اقتصاد الدم من الانتعاش إلى الإنعاش

محمد محفوض

يقال إن السبب الأول الذي يقف وراء الحروب هو الاقتصاد قبل السياسة، ولكن أن تلجأ دولة لشن حروب والإمعان في الاستمرار بها تحت نير العناد والحقد السياسي في ظل متغيّرات تقود إلى تدمير اقتصاد هذه الدولة. فنحن نتحدّث بكل تأكيد عن السعودية!!

تخوض السعودية من سورية إلى اليمن معارك شرسة ليس ضد إيران فحسب، بل ضد اقتصادها الذي بدأ العجز ينخر فيه مع بدء السعودية ضخ المال في سوق الإرهاب السوري في سابقة هي الأولى من نوعها، أن يصاب أكبر اقتصاد عربي بالعجز لتتجه بعدها إلى فتح عواصف وجبهات أخرى ليست آخرها عاصفة الحزم ضد اليمن.

وزارة المالية السعودية أعلنت عن الميزانية العامة للدولة، وأظهرت البيانات تسجيل عجز في ميزانية العام 2015 قدره 98 مليار دولار مع انخفاض كبير في العائدات نتيجة تراجع أسعار النفط.

للسنة الثانية على التوالي تسجّل السعودية عجزاً في الميزانية، ويتوقع أن يشهد عام 2016 عجزاً أيضاً.

هذا وساهم التدخّل العسكري في اليمن بزيادة النفقات الحكومية، مما حدا بالمملكة إلى اللجوء إلى احتياطيّها النقدي.

725 مليار دولار حتى الآن، أنفقها آل سعود لقتل أطفال ونساء اليمن، وتدمير بناهم التحتية خلال أشهر قليلة.. وربما مثلها أو أكثر لقتل السوريين وتدمير بلادهم على مدى ما يقرب من خمس سنوات، بينما يفشلون في تنظيم موسم حج واحد من دون عشرات أو مئات القتلى سنوياً.

إعلان السعودية بشكل صريح، ولو بأرقام مشكوك فيها عن عجز كبير في ميزانيتها، سيكون له أثر معنوي بليغ على المنظمات والجماعات التي تموّلها للقتال في سورية واليمن، والذي يمكن أن يفهم على أنه رسالة سعودية بقرب رفع اليد عن هذه الجماعات مع الانكسارات المتتالية وعدم تحقيق مكاسب ميدانية وسياسية حقيقية.

التتمة ص14

إعلان السعودية عن عجز في ميزانيتها للسنة الثانية على التوالي ولجوئها إلى احتياطيها النقدي وبدائل أخرى كرفع أسعار الوقود في بلد يُعَدّ المصدّر الأول للنفط في العالم دليل واضح على التداعي الذي أصاب أركان الدولة مع تفشي الحديث عن خلافات بين أجنحة الحكم.

عوامل ستقود بشكل أو بآخر إما إلى انهيار السعودية في وقت تصر فيه على الوقوف بوجه الإرادات الدولية الرامية إلى حلول سياسية من سورية إلى اليمن، أو إلى ضمور الدور السعودي في المنقطة فيما لو استجابت السعودية مع الوقت للنزيف الحاصل في أركانها وقررت ركوب قطار الحلول السياسية بتنازلات مؤلمة في كلتا الحالتين.

وسواء استجابت السعودية أم بقيت على عنادها المكلف، تجدر الإشارة إلى قرار تخفيض التصنيف الائتماني للسعودية من قبل وكالة التصنيف الائتماني «ستاندر آندبورز»، بعد أن ارتفع العجز في موازنة المملكة، بسبب الهبوط الحاد في أسعار النفط والذي حرّك المخاوف بشكل جدّي حول الاقتصاد السعودي مع توقع صندوق النقد الدولي انهياره في غضون خمس سنوات، في حال استمرار انخفاض أسعار النفط.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى