أيقظ الشمس ورحل!
نصّار ابراهيم
«لا أريد ولا أبحث عن الأمور الكبيرة في الحياة… بل أبحث عن تلك الأمور الصغيرة التي تجعل الحياة كبيرة»… تشي غيفارا.
كنّا نتمنى أن نستيقظ مع ضوء الشمس الأوّل بكسل وابتسامة. فأمنياتنا صغيرة، لكنّ الشهداء دائماً يسبقون الصباح فيوقظون الشمس من غفوتها، ويغمرون صباحاتنا بلون الحنون. حينئذ، يأخذ الصباح والنهار لوناً آخر. تترك القصائد إيقاعات الصباح، وتذهب حيث يزهر الدم قصيدة جديدة.
هم الشهداء هكذا دائماً يفاجئوننا بحضورهم ورحيلهم، ذلك لأنّهم لا ينامون. فكيف ينامون والوطن مثقل بالحزن والقهر والليل الثقيل؟
كم نتمنّى أن تكون صباحاتنا عادية، غير أنّ ضباع الليل تأبى إلا أن تنتزع أفراحنا الصغيرة. كم نتمنّى أن نقرأ كتاباً أو نتأمل شجرة تبرعم في دفء الصباح. لكنّ الموت لا يترك لنا هامشاً للعادي، فيجبرنا على تغيير ما رتّبنا له مساءً. هو الزمن المفاجئ، والموت المفاجئ، والحزن المفاجئ، والدمعة المفاجئة!
وعلى رغم ذلك، هو الموت النبيل، والألم النبيل، والدمعة النبيلة التي تودّع شهيداً لا ينام وهو يغازل أحلامه وأمنياته.
نحاول أن نقرأ سطور أحلامنا فتضيع في ضباب اللحظة. توقظنا الشمس باكراً، تهزّنا، ثمّ تتركنا نمشي مع البحر وهو يودّع شهيد الصباح.
ومع ذلك، سيبقى هناك متّسع للأمنيات. ولهذا، يسقط الشهداء واقفين.
ختاماً، على من يسكن في البراري الدولية حيث شريعة الغاب المسمّاة «الحرّية والديمقراطية بأنياب الناتو»، عليه ألا يُنزل بندقيته عن كتفه وألّا يتركها على الأرض لتستريح، وألّا يترك حجرة النار في البندقية من غير رصاص. وأن يبقي مسافة حذر بينه وبين الضواري. ولكن «خلِّ السلاح صاحي… في زمن الضواري التي تجوب البراري»… كما قال الكاتب نارام سرجون يوماً.
وسلام على الشهداء.