تقارب المستويات وأخطاء التحكيم تميِّز ذهاب الدوري اللبناني
لا يمكن النظر إلى إنجاز فريق الصفاء بإحرازه لقب «بطل الشتاء» في الدوري اللبناني من دون خسارة، إلا من باب التعجب والإعجاب، فالفريق، الذي بدأ استعداده قبل أيام قليلة من انطلاق الدوري، يعاني حتى الآن من أزمة مالية خانقة، تسببت في انقطاع الرواتب عن لاعبيه لعدة أشهر.
وإدارته في حكم تصريف الأعمال، بانتظار انتخاب رئيس جديد قادر على تأمين الاستقرار المالي المنشود، منذ رحيل رجل الأعمال بهيج أبو حمزة عن رئاسة النادي، قبل نحو عامين، بعد حقبة ذهبية أسفرت عن فوزه بلقب الدوري لموسمين متواليين.
والقرار الجريء للمدرب القدير إميل رستم ولاعبيه برمي أزمات النادي خلف ظهورهم واللعب احتراماً للقميص والسمعة والاسم، قاد فريق الصفاء إلى مسيرة رائعة في ذهاب الدوري، توّجت بلقب بطل الشتاء من دون خسارة بعد تألق لافت لمفاتيح الفريق، وأبرزهم الحارس الدولي مهدي خليل وعلي السعدي ونور منصور وحسن هزيمة ومحمد زين طحان وجوزف حبوش وعلاء البابا وأحمد جلول ومحمد حيدر العائد من الاحتراف.
وكشفت عروض الصفاء عن مزايا فنية تمكنه من استكمال مسيرته بنفس الزخم والقوة، أبرزها تعدد الهدافين في الفريق، بحيث يأتي حسم مبارياته عن طريق مفاتيح لعب تختلف بين مباراة وأخرى بدءاً من المتخصص نور منصور والبديل السنغالي شيخ سامبا ديوك 3 أهداف ومروراً بحسن هزيمة 5 أهداف وعلاء البابا 6 أهداف ومحمد حيدر هدفان .
وامتلاك الفريق لأفضل هجوم بــ24 إصابة دليل على ذلك. ويستحق مهاجم الفريق محمد حيدر لقب أفضل لاعب في ذهاب الدوري، بعدما لعب دوراً حاسماً في كثير من مباريات الصفاء حيث نال لقب رجل المباراة 4 مرات.
وبعد الجولة الحادية عشرة الأخيرة ذهاباً ، احتفظ الصفاء بالصدارة للمرحلة الـ11 على التوالي، برصيد 27 نقطة من 11 مباراة بثمانية انتصارات وثلاثة تعادلات، وهو الطامح إلى اللقب الثالث في تاريخه بعد موسمي 2011 -2012 و2012 2013.
في المقابل، جاءت عروض العهد الوصيف محيرة ومتفاوتة بين مباراة وأخرى، بدليل تلقي «أبناء الحاج محمود حمود» لخسارتين مفاجئتين على يد النبي شيت 1 2 في الجولة الأولى وشباب الساحل في الخامسة بنفس النتيجة.
وربما يأتي غياب الاستقرار عن عروض العهد، نتيجة لتذبذب بعض لاعبيه، لكن المدرب محمود حمود يملك أوراق رابحة عدة وقادرة على تجديد روحها إياباً، بوجود المهاجم «المنقذ» طارق العلي ولاعب الوسط السوري عبد الرزاق الحسين والسنغالي محمدو درامي هدّاف الفريق فضلاً عن الجناح أحمد زريق وهيثم فاعور والقائد عباس عطوي «أونيكا».
وسجل تحرك الفرق الناشط صعوداً وهبوطاً على سلم ترتيب الصدارة، أمراً لافتاً، فبعد انتهاء دور الذهاب لم يفصل شباب الساحل الثالث عن الأنصار السادس سوى نقطتين، ما يدل على تقارب المستويات بين هذه الفرق، ويعد بمنافسات ملتهبة إياباً.
وحقق فريق النجمة نقلة نوعية في أدائه ذهاباً، ما بين بداية متعثرة ومخيبة لجمهوره المتعطش إلى نهاية قوية برهن فيها عن قدرات استثنائية تمكنه من لعب دور بارز في المنافسة على اللقب إياباً، خصوصاً أن بطل الموسم ما قبل الماضي، تجاوز إصابة عدد كبير من أبرز نجومه في مباريات عدة، كخالد تكه جي وحسن المحمد ومحمد قاسم والسوري صلاح شحرور ومازن جمال وغيرهم.
ونجح المدرب الروماني تيتا فاليريو في اعتماد التكتيك المناسب لفريقه في كل مباراة، وباستخدام البدائل الناجحة، بحيث عالج الغيابات ونقاط الضعف بمبضعه أحياناً وبخبرته في التعامل مع مزاجية اللاعب اللبناني أحياناً أخرى.
ولعب فريقا النبي شيت وشباب الساحل دوراً بارزاً في الصراع على مراكز الصدارة، بحيث تجاوز حضورهما دور «الحصان الأسود» إلى المنافسة على اللقب، وهما يمتلكان الأدوات كافة التي تمكنهما من استكمال مسيرتهما القوية إياباً، بوجود إدارتين ناشطتين ومدربين ناجحين ولاعبين من طراز رفيع.
ولم ترق مستويات الأنصار إلى طموح إدارته التي كانت تتطلع إلى أكثر من المركز السادس بعد الذهاب، لكن «الأخضر» تعثر في ست مباريات 3 تعادلات و3 هزائم ، ما أخره بفارق تسع نقاط عن المتصدر، في نهاية القسم الأول من الدوري.
وبخلاف متصدر الهدافين الأرجنتيني لوكاس غالان، لم يقدم أجنبيا الأنصار الآخران الغاني مايكل أوكوفو والسنغالي سي الشيخ، ما طرح علامات استفهام حول مستويهما وتوظيفهما في تشكيلة الفريق، خصوصاً أن الأخير كان من أبرز مفاتيح فوز النجمة بلقب الدوري، الموسم ما قبل الماضي، لكنه هذا الموسم بدا شبحاً لنجم النبيذي السابق.
وبدا واضحاً في أداء الأنصار غياب الروح وثقافة الفوز عن لاعبيه، فضلاً عن الانفعالية في كثير من المباريات.
من جهة ثانية، شكل الأداء التحكيمي المتعثر عاملاً سلبياً أثار استياء معظم فرق الدوري، وخلف إشكالات جماهيرية مؤسفة.
ويبدو الاتحاد مطالباً بمعالجة هواجس الأندية التي ضاقت ذرعاً بأخطاء فاضحة في بعض المباريات، وساذجة في مباريات أخرى.
واللافت أن تكليف بعض الحكام ببعض المباريات القوية والحساسة لم يكن موفقاً، إذ بدا واضحاً تأثر حكام تلك المباريات بالضغوط، ولجوءهم إلى قرارات متسرعة، شوهت سير هذه المباريات، علماً أن بعض المواجهات، كادت تودي إلى ما لا يحمد عقباه، كمباراة النجمة مع العهد في زغرتا، والتي تحوّلت ساحة عراك بين اللاعبين والحكم، ومسرحاً لمختلف أنواع الشتائم وعرض العضلات في تحطيم محتويات ملعب النادي الشمالي، المغلوب على أمره.
ولا تقل أزمة الملاعب شأناً، في ظلّ «فيتو» إدارات بعض الاستادات وقلق إداراتها من استضافة جماهير بعض الأندية، لأسباب أمنية وجماهيرية، كملعبي صيدا وزغرتا، وغياب ملاعب أخرى، على رأسها المدينة الرياضية، لأسباب تتعلق بعدم الصلاحية، وهو أمر لا يعقل أن يستمر، فاستبعاد المدينة فعل يوازي حجم الجريمة بحقّ كرة القدم اللبنانية.
ومن الواجب على المعنيين البحث في أسباب غياب استاد المدينة الرياضية عن الدوري، والعمل على معالجة الأمر بما يعيد هذا الصرح إلى الحياة مجدداً، بعدما غاب أيضاً عن استضافة مباريات منتخب لبنان في التصفيات المزدوجة المؤهلة لكأس العالم روسيا – 2018 و الإمارات – 2019 .
وبعد نهاية دور الذهاب، بقي الصفاء الوحيد الذي لم يعرف طعماً للخسارة، بينما لا يزال فريقا القاع الحكمة وشباب الغازية يبحثان عن فوز أول.
وحافظ العهد حامل اللقب على الوصافة برصيد 23 نقطة بعد تعادله المثير مع النجمة 1 1، وظل شباب الساحل ثالثاً على رغم خسارته القاسية أمام طرابلس 1 3.
ولم يتغير الترتيب أيضاً من المركز الرابع إلى السادس أي النجمة والنبي شيت والأنصار على التوالي.
وكان عنوان الجولة الحادية عشرة الأخيرة، مباراة العهد والنجمة في زغرتا، والتي كانت أطول مباريات الدوري الـ66 حتى الآن إذ أضاف الحكم علي رضا 20 دقيقة قبل أن يطلق صافرته، علماً أن المباراة حفلت بأخطاء تحكيمية بالجملة زادت الأجواء توتراً بين اللاعبين.
وارتفع عدد البطاقات الحمر إلى 9، وارتفع عدد الأهداف المسجلة عن طريق الخطأ إلى 6 أهداف بعدما عبرت الكرة الرأسية للاعب طرابلس سعد يوسف مرمى فريقه.
وارتفع عدد الأهداف المسجلة منذ بدء المسابقة إلى 190 هدفاً في 66 مباراة، بعدما سجل في هذه الجولة 18 هدفاً علماً أن الخامسة كانت الأسوأ بـ9 أهداف والعاشرة كانت الأفضل بـ30 هدفاً.
وبات معدل التسجيل في المباراة الواحدة بعد 66 لقاء ما يقارب ثلاثة أهداف وهي نسبة جيدة جداً، 2,87 .
وانفرد الصفاء بأنه الأفضل تسجيلاً برصيد 24 هدفاً، بينما لا يزال الغازية يعاني هجومياً، وهو الأسوأ بين الفرق الـ12 برصيد ستة أهداف فقط.
وبقي العهد الفريق الأفضل دفاعاً بسبعة أهداف هزّت شباكه، وهي نسبة ممتازة وبمعدل «تقريباً» 0,60 هدفاً في المباراة الواحدة، مقابل الحكمة الأسوأ دفاعاً بـ32 هدفاً فجرت شباكه، وبمعدل ثلاثة أهداف في كل مباراة، علماً أن فرق الغازية والحكمة والسلام هي الأكثر تعرضاً للخسارة بـ7 خسارات، والصفاء الأكثر فوزاً بثمانية انتصارات أمام العهد بـ7 انتصارات وشباب الساحل والنبي شيت ولكل منهما 6 انتصارات.
أما فريقا طرابلس والنجمة فهما الأكثر تعادلاً بخمس مرات لكل منهما، مقابل النبي شيت والراسينغ الأقل تعادلاً بمباراة واحدة لكل منهما.
وابتعد مهاجم الأنصار الأرجنتني لوكاس غالان في صدارة الهدافين إذ رفع رصيده إلى 10 أهداف، متقدماً مهاجم العهد السنغالي محمدو درام والساحل النيجيري موسى كبيرو ولكل منهما سبعة أهداف، ثم مهاجمو الراسينغ الروماني أوكتافيان دراغيتشي والصفاء علاء البابا والنبي شيت علي بزي ولكل منهم ستة أهداف.
وسجل خمسة أهداف كل من الفلسطيني وسيم عبد الهادي والغاني نكروماه دوغلاس الساحل وحسن هزيمة الصفاء وخالد الصالح وحسين العوطة النبي شيت ونيكولاس كوفي الاجتماعي .
وسجل أربعة أهداف كل من الغاني عزيز عبدول طرابلس وعيسى ياكوبو النبي شيت ، وثلاثة أهداف لكل من الأوروغواياني راوول أندريس ليموس السلام والغاني دايفيد أوبوكو أوسي الاجتماعي والشيخ سامبا ديوك ونور منصور الصفاء ومحمد قصاص الحكمة وأحمد زريق وحسن شعيتو العهد .