حزب الله هو المستهدَفُ

ناصر قنديل

– منذ اللقاء الشهير الذي جمع رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو بالرئيس الأميركي باراك أوباما قبل شهرين بدأت مرحلة جديدة في المنطقة، استعادت التماسك للحلف الذي تقوده واشنطن على قاعدة تحديد أهداف جديدة وسياسات تتناسب بين الممكن والمطلوب، بين الغايات والقدرات، بين الرغبات والإمكانات، فقد سلّم نتنياهو لأوباما بأنّ الاتهام «الإسرائيلي» ــــ التركي ـــ السعودي لواشنطن بالتفريط والتهاون في قبول التفاهم على الملف النووي الإيراني كان خاطئاً، وأنّ التفلّت من تبعات الانخراط الروسي النوعي في سورية وتحوّله إلى مرجعية في الحرب على الإرهاب، أو خوض الاشتباك مع هذا الدور الروسي، مراهقة تفتقد إلى أبسط قواعد السياسة، ولذلك كان تسليم نتنياهو بأن تقبّل مستقبل سورية تحت مظلة رئيسها يبدو أمراً لا مفرّ منه، بمثل ما يبدو الرهان على الحدّ من نموّ دور إيران الإقليمي حلم ليلة صيف، وبين سورية وإيران من العبث الرهان على جذب العراق.

– تحدّدت كلمة السرّ في المؤتمر الصحافي المشترك لنتنياهو وأوباما، وهي أنّ العدو هو حزب الله، والاستراتيجية الجديدة هي التسليم بكلّ وقائع المرحلة الجديدة، باستثناء خروج حزب الله من نهايتها قوة إقليمية يُحسَبُ لها الحساب وتشارك في قطاف النصر، ولذلك تجب إعادة تجديد ترتيب أولويات الحلف الذي خاض الحرب ضدّ سورية، والمواجهة مع إيران، والتصدّي لروسيا، لتكون الأولوية الجديدة مزدوجة، متصلبة ولكن تفاوضية في كلّ الشؤون ما عدا مع حزب الله، متصلبة وعدوانية واستئصالية مع حزب الله وحده أما مع الغير فمتصلبة وتفاوضية، لكن محور التفاوض ومطالبه تنحصر في مدى الحصول على تسهيلات أو تغاضٍ عن استهداف حزب الله، أو مقايضة على حجم حزب الله ودوره ونموه.

– لا يراهن أصحاب الحملة على نجاح التفاوض مع روسيا وإيران، ولا على نجاح الرسائل بتحييد سورية، عندما يجعلون عنوان حربهم حزب الله، لكنهم يسيرون بطريق مزدوج، تبدو فيه التسويات مفتوحة الطريق من جهة في ملفات التصادم، ويبدو فيه التصعيد مفتوحاً ضدّ حزب الله، والهدف إثارة الشكوك، وإضعاف التماسك، والسعي إلى مقايضة موضوعية دون تفاوض بإظهار التسويات تتقدّم، وبالتالي دفع حلفاء حزب الله لعدم المغامرة بإطاحتها وفي المقابل حرب تتقدّم على حزب الله، وهذا ما جرى في اغتيال الشهيد سمير القنطار، لجهة السعي للنيل من مكانة روسيا ودورها في سورية عندما تقوم «إسرائيل» بعملية الاغتيال، ومثله مع إيران في إعدام الشيخ نمر النمر.

– بدأت الحرب مالياً وإعلامياً وتستمرّ فصولاً، وحملة التشهير تحت عنوان الجوع في مضايا أحد فصولها، كما الحديث عن خلايا لحزب الله في البحرين للتخريب، ويبدو أنّ خيار الحلف الروسي الإيراني السوري مع حزب الله، هو الحرب الذكية، حروب كثيرة في حرب واحدة، تخاض بالمفرّق وموضعياً، ويترجم النصر المتاح حيث تبدو ظروفه ناضجة، دون التورّط في تفجير الساحات، والصمود حتى تنضج ثمار التسويات، ولا تبقى إلا حرب المواجهة الحاسمة وعنوانها حزب الله، وحيث حزب الله في ساحته يكون الاشتباك في الذروة، فهذا ما حصل عندما بدا أنّ التفاهم النووي قيد التحقق وتسوية أوكرانيا تقترب، بينما سورية تخوض حرب وجود، لم يتوقف التفاوض، ولم يُعرض رأس سورية على طاولة المفاوضات، بل صمود سورية أولاً، والتفاوض ثانياً، وعندما تنضج التسوية للملف النووي وأوكرانيا تُنجَز، ويكون لصمود سورية دوره في الإنجاز، لتتقدّم سورية بعد ذلك إلى الواجهة، فيظهر الحلفاء إلى جانبها عسكرياً وسياسياً، والآن تبدو سورية ويبدو اليمن ينضجان لتسويات مربحة، وسيصمد حزب الله، حتى يتحقق النصر فيهما، وبعدها تأتي ساعة الاشتباك فيكون حزب الله جاهزاً، وحلفاؤه معه، كما كان الحال من قبل فسيكون دائماً.

– لن ينال اللبنانيون الذين يقدّمون بلدهم ساحة تصفية حسابات لكلّ من «إسرائيل» وتركيا والسعودية، لضرب حزب الله، نصيباً من تسوية تأتي بعد الاشتباك الكبير، فقد أضاعوا الفرصة وارتضوا أن يكونوا هم الفاتورة التي يسدّدها مشغلوهم ثمناً للتسوية التي يقيمونها بعد المواجهة التي رسم خريطتها نتنياهو مع أوباما، وينفذها السعودي والتركي بواسطتهم.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى