مَن سيغرقُهُ في الوحل؟

محمد شادي توتونجي

لأنه خبير ومتمرّس في الشأن الإيراني، ولأنه الاسم الأول المسؤول عن ملف اغتيال العلماء النوويين الإيرانيين، ولأنه كان الوسيط الأكبر وجسر العبور في تطبيع العلاقات الخليجية ــــ «الإسرائيلية»، ولدوره البارز في العلاقات الصهيو ـــــ عثمانية، والأهمّ علاقاته وإدارته ملف العلاقات مع القيادات الأميركية.

يوسي كوهين رئيساً لجهاز الموساد خلفاً لتامير باردو الذي تنتهي ولايته في نهاية شهر كانون الثاني المقبل.

هذا ما صرّح به رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو في بيان صحافي، على غير العادة عند انتخاب رئيس لجهاز الموساد، وأضاف: «إنّ من بين التحدّيات التي يواجهها جهاز الموساد الإرهاب الذي تمارسه عناصر إسلامية متطرفة وعلى رأسها إيران وداعش»!

فمَن هو يوسي كوهين؟

ولد كوهين في القدس وترعرع في حي القطمون في المدينة، أمه مدرّسة مخضرمة، ووالده كان ناشطاً في الأرغون.

تخرّج من مدرسة دينية ثانوية «عتصيون» وزعيمها الحاخام حاييم دروكمان، أكمل بكالوريوس في العلوم السياسية في جامعة بار ايلان، في عام 1982 انضمّ إلى الموساد عن عمر يناهز 22 عامًا، حيث قُدّم كضابط في الموساد وعيّن رئيساً لمكاتب الموساد في أوروبا. ولعل مرجعية كوهين الدينية هي ما أثار القلق عند نتنياهو وأدى إلى تأخير موعد المؤتمر الصحافي ساعة عن الموعد المحدد مسبقاً والذي أعلن فيه عن انتخاب كوهين، حيث إنه بات ثلاثة رؤساء من أجهزة الاستخبارات الصهيونية من متخرجي المدارس الدينية، الأمر الذي يحدث ارتباكاً فيما لو تعارض الرأي بين الحكومة وبين المرجعيات الدينية للحاخامات التي يرجع إليها رؤساء الأجهزة الأمنية تلك، فرئيس جهاز الشاباك أيضاً هو متخرّج من إحدى المدارس اليهودية المتطرفة.

يبلغ يوسي كوهين 53 عاماً، وهو أب لأربعة أولاد، ابنه يونثان ولد وهو مصابٌ بشلل دماغي.

وكما ذكرنا سابقاً فقد انضمّ كوهين إلى الموساد العام 1982، وترأس العديد من مكاتب الموساد في أوروبا، ولكن ظهوره الأبرز كان في العام 2001، حيث تسلم رئاسة قسم العمليات الخاصة «تسومت» ورفع عمله في هذا القسم من شأنه بدرجة كبيرة.

وفي العام 2006 عيّن كرئيس لوحدة تجنيد وتشغيل الوكلاء في الموساد، كان ناشطاً قوياً فيه.

وفي العام 2011 تمّ تعيينه نائبًا لرئيس الموساد مئير داغان ورئيس العمليات في الجهاز.

وفي أغسطس 2013 تمّ اختياره من قبل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو كمستشار للأمن القومي الصهيوني لرئيس الوزراء ورئيس مجلس الأمن القومي الصهيوني.

مما سبق نجد أنّ المطلوب من كوهين في الفترة المقبلة، هي إدارة الشؤون الخارجية لنتنياهو لدوره البارز في الخليج والذي بعهده تظهّرت العلاقات الصهيو ــــ خليجية للعلن، الأمر الذي أكدته وأعلنته الكثير من الصحف ومراكز الأبحاث الغربية والصهيونية عن الزيارات المتكرّرة والمتبادلة لضباط المخابرات الخليجيين ونظرائهم «الإسرائيليين»، وربما لدور الموساد البارز في حرب آل سعود على اليمن، وتزويد قوات العدوان السعودي بالمعلومات الاستخبارية وصور أقمار التجسّس للكيان السعودي.

ولكن مما لا شك فيه والدور الأهمّ والأبرز والأعقد المطلوب من كوهين هو إدارة الملف الإيراني الذي يُعدّ الخطر الأكبر على وجود الكيان الصهيوني، حيث إنه لم يعد خافياً على أحد بأنّ الدولة الوحيدة في المنطقة القادرة على تدمير وإزالة الكيان الصهيوني هي الجمهورية الإسلامية الإيرانية منذ ما قبل أن تصير دولة نووية، وأصبحت بعده الدولة العظمى السادسة في مجلس الأمن التي تملك حق الفيتو من خارج المجلس، وبسبب تطوّر دورها القيادي والأساسي في حلّ ملفات المنطقة، والدور العسكري والقوة المتصاعدة لإيران علمياً وعسكريا،ً خصوصاً في مجال صناعة الصواريخ الباليستية النقطة الأبرز والأهمّ التي كانت الحكومة الإسرائيلية تعرقل بها المفاوضات النووية الإيرانية. وهذه المخاوف هي ما تؤكده التقارير الواردة من الكيان الصهيوني عن امتلاك حزب الله لترسانة صاروخية تصل إلى 130 ألف صاروخ تغطي كلّ الكيان الصهيوني، وبأنّ حزب الله هو مَن سيبدأ الحرب المقبلة على الكيان الصهيوني بصلية تجريبية تقدّر بألف صاروخ، فكيف سيكون حال الكيان الصهيوني مع الصواريخ الإيرانية البعيدة والمتوسطة المدى والمتطوّرة والقادرة على إسقاط فاعلية القبة الحديدية الصهيونية، فضلاً عن التقدّم التكنولوجي والعلمي العالي في إيران في مجال الحرب الإلكترونية، وتصنيع الطائرات المتطوّرة بدون طيار، والتقدّم الهائل للجمهورية الإسلامية الإيرانية في حرب الأدمغة.

وبالرغم من الدور البارز للجهاز الذي يقوده كوهين في الموساد والمسؤول عن تنفيذ اغتيالات العلماء النوويين الإيرانيين، إلا أنه من المؤكد أن كوهين يدرك تماماً بأن هذا الملف ربما سيكون بمثابة المقبرة له، هذا إنْ استطاع أصلاً إدارة ملف حزب الله الذي أسقط مقولة الأمن الداخلي للكيان الصهيوني، والذي جعل من جبهة الأمن الداخلي للكيان أكبر وأبشع وأسوأ كابوس لكلّ الحكومات والقيادات الأمنية والعسكرية في الكيان الصهيوني.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى