مقتل علوش: صدمة يحتاج المعارضون وقتاً لفكفكتها

يتحدث رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي في لبنان وليد جنبلاط عن مؤامرة في مقتل زهران علوش تهدف إلى إسقاط مشروع التحرُّر من النظام، الذي ربما لا يزال يقلق جنبلاط بصموده، ليضيف جنبلاط: «اغتيال زهران علوش في هذه اللحظة هو اغتيال للعملية السياسة الشبه المستحيلة لما يسمى بمرحلة انتقالية، لم يفهم البعض أنّ روسيا وإيران ستتمسكان بحاكم دمشق على حساب كلّ الشعب السوري مهما كان الثمن».

ربما لم يفهم جنبلاط حتى الساعة أنّ العملية السياسية، المقبلة لا محالة، فرضتها عدة عوامل كبرى تبعد عن حسابات ضيقة دخل فيها مع مجموعة من حلفائه داخل لبنان وسورية وبعض دول الجوار. فبهذه العملية وضعت موسكو أول حجر لأساسات واضحة بعيدة عن كلّ مواربة اصطحبها مؤتمر جنيف 1 الذي تمسكت به واشنطن وحلفاؤها حتى لم تعد قادرة على تبريره، فها هو مصير الرئيس بشار الأسد يُسند إلى السوريين بقرار أممي واضح وصريح.

كلام جنبلاط ليس وحيداً، فمحور واشنطن يستنكر مقتل علوش بمحاولة منه لفهم صدمة لم يستفق منها حتى الساعة لأنّ التقارير التي تتحدث عن إمكانية أن يكون هناك خرق كبير تشكل قلقاً أكبر لدى المجموعات التي شارفت على الانهيار نفسياً منذ دخول روسيا. فكيف إذا ما تغلغلت الاستخبارات وعناصر التجسُّس القادرة على إنهاء حياة قادة بضربة واحدة كما حصل في عملية استهداف علوش؟

ستفرض العملية إيقاعها على المسار نحو جنيف، من جهة، وعلى المواجهات في الميدان من جهة أخرى، حيث فقدت هذه التشكيلات رؤوسها القيادية، ما يجعل من الصعب أن تستعيد فعاليتها وتماسك أدائها خلال فترة قصيرة، بينما المعارك التي تُخاض على تخوم مستقبل وجودها تنبئ بقرب المعارك الحاسمة، وعدم منحها الوقت الذي تحتاجه لتصحو من الصدمة.

ووفقاً لمصدر ديبلوماسي متابع، فإنّ العملية النوعية التي أودت بزهران علوش قائد «جيش الإسلام» ومعه قيادة جيشه وقادة «أحرار الشام» و«فيلق الرحمن»، تأتي تتويجاً للمسار الذي بدأ مع القرار 2254، حيث الدولة السورية تتقن فنّ التوظيف الميداني للمناخات السياسية والديبلوماسية، التي يفترض البعض أنها ستنتج التغييرات تلقائياً، بينما تكمن قيمتها في كونها تمنح الغطاء القانوني والشرعي للعمل الميداني، فهذا ما فعله القرار 425 في تجربة المقاومة في لبنان، وما يفعله القرار 2254 في مسار الحلّ السياسي في سورية والحرب على الإرهاب.

فمن ينظر إلى القرار الأممي 2254، يقول المصدر، يكتشف أهميته بالمقارنة في اللعبة الأممية بين المشروع الذي مورس الفيتو الروسي ـ الصيني المزدوج ضدّه قبل أربع سنوات وما نصّ عليه من مطالبة وقحة لرئيس دولة ذات سيادة هي سورية بالتنحي وفقاً للفصل السابع وتسليم سلطاته لنائبه، والمقصود سورية طبعاً، وبين القرار الذي يقول إنّ أمر سورية للسوريين يحسمه صندوق الاقتراع، سيعرف حجم التحوّل والتغيّر، بين شبه إجماع كسره الفيتو وبين إجماع على النقيض تماماً، وسيعرف أنّ الثبات الروسي ومن خلفه الصين مستنداً إلى صمود سورية وحلفائها من إيران إلى حزب الله خصوصاً، كان وراء هذا التحوّل.

يبدو مقتل علوش اليوم صدمة بكلّ ما للكلمة من معنى، فهو رجل السعودية الذي يمكن اعتبار استهدافه رسالة مباشرة لها عن مواقف متعنتة ومتقدمة تحتاج أن تعدل فيها وإلا فإنّ روسيا غير مستعدة لعرقلة العملية السياسية أكثر مما قد رسمته كسقف زمني وها هي تثبت ذلك بسلوك لا يأبه كثيراً لقطع علاقاتها مثلاً مع كلّ من يعاند أو يكابر مثل تركيا، واليوم السعودية وكأنها تقول الانخراط في العملية السياسية والإذعان قدر لا تحاولوا الهروب منه.

«توب نيوز»

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى