بين المولد والميلاد
خلود حمد الرمح
فراق تقويميّ ميلادي وهجري، جعل من المولد والميلاد خطين متوازيين لم يلتقيا منذ 457 سنة، أي منذ العام 1558، لكنّ التاريخ غيّر مساره وشاء الزمان أن يكلّل أيامنا الأخيرة من عامنا هذا بازدحام الأفراح والتقاء الأعياد لتكفكف هذه الصدفة الآلام التي ألمّت بالعباد، علّ تباشير الخير التي تحملها استثناءات الأعياد من خلال ظهور بدر «الكريسمس» كاملاً بنسبة 99,9 في المئة في ظاهرة هي الأولى مذ عام 1977 وبدر المولد الذي طلع علينا مرتين هذا العام.
ولد يسوع فالكائنات ضياء، ولمحمد النبي الأمّي هللويا. عيدان لا واحداً، معمّدان ببهحة العيش الواحد التي ارتسمت تعايشاً على خريطة وطن آمن أبناؤه برسالة التي حملها حبيب الله عيسى المسيح، وارتضوا برسالة الرحمة عنواناً لمسيرتهم في هذه الدنيا، سائرين على ما تيسّر لهم من أخلاق نبوة المصطفى ص .
هنا نقف هنيهات، لا بل أزماناً من سنوات الوحدة، نسعى بين المحبة والوئام، بين العدل والتسامح، لننسج على نول حياتنا سلامنا الروحي والاجتماعي في عهد تتلطّخ فيه الأيام بدماء الأبرياء وتفوح الساحات بعبق الشهداء.
بين الميلاد والمولد هذا العام سرور مثخن بجراحه النازفة حزناً على أمة مشتّتة، بعضها يُكفّر بعضاً، والقلوب تلهج داعية مبتهلة بانتظار ظهور المخلّص.
هذا العام رغم ما مضى وما يمضي، فإنّ الابتسامة في ديارنا عامرة، مسلمين ومسيحيّين، حملنا الأنجيل والقرآن وعانقنا الصليب والهلال، زيّنا أشجار الميلاد بولادة سيّد البشريّة، وها هي الكنائس تستمع إلى مدائح ميلاد الصادق الأمين، والمساجد ترتّل قداديس الحبّ لمحمد الرسول وتقرع أجراس الأمل بولادة روح الله.
أخيراً وليس آخراً، أنا مسيحيّة بإسلامي ومسلمة بمسيحيّتي، لأنّ العلاقة بين الإسلام والمسيحية هي علاقتنا بالقيم الروحية والأخلاقية التي تدعو إليها الديانتان لينفتح الناس في تواصلهم مع بعضهم البعض، فيكونون إنسانيين في أخلاقهم وتصرفاتهم لأنّ الدين هو القيم التي يجب أن ينطلقوا منها.
أنا مسيحية بإسلامي ومسلمة بمسيحيّتي، لأنّ الدين هو رسالة الأخلاق والمحبّة، هو الفكر والوعي والثقافة، هو التواضع والاحترام، هو السلام والتعاون، هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
فلنكّلل قيم التسامح كما أراد يسوع، ولنتمِّم مكارم الأخلاق ولنعمّد المبادئ التي تجعلنا أحراراً كما أمرنا رسول الله محمد ص .
إلهي بالروح القدس وبنبيّك محمد نقسم عليك بأن يعمّ السلام ربوع أوطاننا وأن تُخلّص مهد مسيحك من دنس اليهود.