إعدام الشيخ النمر بداية النهاية… للاستبداد؟
د. نسيب حطيط
فقدت السلطات السعودية رشدها واغتالت الشيخ نمر النمر إعداماً في سجنه وهو الأسير لديها دون اكتراث للعواقب التي يمكن أن يُحدثها هذا الإعدام الظالم على المستوى الشعبي الداخلي وإن هذا الإعدام يكذِّب كلّ شعارات المملكة الداعمة لما يُسمّى «الربيع العربي»، والتي تدّعي حرصها على الثورات الشعبية لاسترداد حق المواطنة للناس وتدعم التكفيريين بالسلاح وكلّ ما تستطيع من أجل تغيير الأنظمة التي تعتبرها معادية لها وللعدو «الإسرائيلي»، بينما تضيق ذرعاً بخطابات شيخ مجاهد لم يحمل سلاحاً، بل يطالب بأدنى مقومات العيش الكريم وحرية المعتقد واسترداد حقوقه كمواطن سعودي لا يطلب تغيير النظام او إسقاطه، بل القليل من الإصلاحات والحرية التي يطالب بها معظم الشعب السعودي الذي يرزح تحت استبدادية العائلة المالكة وتحت الفقر والبطالة، وآخرها رفع الدعم وزيادة اسعار المشتقات النفطية والماء والكهرباء وإلغاء المشاريع التنموية الكبرى وحسم المساعدات والبعثات التعليمية بسبب المغامرة السعودية في اليمن، وما سمّي «الربيع العربي».
إعدام الشيخ ورفاقه جاء بفتوى دينية تستند الى تكفير مخالفي المذهب الوهابي، كما صرّحت الداخلية السعودية، مما يعني أنّ السعوديين كلّهم من غير المذهب الوهابي، وخاصة في المناطق الشرقية، هم كفار وضالون يستحقون القتل سواء تظاهروا أم لم يتظاهروا، فهم مطلوبون للإعدام، بسبب معتقدهم الديني، وهذا هو الوجه الأصلي لداعش والحركات التكفيرية، وتحاول السعودية إشعال الفتنة المذهبية لتحقيق رغبات المشروع الأميركي الصهيوني المتعثر، بسبب صمود حلف المقاومة.
هل أعدمت السعودية الشيخ الأسير نمر النمر رداً وثأراً لمقتل زهران علوش ذراعها العسكري والسياسي في سورية؟
هل الانفعال والارتباك والفشل المتعدّد والأحلاف المتسرّعة الفارغة اجتمعت كلها لتقرير إعدام الشيخ النمر؟
إعدام الشيخ النمر نقطة تحوّل في الداخل السعودي وزيادة في أعداد المناهضين للسلطة الحاكمة وقليلة الخبرة والغارقة في الغرور بالقدرة على التحكم بالمسارات الأمنية والسياسية التي ينتهجها بعض أفراد العائلة الحاكمة التي تعاني التشتت والتفكك نتيجة الصراع على السلطة والانقلاب على معايير أنظمة الوراثة السياسية داخل العائلة، والتي ستصيب العائلة بالخسائر، كما تصيب الشعب السعودي وجيران المملكة والأمة جمعاء… فهل يبادر العقلاء لكبح جماح المراهقين الجدد؟
إنّ إعدام الشيخ النمر سيشكل حافزاً لأنصاره لمتابعة المسيرة التي كان أحد روادها الميدانيين والمؤثرين، ولن تكون عامل إخماد بل تصعيد، وهذه سنّة الثورات والثائرين الذين كان استشهاد قادتهم او اعتقالهم، كما اختطاف الإمام السيد موسى الصدر او المناضل نلسون مانديلا وشيخ الشهداء راغب حرب او الشهيد السيد محمد باقر الصدر.
الردّ الناجح والأمثل أن تبقى التحركات الاحتجاجية على إعدام الشيخ الشهيد سلمية وذات نفس طويل، وألا تستدرجها السلطات للعنف للقضاء على أركانها ومحرّكيها، وهذا ما تسعى اليه السلطات للانتقام لفشلها في الجبهات الخارجية كلّها، وهي بحاجة لإلهاء الناس عما قامت به من زيادة للأسعار ورفع الدعم ومحاولة تحشيدهم مذهبياً وشدّ العصبية حولها التي تحتاجها في هذه الظروف نتيجة مغامراتها الفاشلة.
إنّ ما يثير الاستغراب أنّ ما يُسمّى منظمات حقوق الإنسان وهيئات الأمم المتحدة والحكومات الغربية لم تحرّك ساكناً تجاه هذه الجريمة، وهي القادرة على منعها أساساً، خاصة الإدارة الأميركية أم أنّ أميركا تريد توريط العائلة المالكة أكثر في الداخل والخارج بعد توريطها في اليمن، وصولاً إلى التخلص منها واستبدالها بأدوات جديدة، بعدما انتهت صلاحيتها وتم استهلاكها حتى آخر نَفَس؟
لقد أدّى الشيخ الشهيد نمر النمر ما عليه في سبيل الله وفي سبيل شعبه، وعلى أنصاره ومحبّيه إكمال المسيرة بعقلانية وصبر وحكمة، من دون انفعال او تسرّع، وعلى الأحرار في العالم مواكبة مسيرة الشيخ حتى تبقى تؤرق جلاديه وقاتليه، خلاف السنّة النبوية والقرآن الكريم اللذين حرّما قتل الأسرى.
الرحمة والمجد للشيخ الشهيد ورفاقه واللعنة على الجلادين القتلة.
سياسي لبناني