غارات كيان الاحتلال «الإسرائيلي» وسيلة لتغطية ارتباكه إثر اختطاف المستوطنين

حسام زيدان

لم تطل فترة الهدوء الإخباري عن المعارك التي يخوضها الجيش السوري على مختلف المحاور، وعلى امتداد الجغرافية السورية، حتى عاد الحدث السوري إلى واجهة الحوادث الميدانية، بعد اعتداء كيان الاحتلال «الإسرائيلي» على مواقع للجيش السوري في القنيطرة المحرّرة الواقعة في حضن هضبة الجولان المحتل، والذي أدى إلى سقوط شهداء من جنود الجيش السوري، ليعيد تسليط الضوء مجدداً على هذا المحور، لكن هذه المرة عبر التدخل المباشر للكيان «الإسرائيلي». بداية الحكاية، كانت بإعلان جيش كيان الاحتلال «الإسرائيلي» عن مقتل صبي وإصابة ثلاثة آخرين، إثر تفجير سيارتهم التي كانوا يستقلّونها بقذيفة أطلقت من الجانب السوري، بينما قالت روايات إخبارية أخرى من الكيان «الإسرائيلي» أنها عبوة ناسفة وتارة قذيفة هاون، ثم أغار طيران كيان الاحتلال على مواقع عدة للجيش السوري في القنيطرة. إلى أنه من النادر أن تتضارب الروايات لدى إعلام كيان الاحتلال «الإسرائيلي» حول تفاصيل حادثة أمنية، وهذا يدل على التخبط الذي أصاب مصادر تلك الوسائل، كونها لم تعرف كيف تسوّق الخبر للداخل في الكيان «الإسرائيلي»، ليبدأ بعد ذلك السيناريو الجاهز والمخطط له، كيف ذلك؟ من يقرأ الخبر جيداً يعلم أن السيارة المستهدفة هي سيارة تابعة لشركة مقاولات متعاقدة مع وزارة الحرب في الكيان «الإسرائيلي»، وكان الأجدر بمن شاء الاستهداف أن يستهدف الجيب العسكري المرافق للسيارة، فلماذا استهدفت سيارة تقل عمالاً من أصول عربية كانوا ذاهبين لإصلاحات لوجسيتة في «الجدار الحدودي»، ما يدلّ أن هناك شك أصلاً في الرواية التي سوّقها كيان الاحتلال، وأن المسألة تحتمل أن تكون مبيتة. ويجدر التساؤل هنا: لماذا وكيف وما الهدف؟ لتأتي الإجابة عن هذه الاسئلة من كلام إيهود يعاري معلق الشؤون العربية عبر شاشة «القناة الثانية» في الكيان «الإسرائيلي»، إذ قال إن قصف مواقع في الجولان كان رسالة الكيان «الإسرائيلي» لسورية . وفسر يعاري كلامه قائلاً: «إن اللواء 90 التابع للجيش السوري والذي هاجمته طائرات الكيان «الإسرائيلي» مكلف بالدفاع عن مدينة القنيطرة والطريق المؤدي إلى العاصمة السورية دمشق، وهو أيضاً اللواء الذي يمنع «الثوار» من السيطرة على المنطقة». وأضاف يعاري: «إشارة الكيان «الإسرائيلي» لسورية واضحة، تدمير اللواء 90 وفتح الطريق أمام الثوار». ورأى المحلل يعاري أن غارات الكيان «الإسرائيلي» على تسعة أهداف للجيش السوري انتقاماً لمقتل الفتى محمد قراقرة، يشكل إشارة واضحة لسورية عبر ضرب اللواء 90 الذي يدافع عن مدينة القنيطرة ويوفر الحماية للطريق الى دمشق . ويقول المحلل إن المسلحين السوريين يستعدون منذ بعض الوقت لاحتلال القنيطرة والسيطرة على اللواء 90 الذي يتمركز على عدد من التلال المرتفعة التي تشكل الحاجز الوحيد أمامهم، في حين تفكك معظم اللواء 61 الذي يتمركز جنوب اللواء 90 تحت ضغط المسلحين الذين حاولوا احتلال تل الجموع والجابية، ويواصلون هجماتهم في المنطقة. وتابع يعاري : لا يملك الجيش السوري قوة تستطيع الانتشار في منطقة اللواء 90 من دون أن يؤدي ذلك إلى فتح الطريق أمام المسلحين في جبهات أخرى، لذلك فإن الرسالة كانت واضحة : ثمن التعرض للجولان يعني خراب اللواء 90. بعبارة أدق : فتح الطريق أمام المسلحين للتسلل إلى معسكرات الجيش السوري الكبرى في الكسوة وقطنا وكناكر المحيطة بدمشق. الاعتداء «الإسرائيلي» هو نتيجة احتدام المعارك في القنيطرة، ما دفع الكيان الصهيوني وبشكل واضح إلى التدخل المباشر في محاولة لإيقاف تقدم الجيش السوري، مع ازدياد المعطيات والأدلة على الدعم اللوجستي والمعلوماتي من قبل الكيان للمسلحين، وهذا ما لا يخفيه المسلحون وقادتهم، وحتى الكيان نفسه، بعد نسج علاقة في ما بينهم تعدت علاج الجرحى وتجلت بحلم الكيان «الإسرائيلي» تكرار تجربة جيش العميل أنطوان لحد في جنوب لبنان وإنشاء ما يسمى بالجدار الطيب في الأراضي السورية. الكيان «الإسرائيلي» الذي يعيش هذه الأيام أزمة أسر جنوده الثلاثة في مدينة الخليل في الضفة الغربية يصعّد على الجبهة السورية، فالصفعة التي تلقتها أجهزته الأمنية دفعته إلى إشغال الرأي العام داخل الكيان بحدث مفتعل في هضبة الجولان السوري، محاولاً تحويل الأنظار عن الفشل الذريع الذي تعانيه قوات الجيش والأجهزة الأمنية في الكيان. إلاّ أن للقيادة مصادر مطلعة تؤكد على صلابة محاور الجنوب كافة في درعا والقنيطرة، وأن الجيش السوري ما زال مصمّماً على ملاحقة المجموعات المسلحة التي تعتبر جزءاً من المشروع والحلم في الكيان «الإسرائيلي»، رغم الدعم العسكري المتواصل للمسلحين عبر الحدود الأردنية من جهة وعبر جيش الاحتلال «الإسرائيلي» من جهة أخرى. التطورات السريعة التي تعيشها محافظة القنيطرة وغرب درعا، تبقي الباب مفتوحاً لإرباك المجموعات المسلحة ومن يقف خلفها في الكيان المصطنع والأردن، حول ماذا سيكون رد الدولة السورية؟ هذا الغموض المكتنف باستمرار العمل العسكري، سيشتت جهود الكيان «الإسرائيلي» والمسلحين على حد سواء، كون جواب الرسالة السوري على التدخل المباشر من الكيان «الإسرائيلي» يتحضر ويجهز، ويمكننا التكهن أن هذا الجواب سيكون على محاور عدة وليس على محور القنيطرة ودرعا وحدها، بل سيكون جواباً واضحاً مختصراً وسيتكفل بجميع الإجابات .

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى