النزعة القومية وأزمة اللاجئين قد تدفعان الاتحاد الأوروبي إلى الانهيار
أعرب كبار رجال الأعمال في ألمانيا عن خشيتهم من أن تؤدي الانقسامات حول سبل التعامل مع أزمة اللاجئين وتنامي النزعات القومية بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي إلى انهياره.
وأدى وصول مئات الآلاف من الفارين من الحروب والفقر إلى أوروبا خلال العام إلى تأزم العلاقات بين الدول الأوروبية، بعد أن أثرت فيها سلباً الأزمة المالية لمنطقة اليورو، كما يهدد تنامي النزعات القومية ثروة أوروبا ونجاحها الاقتصادي وأمنها بالخطر.
وتطمح برلين في الحصول من شركائها في الاتحاد الأوروبي على المساعدة في إدارة أزمة اللاجئين، لكنها تواجه معارضة من بعض الدول، خاصة في شرق أوروبا مثل بولندا وهنغاريا والتشيك.
ورفعت المخاوف الأمنية مع تدفق اللاجئين من شعبية أحزاب تشكك في الاتحاد الأوروبي مثل حزب «البديل من أجل ألمانيا»، وحزب «الجبهة الوطنية» اليميني في فرنسا، وحكومة حزب «القانون والعدالة» في بولندا وحزب «الاستقلال» البريطاني المناهض للاتحاد الأوروبي.
وقال أولريتش غريلو رئيس اتحاد الصناعات الألمانية «سيكون العام المقبل حاسماً لأوروبا. أخشى كثيراً على مستقبل الاتحاد الأوروبي»، فيما أكد هانز بيتر فولسايفر رئيس اتحاد الحرف أن غياب التضامن داخل الاتحاد يعني أن أوروبا تعرض كل إنجازات العقود السابقة للخطر، مضيفاً «أود أن أرى مثالاً قوياً على وحدة أوروبا».
من جانبه قال أنطون بيرنر رئيس اتحاد «بي.جي.ايه» للبيع بالجملة والتجارة الخارجية إن تفسخ أوروبا أحد أكبر المخاطر العام المقبل 2016.
على الصعيد نفسه رأى ايريك شفايتسر رئيس اتحاد غرف التجارة والصناعة الألمانية أن «أوروبا تعيش مناخاً صعباً منذ وقت طويل»، مضيفاً أن الحلول القومية للمشاكل الدولية لم تعد كافية وأن أوروبا كان لها ثقل في العالم عندما تصرفت دولها بشكل موحد.
ومع تفاقم أزمة اللاجئين لا تزال مطالب بريطانيا لإصلاح الاتحاد قبل استفتاء على بقائها فيه، تواجه معارضة من المسؤولين الأوروبيين. وبهذا الصدد دعا إينغو كرامر رئيس اتحادات الموظفين في ألمانيا الاتحاد الأوروبي إلى أخذ مطالب بريطانيا بالإصلاح على محمل الجد حتى تبقى بريطانيا داخله.
ورأى محللون سياسيون أوروبيون أن البطالة كانت أكثر ما يثير قلق الأوروبيين قبل عام تقريباً، حيث بينت استطلاعات الرأي العام آنذاك أن 45 في المئة من السكان اعتبروا البطالة في مقدمة أولوياتهم ، ولكن في عام 2015 أصبح الأمر مختلفاً، حيث أصبحت أزمة اللاجئين هي الأمر الشاغل للأوروبيين.
من جهة أخرى، أكد وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير أن أوروبا بحاجة لاستعادة السيطرة على حدودها وذلك بعد تقارير حول وجود جوازات سفر سورية مزورة لدى عناصر تنظيم «داعش»، محذراً من إدراج اللاجئين في فئة الإرهابيين نفسها المشتبه بهم، وموضحاً أن كثيراً من المتطرفين جاءوا من أوروبا وليس العكس.
وفي السياق، انتقد وزير المالي الالماني فولفغانغ شيوبله اليونان بسبب الطريقة التي تتعامل بها مع أزمة اللاجئين قائلاً إن أثينا تجاهلت لسنوات قواعد دبلن التي يلزم الاتحاد الأوروبي بموجبها اللاجئين بتقديم طلبات للجوء في أول دولة أوروبية يصلون إليها، وقال إن المحاكم الألمانية قضت قبل فترة بأن اللاجئين لا يلقون معاملة إنسانية في اليونان ولا تمكن إعادتهم إليها خلافاً لقواعد دبلن.
وأضاف الوزير الألماني: «يجب ألا يلقي اليونانيون اللوم في مشاكلهم على كاهل الآخرين يجب عليهم أيضاً أن يعرفوا كيف يمكن أن يتصرفوا بطريقة أفضل»، مشيراً إلى أن «التضامن لا يبدأ بتبادل الإهانات… يجب على دول أوروبا الشرقية أن تستقبل أيضاً اللاجئين لكن بأعداد أقل من ألمانيا».
وواجهت اليونان – وهي بوابة رئيسية لوصول المهاجرين الذين يعبرون بحر إيجه إلى أوروبا- انتقادات من حكومات في الاتحاد الأوروبي تقول إن أثينا لم تفعل ما يكفي للتعامل مع تدفق مئات الآلاف من المهاجرين الذين يصلون إلى سواحلها.
وعلى عكس انتقاداته لليونان سعى شيوبله إلى التوصل الى توافق مع دول شرق أوروبا التي أبدت معارضة لاستقبال مهاجرين بموجب نظام الحصص الذي توصل إليه الاتحاد الأوروبي.