بوتين: قوة موقفنا في سورية نابعة من مصداقيتنا
اعتبر الرئيس فلاديمير بوتين أن السر في قوة وثبات الموقف الروسي في سورية يكمن في مصداقية موسكو وتبنيها العقلانية في خطواتها، مشيراً إلى أن روسيا «تتعاون مع الرئيس الأسد، ومع الجانب الأميركي بسهولة، ذلك أنها لا تراوغ ولا تبدل مواقفها، حيث استمعت إلى الجميع واختارت مسارها الذي يبدو لها أنه يرضي الجميع».
وأضاف الرئيس الروسي أمس في مقابلة تلفزيونية «لقد صغنا موقفنا حينها استناداً إلى مقومات عامة ومقبولة، ومنه فنحن لسنا بحاجة إلى التنطط بين جانب وآخر كالبرغوث على حبل جر الحيوانات»، مؤكداً أن الموقف الروسي قائم على أساس الحوارات التي أجرتها موسكو، وهذا الأمر بحد ذاته ما يعزز طرحها.
وجدد بوتين التأكيد في هذه المناسبة على تقيد روسيا التام بعدم نقض العهود التي تقطعها، و«عدم الإخلال بتنفيذ الالتزامات التي تتعهد بها بلادنا». ولفت النظر إلى أن تطبيق روسيا التزاماتها نابع بالدرجة الأولى من البراغماتية، وعدم إهمالها المبادئ الأخلاقية «بما يخدم تسهيل العمل وفقاً لذلك».
وقال الرئيس بوتين إنه حذر شركاء روسيا الغربيين دوماً من تطبيق معاييرهم عن الديموقراطية على دول وشعوب أخرى ذات ثقافة وتقاليد وأديان خاصة بها، لكن تحذيرات روسيا لا يسمعها الزعماء الغربيون وذلك ليس فقط بسبب كبريائهم بل لأنهم لا يشعرون بأي مسؤولية عن تبعات نهجهم هذا.
وأشار إلى أن روسيا لا تخشى من التدخل في الشؤون العالمية لكنها تتصرف على الساحة الدولية بحذر كبير لتفادي أي تبعات سلبية بالنسية لها من قراراتها، و أكد موقفه الرافض لممارسة استخدام القوة من أجل إسقاط حكومات وإن بدت غير مثالية.
وأشار بوتني إلى أنه لا يجوز تدمير مؤسسات دولة في مثل هذه البلدان وزعزعة الحكومات الشرعية فيها، أما المعارضة التي تواجه هذه الحكومات فيمكن دعمها مادياً وسياسياً وإعلامياً بأساليب شرعية لا تنتهك القانون الدولي.
من ناحيته، أكد وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، أنه لن يكون هناك أي وقف لإطلاق النار ضد «داعش» و«جبهة النصرة» و«القاعدة» في سورية، مشيراً إلى أن عملية وقف إطلاق النار والفترة الانتقالية السياسية ستسيران على خطّين، الأول هو أن تلتقي الحكومة السورية والمعارضة، التي تريد مستقبل آمن لسورية، والثاني، أن يتوقف دعم المجموعات المتطرفة، وتأمين مرورهم ومدهم بالسلاح والمال.
ولفت وزير الخارجية الإيراني إلى تغير لهجة أكثر واقعية من الأوروبيين والغرب بشكل عام وأحياناً في الموقف الأميركي، موضحاً أن الحديث عن استعداد الرئيس السوري للتنحي بمثابة افتراض يسبق المفاوضات، وأن محاولات إقرار نتائج المفاوضات قبل بدء أمر غير مقبول.
وعبر ظريف عن اعتقاده بأن الرئيس السوري سيكون جاهزاً لأي نتيجة سيفضي إليها الحوار السوري – السوري ويعكس إرادة الشعب، مشيراً إلى أن إيران تؤمن بأنه ليس من شأنها ولا من شأن أي أحد أن يقرر مصير أي شخصية في بلد آخر.
وكان مساعد وزیر الخارجیة الإيراني للشؤون العربیة والأفریقیة أمیر عبداللهیان، أكد في وقت سابق أنه «لا محل للإرهابیین في الحوار السوري السوري»، مؤكداً أن طهران ستواصل دعمها لدمشق.
وأكد عبد اللهيان وجود خلافات رئیسیة بشأن مفهوم الجماعات الإرهابیة خلال اجتماعات نيويورك، مشيراً إلى أن الوزير ظريف الذي ترأس الوفد الإیراني، استطاع وبالأدلة التي قدمها أن یمنع المصادقة علی قائمة لم تستند إلى أسس صحیحة بأسماء الجماعات الإرهابیة، حیث تقرر أن تشكل مجموعة عمل مؤلفة من إیران وروسیا وعمان ومصر وتركیا والأردن وفرنسا لإعداد قائمة جدیدة وتقدیمها للأمم المتحدة.
وأشار المسؤول الإيراني الى دعم بلاده لوقف الاشتباكات ومكافحة الإرهاب وبدء المسار السیاسي وتمهید أرضیة عودة اللاجئین إلی وطنهم، مشدداً على أن طهران وموسكو وعدداً آخر من الدول المشاركة في الاجتماع أكدت أن الشعب السوري هو الذي یقرر مصیر بلاده بنفسه، وقال: «نحن نتوقع من القرار الجدید للأمم المتحدة أن یعزز مسار مكافحة الإرهاب والعملیة السیاسیة في سوریة علی أساس التزام الدول وفقاً لآراء الشعب».
وتابع قوله: «قد ولی ذلك الزمن الذي یستخدم فيه الإرهاب كأداة لتحقیق الأهداف والتدخل في شأن سوریة الداخلي». ووصف الاستقلال والسیادة والوحدة الوطنیة ووحدة التراب السوري بأنها من المبادئ الرئیسیة لحل الأزمة السوریة.
في غضون ذلك، اعتبر الأمين العام لجامعة الدول العربية، نبيل العربي، أن تبني مجلس الأمن وبالإجماع للقرار 2254 بشأن سورية قد فتح المجال وللمرة الأولى بأن تكون هناك فرصة لمعالجة جدية للأزمة السورية.
وأعرب العربي، عن ترحيبه بصدور هذا القرار الذي طال انتظاره، مؤكداً أهمية ما تحقق في مجلس الأمن من إجماع دولي في هذا الشأن، واستعداد الجامعة لمواصلة جهودها بالتنسيق مع مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة، والعمل سوياً مع مجموعة الدعم الدولية الخاصة بسورية من أجل تذليل ما يعترض تنفيذ هذا القرار من عقبات.
ميدانياً، سيطر الجيش السوري أمس بشكل كامل على بلدة خان طومان الاستراتيجية وعلى رحبة المدرّعات في ريف حلف الجنوبي الغربي، والتي تعد المعقل الرئيس لمسلحي تنظيم «جيش الفتح» الارهابي في الريف الحلبي.
وأفاد مصدر عسكري بأن وحدات من الجيش السوري نفذت عملية نوعية وسريعة فرضت خلالها السيطرة الكاملة على قرية قراصي ومنطقة المستودعات المحيطة بها جنوب مدينة حلب، فيما واصل الجيش تقدمه باتجاه بلدة الزربة.
وتشكل بلدة خان طومان أهمية كبيرة كونها معقلاً لـ«جبهة النصرة»، وبسبب موقعها في الشمال الغربي لريف حلب الجنوبي، فهي تشكل البوابة الجنوبية الغربية لمدينة حلب، وبوابة رئيسية نحو ريف حلب الغربي والشمالي على السواء، والسيطرة عليها سمحت للجيش السوري بقطع طريق إمداد رئيسي للفصائل المسلحة، وفتح الطريق نحو خان العسل وقرية الرقوم، والأهم من ذلك أن الطريق نحو مطار أبو ضهور العسكري من جهة الغرب التي تسيطر عليها «جبهة النصرة» فرع تنظيم القاعدة، أصبحت أسهل.
كما أن اقتراب الجيش السوري من جهة خان طومان إلى الزربة يسمح له بالاقتراب من الطريق الدولي حلب – دمشق وربما عبوره نحو الغرب ثم الجنوب الغربي باتجاه مطار تفتناز عند حدود محافظة إدلب، والذي تحول إلى قاعدة عسكرية للنصرة منذ عامين تقريبا.ً
وفي ريف اللاذقية، أحكمت وحدات الجيش السوري، سيطرتها على قرية الكبير، الواقعة بين جبلي الكوز والأسود الكبير والقريبة من ناحية ربيعة، إحدى أهم معاقل المجموعات المسلحة بريف اللاذقية الشمالي.
وأكد مصدر عسكري سوري بأن وحدات المشاة في الجيش، مدعومة بالطيران الروسي، الذي مهد للسيطرة على قرية الكبير الواقعة بالقرب من ناحية ربيعه و قرية الروضة، بعد اشتباكات عنيفة خاضت خلالها وحدات الإقتحام مواجهات على مسافات قريبة بسبب تحصن المسلحين داخل المنازل.
وفي السياق، سيطرت وحدات الجيش السوري على تلال يعقوبر و اضو وجبل الحرامي في الجبهة الشرقية لريف اللاذقية الشمالي.
الى ذلك، نفذت الطائرات الحربية الروسية البعيدة المدى 145 طلعة جوية فوق مواقع «داعش» منذ انضمامها إلى الحملة الدولية لمكافحة الإرهاب في سورية منتصف شهر تشرين الثاني.
وقال نائب قائد السلاح الجوي الروسي البعيد المدى اللواء أناتولي كونوفالوف، إن الطائرات الحربية الروسية البعيدة المدى نفذت قرابة 145 غارة على أهداف «داعش»، وألقت حوالى 1500 قنبلة وقرابة 20 صاروخ من نوع كروز.
وأضاف اللواء الروسي أن «طائرة تو- 22 «بليندر» وتو- 160 «بلاكجاك» القاذفة الاستراتيجية خرجت من القواعد الروسية وأمضت 16 ساعة في الهواء لتنفيذ مهامها القتالية في سورية»، مؤكداً أن القصف كان دقيقاً للغاية وأصاب الأهداف المرسومة.