في الحفاظ على مقتنيات مصر من التحف والآثار، علينا أن نبدأ فوراً في عملية إصلاح جادة».
تؤكد حنا على ضرورة البدء فوراً في عملية إنقاذ آثار مصر من الضياع، ويجب ألا نمنح أي امتيازات جديدة، ويجب أن نبدأ فوراً مهمة إنقاذ عاجلة بالتعاون مع فرق عمل من الخارج لحصر الآثار المتبقية والحفاظ عليها». وتضيف «أعتقد أن الناس لا يدرون حقيقةً بالحالة السيئة التي وصلت إليها الآثار المصرية، إذ بدأت كنوزنا الأثرية في النفاد، وسيكون الأثر السلبي كبيراً على المدى الطويل. ولننظر إلى بني سويف مثلاً، فهي تحوي أبو صير الملق وهو موقع أثري مساحته نحو 500 فدان. وكان ممكناً بناء متحف عام في ذلك المكان، وتوظيف سكان المنطقة للعمل في الموقع، إلاّ أن ذلك لم يعد ممكناً الآن لأن المنطقة بأكملها تعاني عمليات الحفر ونهبت الكنوز الأثرية التي كانت تحويها كلها».
في تطور إيجابي للحوادث، ساهم تسليط الضوء على فريق العمل التي تضم حنا وفوزها بالجائزة في دعم الجهود المحلية والخارجية لإنقاذ الآثار المصرية. تؤكد حنا: «سنستمر بالتأكيد في جذب مزيد من الانتباه إلى قضيتنا حتى يستوعب الناس مدى خطورة المشكلة التي نتعامل معها، وأنها مشكلة يجب تضافر الجهود كافة لمواجهتها. إن مسؤولية كل مصري الآن أن يقف لمواجهة المشكلة ويتصرّف فوراً. على كل أفراد الشعب مواجهة عصابات سرقة الآثار والإبلاغ عن أي محاولة لبيع الآثار والأنتيكتات أو أي محاولة للحفر في المواقع الأثرية، أو لن يتبقى شيء من الآثار المصرية».