ظهور البغدادي بين البيعة والسيطرة على المشهد الإعلامي
عامر نعيم الياس
هل حان وقت تعويم ملف الدولة الإسلامية في الإعلام؟ هل يقتضي أمر العمليات الإعلامي تضخيم وشيطنة داعش، أم أن الهدف من وراء هذه البروباغاندا شيء آخر مختلف تماماً؟ ما تفسير موقف المالكي من الترشح لمنصب رئاسة الوزراء في العراق؟
تساؤلات شتى يطرحها الشارع العربي قبل النخب مع انفلاش داعش في المنطقة وفرضه المصطلحات الخاصة به على لغة الخطاب الإعلامي الغربي منه قبل العربي والخليجي، من القاعدة في بلاد الرافدين، إلى تنظيم الدولة الإسلامية في العراق، إلى تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، واليوم الدولة الإسلامية التي أعلنت الخلافة وظهر إمامها وخليفتها على منبر الجامع الكبير في الموصل يوم الجمعة الماضي، مرتدياً زيّاً أسود من العمامة إلى العباءة، البعض أرجع دلالات الصورة إلى الحرب والتوسع فالتنظيم في حالة توسع دائم ومستمر، والبعض الآخر حاول سحب صورة المنتصر الصادق السيّد حسن نصرالله على صورة ظهور البغدادي القاتل متشحاً بالسواد مع أن أهل السنّة يفضلون النقيض أي اللون الأبيض، باختصار ومن دون الدخول في تفاصيل الصورة، أراد البغدادي، إن كان هو صاحب التسجيل، والقائمون على تنظيم الإعلام في تنظيم الدولة الإسلامية الاستمرار في احتلال صورة المشهد الإعلامي لاعتبارات عدة، أولها: مجاراة الاندفاع الإعلامي الغربي لتنصيب داعش وإنجازاته عنواناً بارزاً ورئيسياً لمقاربة الأحداث في المنطقة. الاعتبار الثاني: يقوم على مخاطبة المستلبين من المتأثرين بالفكر السلفي ومشروع دولة الخلافة وتطبيق حكم الشريعة الإسلامية، على أن هذا الحلم أصبح واقعاً ملموساً وها هو الخليفة يؤم المصلين في صلاة الجمعة، وبالتالي دفع المزيد من مقاتلي المجموعات الأخرى والقاعدة الشعبية الحاضنة لها إلى مبايعة الخليفة. الاعتبار الثالث، الحفاظ على الزخم الإعلامي الذي نجح التنظيم بصناعته خلال الأسبوعين الأخيرين، وهنا نلاحظ أن الصحافة الغربية أصرت على تناول ظهور البغدادي من زاويتين الأولى تتعلق بإنجازات الدولة الإسلامية على الصعيد الميداني، والثانية تركز في استمرار الانقسام السياسي في العراق والفشل في الوصول إلى حل للأزمة القائمة، وبالتالي الإصرار على ربط هذا الظهور العلني للبغدادي بعدم قدرة الطبقة السياسية العراقية على الاتفاق على حل للأزمة السياسية وعليه من الطبيعي استمرار الأزمة الأمنية التي يعيشها العراق والمنطقة، هنا وعند هذه النقطة جاء رد المالكي الفوري والمباشر عبر كتلته النيابية في بيان مقتضب، حمل في طياته رفضاً قاطعاً لتنازل المالكي عن الترشح لمنصب رئيس الوزراء في جمهورية العراق، الأمر الذي يعكس وجود توجهٍ لدى الحكومة العراقية والحلف المنضوية تحت رايته سواء الإقليمي أم الدولي لمواجهة المحور الآخر حتى النهاية، استنتاج يتقاطع مع تسريبات إعلامية عن وجود خبراء روس وإيرانيين في بغداد لتنظيم عملية الرد العراقي والذهاب حتى النهاية في المواجهة مع داعش وإرهابه الخارج عن السيطرة.
المؤكد في صورة المشهد العراقي حالياً وفي موازاة الظهور الإعلامي للبغدادي أن مرحلةً جديدةً من المواجهة الدولية الإقليمية ومرحلةً متجددة من الرهانات والرهانات المضادة قد بدأت، مستندةً إلى قاعدة الشقاق والخلافات المستمرة داخل المجتمعات الإسلامية سواء بين الطوائف أو داخل الطائفة الواحدة، فالحكم غير المستقر والانقسام الداخلي والاضطرابات تعد السمة المميزة والمصاحبة لتمرد وسيطرة حركات الإسلام السياسي على مر تاريخ أمتنا.
كاتب سوري