سمير القنطار… عميد الشهداء والشرفاء

ثلاثون سنة سجناً لم تفلّ روحَك عن حبّ فلسطين!

خمسة مؤبدات لم تُضعف ثقتك بالحرية!

ثلاث وخمسون سنةً زهرةً عمرك الدامي والحاني والمُعاني كانت بخفة فراشة المستحيل!

ونحنُ في «البناء»، المؤسسة التي تنبض بأمانة دمٍ مقاومٍ عتيدٍ مرهونٍ لأمّة متى تطلبْه تجدْه، تعلّمنا ألا نبكي ولو نُكبنا! النكباتُ رفقةُ عمرنا، إذ ليس عاراً أن نُنكب إنّما العار أن تحوّلنا النكباتُ من رجال أقوياء إلى رجال ضعفاء، هكذا علّمنا سعاده مُطلِق مقاومة هذه الأمة العظيمة في هذا العصر!

واستشهادُك يا عميدَ الأسرى، فعميدَ المحرّرين، فعميدَ الشهداء المقاومين من محور لمحور، وعدٌ صادقٌ جديدٌ يتبلور تحقيقُه في الأيام المقبلة القريبة!

وأنت منذ وعيتَ اقترنتَ المقاومة وأنفتَ ملذّات عيش ما دامت تصرخ فلسطين. لم تعْنِ لك الحياة سوى وقفة عز قيمتُها أن تُقطفَ وأن تُسجَّلَ بالدم والنبل والعطاء.

وفي السجون التي احتضنتْ فتوتك وشبابك، تصلّبَ عودُك وتعلّمتَ السياسة واللغات وتفولذتْ رجولتُك عزماً لا يلين. تلاحقك الأضواءُ وأنتَ بها تستهين لتكون بعضَ شُهُبِك، وكلماتُك المُهجّأة عفوَ خاطرٍ بلحظة عبورك من زنزانة لأخرى! بل كانت نظرتُك وحدَها سبقاً صحافياً!

ولمّا أُُطلقَ جناحاك الأسيران في عملية الرضوان، تموز 2008، عدتَ إلى بحرك تسبحُ فيه، وإذ أطللت في احتفالٍ مهيبٍ تكسر بيدك السيف قضبانَ السجون على مسرح الراية في ضاحية بيروت، عرف المؤمنون أنّ عهداً مقاوماً جديداً قد بدأ. وأنّ المقاومة استعادت نسراً من نسورها الأشدّاء إلى ميادينها الفسيحة التي انتظرتها عقوداً، ولم يأتوا جميعاً، لكثرة الصغار بيننا، لكثرة الوشاة بيننا، لكثرة البزاة بيننا، تلك التي تكمن للشواهين بين مقصلة وحفرة إعدام وطلقة اغتيال وتفجير آثم.

يحزّ في أرواحنا أن تُستباحَ أجواءُ دمشق، بل أن تَتَلبنن بخفّة، رغم حداثة شبكات الدفاع التي يُفترَض بها أن تحمي الآمنين في الحدّ الأدنى، ولا يربطها التزامٌ مع عدو ولا اقتسامُ الأجواء مع عدوانِه، إنْ أرادتْ احتضاناً وطنياً شعبياً حقيقياً، فلا يبتزّنا «الإسرائيلي» بقصف مطار دمشق مرّتين وبتفجير شحنات صواريخ فيه كادت تكون كارثة كبرى منذ شهر، وتدمير عمارة سكنية كنتَ بين سكانها ومقاومين آخرين، أول من أمس.. إلى متى نُستباح يا دمشق وموسكو وطهران؟!

وها نحنُ على موعد مع الجولان الذي جعلتَهُ بؤبؤ عينيك، فرعدتْ في أجوائه صواريخُ مقاومة تبشّر بالهطول، في مقاومة عتيّة قريبة الحصول، من حيثُ لا يحتسبون.

نودّعك، اليوم جسداً، لتبقى توقَ المكان لأقدامِ الرجال وتبقى فخرَ الزمان إذ يباهي الأجيال!

ولـ»البناء» والشرفاء، ولأسرتك، وللمقاومة الشريفة العزاء والبركة بشهادتك والعزم المزيد، ولحزب الله القرار ثأراً يرعب الكيان العجيب أن وعدَ التحرير قريب!

يا سمير! يا رجلَ الله الحبيب، أدّى دمك شهادتَه، و»شهادة الدم أزكى الشهادات» طراً!

«البناء»

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى