بين عامَيْن

ناصر قنديل

– كان العام 2015 عام التحوّلات بامتياز، ففيه شهدت الملفات المتفجّرة والساخنة التحوّلات التي سترتسم نتائجها وتترسّخ في العام 2016، فإيران التي كانت قبل عام دولة تحت العقوبات وفقاً للفصل السابع في ميثاق الأمم المتحدة، تدخل العام الجديد وقد صارت عضواً أصيلاً فاعلاً في نادي الكبار بشرعية الاعتراف الأممي، وروسيا التي كانت قبل عام تحت ضغط حرب أوكرانيا وحرب أسعار النفط والغاز، وموضع الاتهام بالمسؤولية عن تعطيل فرص الحلّ في سورية، تدخل العام الجديد وهي عراب الحلّ في سورية وفقاً لرؤيتها، وترسم بحضورها العسكري مسار الحرب على الإرهاب، وتضع النهايات السعيدة لحرب أوكرانيا وها هي سورية تخرج من العام الذي ينقضي بقرار أممي يعيد الاعتراف بكون استهداف رئاستها انتهاكاً للقانون الدولي وتعدّياً على سيادتها فيعيد الشأن الرئاسي فيها إلى أصحابه الأصليين، وهم السوريون أنفسهم، بينما يحقق جيشها كلّ يوم إنجازاً جديداً في الميدان والعراق الذي كان يدخل العام الماضي في زمن «داعش» يخرج من زمنه حثيثاً بانتصار الرمادي والتهيّؤ لمعركة الموصل واليمن الذي كان عشية الانتقال السابق بين عامين يتلمّس البحث عن صيغة حكم جديد، واجه خلال عام عاصفة عاتية هدّدت بقاءه وسيادته ها هو يجتاز عنق الزجاجة نحو طاولة المفاوضات بعدما نجح مقاتلوه بكسر لوح الزجاج السعودي، وتكريس مكانة الندّ الإقليمي القادم في الخليج.

– فلسطين والاحتلال عنوان الثنائية المتغيّرة أيضاً لعام جديد، فحكومة الاحتلال المطمئنة قبل عام لحزام أمني تحميه بقوتها العسكرية على حدود الجولان، كسرتها خلال العام الماضي قوة معادلة الردع التي صنعتها وكرّستها المقاومة، فسقطت أحلام حزامها الأمني بسقوط رهان «جبهة النصرة» وتبييضها في سورية بقوة التدخل التركي السعودي، ها هي تقف وجهاً لوجه مع المقاومة في اختبار قوة جديد على أبواب مطلع العام، كما تجد نفسها في قلب المواجهة مع انتفاضة الطعن والدهس، بلا أفق لسلام أو حرب وتركيا التي تخسر رهان ابتزاز الغرب بطوفان اللاجئين وتسقط أحلامها بالمنطقة الآمنة، تخسر قرصنة الجغرافيا السورية والعراقية، وتخرج بلا تعويض نهاية خدمة، ومثلها السعودية التي وضعت «ما فوقها وما تحتها» للفوز بالحرب على سورية وكحّلت خسارتها بعمى حرب اليمن، لا تجد مأوى عجزة يستضيفها ولا معاش تقاعد، وهي تخرج من الخدمة مثخنة الجراح، وقد أنفقت قروشها البيضاء ولم يبق شيئاً للسود الآتية.

– الغرب الذي أستلذّ لحس المبرد في لعبة الاستثمار على الإرهاب لإسقاط سورية، يكتشف نزيفه متأخراً، وتسقط نظرية الأمن التي بناها على فرضية أنّ «ترحيل الإرهابيين يضمن التخلص منهم»، فإذ بإشعال الجبهات لجذبهم إليها من الغرب واستضافتهم فيها، يؤدّي إلى تأجيج منصات التعبئة وتصير المئات ألوفاً، لتتقدّم مرة أخرى أولوية إطفاء النار في سورية والعراق، وبعدما فشلت الحرب بإسقاط سورية وتكسّرت الرماح، وسقطت أحلام أنابيب النفط والغاز، وأمن «إسرائيل» ويدها العليا، وحصار روسيا وقوى محور المقاومة، تعود الواقعية السياسية بتدرّج وتتمّ الاستدارة ببطء، ويتحقق الانكفاء نحو ارتضاء شراكات جديدة وأحجام جديدة.

– نظام عالمي جديد ونظام إقليمي جديد يشقان الطريق بثبات من رحم التطورات والمتغيّرات، من بوابات الشرق، ومن وراء أسوار دمشق، وثبات ودماء الشهداء والمقاومين.. وينام عام ليصحو عام، على إيقاع ما يرسمه ويُعِدّه «المؤتمَنون»، ليكون العام المقبل عام المقاومة التي تستحق أن تعلن من الآن شخصية العام 2016.

– لبنان نام قبل عام ليلة رأس السنة بلا رئيس، ويعيدها هذا العام، وقد صار بين مرشحَيْن رئاسيين العماد ميشال عون والنائب سليمان فرنجية، ويحسمها حزب الله كناخب لا تتمّ الانتخابات والاستحقاقات بغيابه، العماد عون لا يزال مرشحنا ولسنا مَن يطلب منه الانسحاب، وننفتح على التسويات التي ينفتح عليها، فعلى أصحاب المبادرات التوجه إليه.

– فلاديمير بوتين والسيد علي الخامنئي والرئيس بشار الأسد والسيد حسن نصرالله والدكتور حيدر العبادي والسيد عبد الملك الحوثي والعماد ميشال عون والنائب سليمان فرنجية، ودائماً انتفاضة فلسطين، عناوين مفكرة العام 2016 لمن يريد البدء بكتابة اليوميات.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى