اغتيال القنطار: كيف سيرّد حزب الله؟

عامر نعيم الياس

أعلن حزب الله في بيان أنّ طائرات العدو الصهيوني أغارت الساعة العاشرة والربع من مساء يوم السبت على مبنى سكنيّ في مدينة جرمانا في ريف دمشق، ما أدّى إلى استشهاد عميد الأسرى اللبنانيين في السجون «الإسرائيلية» الأسير المحرر الأخ المقاوم والمجاهد سمير القنطار، وعدد من المواطنين السوريين.

الحزب اختلف في البيان الذي أصدره في توصيفه طريقة تنفيذ العملية عن قناة «الميادين» المقرّبة من المقاومة، والمحسوبة على المحور المؤيّد للدولة السورية في الحرب الكونية التي تخاض على أرض سورية، إذ حاولت التخفيف من آثار هذه العملية وتداعياتها على مستوى النخب السياسية وعلى مستوى الرأي العام، فأكدت مراسلة الميادين في سورية أن الغارة تمّت من الجولان السوري المحتل وتحديداً من فوق بحيرة طبريا «ولم تخترق الطائرات الصهيونية خط الهدنة في الجولان المحتل»، بمعنى أن الغارة لم تتم من الأجواء السورية، وهذا يلغي التساؤلات حول عدم الردّ السوري وحتى الروسيّ على خرق السيادة السورية ويحافظ على تماسك نفسية الجمهور المؤيد للدولة السورية والمقاومة.

الاختلاف بين الروايتين الإعلاميتين في ظلّ الصمت الصهيوني وعدم إصدار السلطات السورية أيّ بيان حتى اللحظة يندرج في إطار واحد من سيناريوين:

ـ تحفيز القلق لدى الدوائر الصهيونية من طريقة توصيف العملية التي استهدفت القنطار الرمز المقاوم الذي أخرجه حزب الله من السجون الصهيونية يوم 16 تموز 2008 في إطار صفقة تبادل أسرى.

ـ الحرب النفسية وآثارها على الرأي العام المتلقي لخبر اغتيال القنطار والقيادي في المقاومة الشعبية في الجولان فرحان الشعلان، وأحد كوادر حزب الله العسكرية وفق الروايات المتداولة عن عملية الاغتيال. هذه العملية التي تملك بعداً رمزياً نظراً إلى أهمية الشخصية التي تم استهدافها من الناحية النضالية والقصة التي رافقت عميد الأسرى العرب سمير القنطار، وبالتالي حجزت له مكاناً في عقول وقلوب الشارع المؤيد للدولة السورية والمقاومة، يُدرك منفذ الاغتيال أنها ستؤدّي إلى التأثير على هذا الشارع وتدفعه لإطلاق تساؤلات تتعدى القنطار إلى جدوى الوجود الروسي في سورية ودور منظومات الدفاع الجوي الحديثة، وصولاً إلى التشكيك بأبعاد التعاون الروسي الصهيوني تحت مسمى «التنسيق الأمني لتفادي الاصطدام» في سورية. أسئلة بدأت تثار على مواقع التواصل الاجتماعي من دون أن يدرك سائلوها الأبعاد المعقدة والحسابات التي تحكم موقف دولة كبرى كروسيا ووجودها في سورية.

دولة العدو تريد اغتيال القنطار وهذا الأمر ليس مفاجئاً البتة، إذ أجريت محاولات عدّة لاغتياله في سورية وفشلت، لكن توقيت تنفيذ عملية الاغتيال عشية إصدار قرار أممي حول سورية ووضع الأمور على سكة الحل الطويلة، هو الذي يثير تساؤلات، في ضوء صراع دولي لا يزال قائماً حتى اللحظة حول قائمة التنظيمات الإرهابية المتواجدة على الأراضي السورية والتي لا يمكن المضي بتنفيذ الاتفاق الدولي الأممي من دون نشرها رسمياً. ومن الواضح أن الكيان الصهيوني يريد إحراج الدولة السورية، والحلفاء الروس، وحزب الله في سورية الذي نشر خبر الاستهداف وخرج من دائرة الحسابات المعقدة للردّ الذي سيكون حاضراً على الفور في سياق لعبة تبادل الأدوار بين الحلفاء في سورية، وسيكون هذا الردّ تماماً كالذي جرى في شبعا اللبنانية ردّاً على اغتيال جهاد عماد مغنية ورفاقه في الجولان السوري في 18/1/2015، والذي أتى في 28 من الشهر ذاته وكان ردّاً نوعياً محدوداً ومدروساً ينزع ذريعة التصعيد من الكيان الصهيوني، فيما المراهن على ردّ روسيّ أو المشكك به لا يريد أن يفهم توازن الأمور في سورية وتبادل الأدوار وأهميته بين حلفاء متواجدين على الأرض السورية ويحاربون الإرهاب داخلها. بانتظار خطاب ـ أو إشارة ـ السيد نصرالله الذي لا يترك اغتيال رمزٍ من هذا النوع يمرّ مرور الكرام، فالردّ هو ردّ حزب الله.

كاتب ومترجم سوري

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى