السيليساو والمانشافت لإثبات الذات في معركة المربع الذهبي
حسن الخنسا
يفتتح اليوم الدور نصف النهائي من كأس العالم 2014 في بلاد السحرة، بلقاءٍ يجمع بين السيليساو صاحب الأرض والماكينات الألمانية التي تتميز بخبرتها وإمكانياتها على ملعب مينيراو في بيلو هوريزونتي
ويطمح كلا الفريقين للوصول إلى ثامن نهائي في تاريخ كل منهما في بطولات كأس العالم في مباراة قد تمتد إلى ضربات الجزاء الترجيحية، ويسعى المنتخب البرازيلي إلى تجاوز انتكاسةٍ هائلة تتمثل باستبعاد المخضرم نيمار بعد إصابته في اللقاء الذي جمع السيليساو مع كولومبيا في ربع النهائي، ويغيب عن البرازيل أيضاً المدافع المخضرم تياغو سيلفا الذي أثبت نفسه كورقةٍ رابحة للمنتخب البرازيلي في المباريات التي خاضها.
وتحبس الأمة بأكملها الأنفاس وكلها أمل في ألا يبدد غياب نجمها نيمار تطلعاتها للتتويج، ودموع 174 ألف متفرج في مدرجات ماراكانا في 16 تموز 1950 لا تزال عالقة بأذهان جماهير السيليساو قبل مواجهة ألمانيا خلال الظهور الأول لراقصي السامبا في المربع الذهبي منذ التتويج بآخر لقب في كوريا واليابان عام 2002، والأزمات التي تعرض لها البرازيليون في الساعات الأخيرة أعادت إلى الأذهان إمكانية تكرار مأساة الماراكانا مرة أخرى بعد مرور 64 عاماً عليها.
ولم تتوقف معاناة ملوك المستديرة الساحرة عند غياب نيمار وسيلفا، بل وصلت إلى مارسيلو الظهير الأيسر للفريق الذي تلقى خبر وفاة جده مساء السبت الماضي، فغادر معسكر السيليساو لحضور الجنازة قبل أن ينضم مرة أخرى إلى زملائه للمشاركة في التدريبات استعداداً لمواجهة المانشافت.
في الوقت نفسه، حاول نجوم المنتخب البرازيلي طمأنة الجماهير والتأكيد على أن حلم التتويج باللقب السادس ما زال قائماً على رغم تلك الأزمات التي بدأت تضرب السيليساو قبل محطتين فقط على نهاية مشوار المونديال.
سكولاري الخبير
فنياً سيغير لويز فيليبي سكولاري المدير الفني للسيليساو تشكيلته مرغماً لا راغباً، وذلك في ظل غياب القائد تياغو سيلفا ونيمار، في مواجهة منافس وصل للدور قبل النهائي للمرة الرابعة على التوالي وهو رقم قياسي.
لكن تقديم أداء نيمار قد يمثل مشكلة بالنسبة لبديله المحتمل ويليان، فنيمار هز الشباك 35 مرة في 54 مباراة للبرازيل وهو سجل يتفوق به على كل زملائه في التشكيلة الحالية، واختاره سكولاري في جميع مبارياته مع الفريق وعددها 27 مباراة منذ عودته لقيادة المنتخب البرازيلي للمرة الثانية في 2012.
لكن إن كان هناك في البرازيل من يدرك جيداً كيف يتحقق الفوز على ألمانيا فإنه سكولاري الذي قاد البرازيل لآخر ألقابها العالمية الخمسة في 2002، حين هزمت الألمان بهدفين نظيفين في المباراة النهائية. وكان هذا آخر لقاء بين البلدين في كأس العالم.
في المونديال الحالي، يقدم المانشافت أداءً متناسقاً بصورةٍ رائعة، ولا يمكن اعتبار وصولها لقبل النهائي في 2006 و2010 و2014 ضرباً من المفاجأة. لكن ما فشلت فيه هو تحقيق اللقب للمرة الرابعة إذ تتعثر عند عقبة الدور قبل النهائي في كل مرة.
ويعمل ثنائي قلب الدفاع جيروم بواتينغ وماتس هوملز بانتظام كالساعة، فهم من ساعد على احتواء خطورة المهاجم الفرنسي كريم بنزيمة بينما تحليا بالسرعة في التحوّل إلى الهجوم في أسلوبٍ مميز.
المواجهات الفردية
ويحمل لقاء البرازيل وألمانيا العديد من المواجهات الفردية التي من شأنها أن تؤدي دوراً أساسياً في حسم قمة نصف النهائي الأولى.
وفي ظلّ غياب نيمار عن السيليساو بداعي الإصابة، ستكون آمال السيليساو معلقة على هالك ليحمل العبء الهجومي أمام المانشافات. وفشل مهاجم زينيت سان بطرسبورغ الروسي في إيجاد طريقه إلى الشباك حتى الآن، وهو أخفق في ترجمة ركلته الترجيحية في المباراة التي فازت بها بلاده على تشيلي بركلات الترجيح، لكنه قدم أداءً جيداً في لقاء ربع النهائي ضد كولومبيا ليصطدم بتألق الحارس دافيد أوسبينا.
في المقابل، شغل بينيديكت هويديس مركز الظهير الأيسر خلال هذه البطولة على رغم أنه يلعب عادةً في مركز قلب الدفاع مع فريقه شالكه. ويأمل المنتخب الألماني أن يتمكن هويديس بقوته البدنية من التعامل مع هالك لكنه قد يعاني أمام المهاجم البرازيلي من ناحية السرعة التي سيستغلها الأخير لكي يتوغل في المنطقة الألمانية.
لويز غوستافو – توني كروس
سيتواجه لويز غوستافو الذي يدافع حالياً عن ألوان فولفسبورغ، مع زميله السابق في بايرن ميونيخ توني كروس.
ويجسد هذان اللاعبان التناقض في أسلوب اللعب البرازيلي والألماني، فالأول يرتكز على قوته البدنية، وهي من خصائص الألمان أكثر من البرازيليين، والثاني على قدرته في الاحتفاظ بالكرة، وهي من الخصائص البرازيلية!
دافيد لويز – توماس مولر
في ظلّ غياب نيمار وإيقاف القائد المدافع تياغو سيلفا، أصبح دافيد لويز مركز الثقل في السيليساو وأفضل لاعبيه على الإطلاق، وهو ثاني هدافيه بعد نيمار بتسجيله هدفاً ضد تشيلي وآخر ضد كولومبيا.
وقد أظهر قلب الدفاع المنتقل أخيراً من تشيلسي الإنكليزي إلى باريس سان جيرمان الفرنسي، التزاماً وانضباطاً في المباريات التي خاضها حتى الآن، وذلك خلافاً للطبع الذي ظهر عليه خلال مشواره في الدور الإنكليزي الممتاز.
وسيكون في انتظار لويز خلال مباراة اليوم أصعب اختبار له حتى الآن، لأنّه سيحاول إيقاف توماس مولر الذي يجد نفسه تماماً في نهائيات كأس العالم بعد أن سجل تسعة أهداف في 11 مباراة فقط.
يواكيم لوف
وتنتظر ألمانيا أن تجعل إصابة نيمار من البرازيل فريقاً أكثر شراسة و»أصعب بكثير» في مواجهتهما معاً، وقال المدير الفني الألماني يواكيم لوف لمحطة إيه آر دي من مقر معسكر الفريق في مدينة سانتو أندريه: «البرازيل دون نيمار أصعب بكثير منها في وجود نيمار… كنت أتمنى لو كان بمقدوره اللعب».
ويرى المدرب أنه بخسارة نجمه الأبرز، سيضاعف المنتخب البرازيلي جهوده ويقدم أداءً أفضل مما ظهر عليه حتى الآن في البطولة المقامة على أرضه.
وقال لوف: «لم يعد يتبقى سوى القليل من الأداء الأصلي الذي نعرفه عن البرازيل».
ومثل لوف، أبدى لاعب الوسط الألماني باستيان شفاينشتايغر أسفه لغياب نجم البرازيل، ورفض أن يكون ذلك سبباً في تسهيل عبور المانشافت إلى نهائي استاد ماراكانا يوم 13 تموز الجاري.
وقال شفاينشتايغر: «نشعر بحزن شديد لأن نيمار لن يلعب. دائماً ما يكون من الأفضل وجود جميع اللاعبين الكبار في الملعب عندما تقام مباراة كبيرة».
كما اعتبر شفاينشتايغر أن غياب نيمار سيجعل البرازيليين أكثر اتحاداً وتطلعاً لإحراز اللقب من أجله. وقال: «قد يمنحهم ذلك طاقة إضافية».
وأضاف: «يعتقد المرء أن جميع البرازيليين سحرة. لكن الفريق تغيّر ويلعب كرة قدم تختلف عما كان عليه في الماضي. والقوة بالطبع صارت جزءاً من أدائهم، لذا علينا الاستعداد لذلك».
ويثق فريق المدرب يواكيم لوف في حظوظه في التأهل إلى النهائي والإطاحة بصاحب الضيافة، إذ يملك تشكيلة عامرة بالأسماء المتميزة القادرة على صنع الفارق، خصوصاً في الهجوم والوسط، وعلى رأسهم توماس مولر صاحب أربعة أهداف في البطولة، والمخضرم ميروسلاف كلوزه الذي يطمح لكسر رقم الأسطورة رونالدو كأفضل هداف في تاريخ المونديال أمام السيليساو نفسه.