تمنيّات مشروعة
وليد زيتوني
يحق لنا نحن كبار السن، أن نتمنى، أن نحلم، أن ننتظر كما ينتظر الأطفال «بابا نويل» كل عام. كلّ بقدر حجمه وأطر تفكيره ووسع حاجاته. صحيح أنها تمنيات تختلف وتتنوّع من فرد إلى آخر، حسب معاناته أو طموحاته او تخيلاته. وصحيح ايضاً، أن لعب الأطفال تشفي غليلهم لبرهة محدودة، غير أن لعب الكبار إن جاءت قد تكون على حساب آخرين برضاهم أو بعدمه.
المشروع وقبل أن يصبح مشروعاً واقعياً هو تخيّل مدروس وهو طموح محكوم بالقدرة وهو تمنٍ مقرون بالعمل. إن كان هذا المشروع اقتصادياً، سياسياً أو اجتماعياً. ويبقى أن نجاح المشروع رهن ظروفه الذاتية والموضوعية.
تمنيات الأطفال تتحقق بالرعاية، أما مشاريع الكبار فقد لا تكفي الرعاية لتحقيقها. لأن رعاة الكبار هم بالعادة أكبر ولا يرون رغبات الكبار الأصغر إلا من خلال مصالحهم. فهم لا يبغون الحياة لعباً.
ببساطة، مناسبة هذا الكلام، اقتراب رأس السنة المتوافقة تقريباً مع تمني الدول العربية الهزيلة إسقاط النظام في سورية الشام للسنة السادسة على التوالي. هذه الدول الوهمية بالشكل والمضمون، التي تحاول أن ترتقي بتصريحاتها إلى مصاف الدول الكبرى، ستبقى رغم الدور المالي والإعلامي تنشد من «بابا نويل» الغربي أن يضعها على خارطة مشاريعه. لكن هذا الـ»بابا نويل» «يركب على الجحش ويمد يده على الخرج»، كما يقول المثل العامي. فهو يمتطي حميرها وإبلها ويستنفد
إمكاناتها وأموالها ويضعها في سبطانة المدفع.
لعل أفضل من يعبّر عن أشباه الدول هذه، هم وزراء خارجياتها الملجومون بأرسانهم جمع رسن أو لجاماتهم من قبل الناهب الدولي الأكبر. فساعة يتعنتر «الجبير»، وهو أضعف من يملك القرارات في دولة أضعف من أن تنتصر على فقراء اليمن مالياً وأغنى دول الخليج كرامة. وساعة يتنطّح العطية لمسك خيوط لعبة كبيرة، لم يبق في جعبته منها إلا تسعة مخطوفين من الجيش اللبناني عند جماعته التكفيرية.
نعود إلى التمني، وهو حق مشروع كفله العقل، ويقترن بتصريحات أصحاب العلاقة الذين يصوّرون زنودهم كـ»باباي»، ويرسمون طموحاتهم على قدرة «سوبر مان». أتمنى أن تعلن كل من السعودية وقطر ومن جاراهم من أبناء العمومة والأخوال، الحرب رسمياً وبالأصالة على سوريا. وأن تحشد كل منها جيوشها «الجبارة» وتنطلق إلى حيث يرابط الجيش السوري. فهناك تكون ساحة العراك الحقيقية لا في منابر الأمم المتحدة وعلى شاشات «العربية» و«الجزيرة» والـ «سي ان ان» ومجاراة لكرة القدم التي يحبونها ويجنسون لاعبيها، أن يسمح لهم بجعل نصف جيوشهم من المرتزقة. بينما لا يسمح للجيش السوري إلا بمساندة قليلة من لبنان والعراق هنا سيكون النزال عظيماً وليس في ساحات القدس وعلى مشارف عكا وحيفا وتل الربيع، كما نشتهي، ولكن بالتأكيد ستكون النتيجة معروفة سلفاً في كل الساحات والميادين.
أيها المتوضئون بالبترول والمتيمّمون بالدولار، لن تنفعكم الصلاة لأميركا، فهي أعجز من أن تصنع العجائب في هذا العصر. بل سنصلّي عليكم وعلى ضمائركم في أول عصر، صلاة الغائب.
بانتظار بابا نويل.