«ندوة الإبداع» تحتفي بالشاعرة والفنانة التشكيلية باسمه بطولي

لمى نوّام

وسط حضور حاشد من الكتّاب والشعراء والمفكّرين والسياسيين والمثقفين والمغتربين والإعلاميين والجمعيات المدنية والثقافية والفنية والشخصيات الأمنية، وفي مقدّمهم العقيد الركن بطرس لبجيان ممثلاً قائد الجيش العماد جان قهوجي، والوزير السابق إدمون رزق، والأمين العام السابق لاتحاد المحامين العرب المحامي عمر زين، والفنان وليم حسواني، وأمين عام «البيوتات الثقافية في لبنان» البروفسور جورج طربيه، والمفكّر الدكتور عمر الطباع، واللواء ياسين سويد والعميد البحري الدكتور سمير الخادم، أقامت «ندوة الإبداع» احتفالها الثقافي الشهري في مركز توفيق طبارة ـ الصنائع، احتفاءً بمسيرة الشاعرة والفنانة التشكيلية باسمه بطولي.

بعد النشيد الوطني، كانت كلمة التقديم للإعلامي الأديب هادي مكنا وممّا قاله: تتهادى قوافل القصائد على صفحة صحراء، أيام مزدانة بالقحط الثقافي، ومتّسمة بغياب الشعر النخبوي، وفي أحلك الظروف والعقبات التي تواجه انسجاماً مع ثقافة الحياة والفرح، تترنح من بيروت قافلة إبداع تشقّ الغمام الداكن، وتشعّ حروفها زمرّد بلاغة وياقوتاً وقواف بالروعة ملتاعة، والمحتفى بها شاعرة من لبنان هي شاعرة الدنيا العربية وفارسة الشعر العربي وأرزة بيروت وشاعرة اللون، نزفّها الليلة عروس شعر على مسرح «ندوة الإبداع» في مركز توفيق طبارة.

ثم كانت كلمة الافتتاح لرئيسة «ندوة الإبداع» الأديبة الشاعرة الدكتورة سلوى الخليل الأمين التي قالت: نحن الليلة مع الشعر في احتفاليات «ندوة الإبداع»، التي تعانق الشعر في مساراته فوق القمم، وترنو إلى الصوت الشجيّ الذي يهدهد السمع حين طقوس الحياة في وطننا لبنان ملبّدة بالغيوم، منحنية لصروف الدهر الحامل وجع العمر، الذي كتب على جبين الحياة صبره المكلّل بالشوك، الذي نثرته شاعرتنا المحتفى بها الفنانة التشكيلية باسمه بطولي مئزر عافية لمستقبل ما زال يرتفع بالشعر والنفس التوّاقة إلى المجد إلى القمم الشواهق.

فباسمه بطولي الشاعرة رسمت بالريشة كما بالقلم إبداعاتها المتميزة شعراً ورسماً، أغنى المسار الثقافي في لبنان بالأصالة الشعرية المتمكنة من لغة الضاد، ومجرياتها البليغة التعبير، إلى جانب اهتمامها بالفنّ التشكيليّ الضارب في أعماق ذاتها، مسيرة خلاقة عبرت بوساطتها إلى قلوب الناس وعقولهم التي تهوى كل إبداع.

فكلكلم تعلمون أن هدفنا الدائم منذ انطلاقة «ندوة الإبداع» بهمّة الأستاذ أحمد طبارة رئيس مركز توفيق طبارة الداعم الدائم لأنشطتها، يتمثل بنشر رسالة التميّز والإبداع اللبنانيين على المساحات التي يليق بها إبداع الطاقات اللبنانية في الشعر والنثر والفنّ والموسيقى، بحيث تمكنّا من إيصال كتاب «ندوة الإبداع» الصادر عن مركز توفيق طبارة والموثق لأنشطتنا كافة، على رغم كلّ النكبات الدائمة والحروب الظلامية والإرهابية، إلى كل المهتمين بشؤون الإبداع اللبناني المستمر صعداً، في الداخل والخارج، حتى بات الجميع على اقتناع أن هذا الوطن لا يمكن له النهوض إلا عبر تسليط الضوء على الإبداع اللبناني أينما كان.

ثمّ قدّم الشاعر الدكتور محمد علي شمس الدين دراسة نقدية قيّمة، سلّط من خلالها الضوء على عمق القصيدة ومتانتها وموقعها لدى الشاعرة باسمه بطولي بالقول: لنبدأ من البداية، فالشعر موسيقى تطلع من كتلة اللغة والحال، ونحن أمام لغة تتحرّك كموج في بحر. والنفَس الطويل لهذا البحر الطويل يلزمنا في الإنشاد كما يلزم النفَس أمّ كلثوم في غنائها أو كما قال ابن الرومي في وصف وحيد المغنية: «مد في شأو صوتها نفَس واف كأصوات عاشقيها». فباسمه بطولي لا تسمّي الوجد في قصيدتها بل تسمّي اللاوجد وهي من خلال ذلك تشير إلى الحضور من خلال الغياب، فالمعنى الذي تغوص عليه هو في صيغته التفاف على المعنى.

مرافقة باسمه بطولي في شعرها أشبه ما تكون برحلة جبلية بحثاً عن كنز القصيدة. وهي رحلة خاصة لا يستطيع القيام بها إلا الذين يملكون خريطة الينابيع الأصيلة للشعر العربي من امرئ القيس إلى الطائيين البحتري وأبي تمام فالمتنبي وصولاً إلى بدوي الجبل. هذه هي سلسلة الذهب القديم في شعرنا. وحري بباسمه أن تقعد في مكان مرموق من هذه الخريطة. ففي شعرها روائح من شميم عرار نجد، وهي إذ تقف على هذه العتبة أكاد أقول: تقفل الباب، ولا أبالغ. فقد طحنت الحداثة أضلاع الشعر القديم وأرخت ستراً كثيفاً من الريبة حول معناه وجدواه ولغته.

وأضاف شمس الدين منهياً دراسته قائلاً: على أن الشاعرة خطفت اللغة بقوّة من ذكورتها فكّكت ذرّات اللغة وعرفت الكثير من أسرارها. وإذا كانت الأنوثة في العربية هي اللين والذكورة هي القسوة، فإنّ شعر باسمه بطولي شبيه بالبحر الذي يحيط بأضلاع السفينة ويحملها فلا تغرق.

واختُتمت الكلمات بقراءات شعرية من الشاعرة المحتفى بها باسمه بطولي، التي كان لشعرها الوقع المتميز في نفوس الحضور. بحيث كانت أمسيتها الشعرية، من أجمل الأماسي الشعرية والأدبية التي يصرّ على تلقّفها المتلقي اللبناني، في هذا الجوّ السياسي المشحون بالتناقضات في لبنان.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى