جامعة «العربي» وقطبة حزب الله!

نظام مارديني

يثير التصعيد بين القوتين الجيوسياسيتين الكبيرتين في المنطقة، السعودية عبر مالها وإيران عبر حيويتها ، قلق المجتمع الدولي، بعدما أصبح هاجس الحرب بينهما يخيّم على عقل آل سعود في محاولة هروب من الاستحقاقات، الداخلية والإقليمية، التي تنتظرهم بعد انقشاع غمامة المعركة الدبلوماسية الخاسرة التي يقودونها، رغم التحشيد والتأييد اللتين وسّعت الرياض دائرتهما، واللذين تجاوزا الانتقاد لسياسة إيران الإقليمية، إلى إطلاق التصريحات النارية من قبل باكستان، ضد أي تهديد يستهدف الأراضي السعودية وذلك بعد زيارة «منتغمري»، ولي ولي العهد وزير الدفاع، محمد بن سلمان إلى إسلام آباد.

الدعوة إلى الحرب كانت دائماً أبلغ من الانتصار للسلام والتفاوض.. مفردات القتال جميلة وأخاذة ومفردات السلم والحوار خابية وفاترة. مَن يدعُ إلى القتال يكن أبلغ وأعظم تأثيراً، وتاريخنا مليء بخطب مزلزلة لا نزال نتأمل في بلاغتها، لأنها شريرة كقول الحجاج الذي قال «إني أرى الرؤوس قد أينعت وحان قطافها وإني لصاحبها»… الصليل والقعقعة كلمتان تملآن الفم وتثيران غرائز آل سعود أينما توجّه شرهم في اليمن والعراق وسورية.

لم تكن العلاقات السعودية الإيرانية بعد الثورة حسنة منذ سقوط الشاه سنة 1979، وهو الذي كان يحكم الخليج بالعصا، واستمرّ التوتر هذا بأساليب متعددة وعبر أدوات مختلفة، وكما يبدو واضحاً فإن الاختلاف بين الدولتين عميق جداً ولا يبدو أن زوال هذا الاختلاف سيكون غداً، إن لم يتّسع أكثر.

اجتماع الجامعة العربية الذي أكد تضامنه مع الرياض، في ما خص الاعتداء على البعثات الدبلوماسية السعودية في إيران. هذا الاجتماع جاء في سياق استعادة الذاكرة أيضاً، بين تحشيد قطر «الديمقراطية» للجامعة ضد سورية قبل أربع سنوات، والتحشيد الذي تقوده مملكة «الحرية» ـ السعودية في هذه الجامعة ضد إيران.

واستناداً إلى الاجتماع الجديد للجامعة العربية والمشكك في نيات توجهاتها، فإن قطبة مخفية تشير إلى التناقض الصريح بين ما يصرّح به غلام آل سعود عادل الجبير وبين ما هو واضح للعيان، وهذه القطبة المخفية هي «إرهاب» حزب الله، فكيف لها أن تثبت الرياض عدم ارتباطها بـ»داعش» ولو بغطاء الجامعة وأمينها «العربي»، الذي لطالما أهانه وزير خارجية مشيخة قطر المخلوع حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني؟

وما يجب التركيز عليه في مثل هذا الواقع، أن الدخان المرتفع جراء نيران التصريحات من هنا وهناك، والتي أشعلت لهذا السبب أو ذاك، حجبت وبشكل كبير القضية الفلسطينية، وجعلتها في آخر الاهتمامات، وذلك بعد الانفتاح الكبير بين الكيان الصهيوني وكل من السعودية وقطر والإمارات.

إذا ما استمر آل سعود في دعمهم مسمار جحا الفكر الوهابي الذي دقّوه في المنطقة، سيبقى السؤال إلى أين هم ماضون بجنونهم المقبل في العالم؟

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى