غارات إعلامية

سناء أسعد

غارات إعلامية ليست الأولى ولن تكون الأخيرة… فمستلزمات الحرب الكونية على الدولة السورية اقتضت الكثير من الأدوات والمعدات والتجهيزات غير الشرعية لإنجاح تلك المؤامراة.

غارات إعلامية قصفت الكلاميات على معابر مليئة بالخنادق والحفر والمطبات… تغزو وتُهاجم برصاص غادر وبقذائف لم تهتك الأجساد، لكنها هتكت وفتكت بأصول الأدبيات والأخلاقيات المطلوبة في إثارة أي موضوع إنساني أو سياسي، حتى تتكامل طريقة طرحه من حيث أبعاده ومدى الوصول إلى حلول ونتائج مُجدية تفيد عملية طرحه وتناوله، لمعالجته بعد نقاشه بطرق سلمية وبوسائل صحيحة ونوايا حسنة وصادقة.

ولكن للأسف، المُناجاة الواهمة التي انطلقت بصواريخ اللامنطق على مضايا لم تكن إلا لجلب «ناتو» الإغاثي والمعونات «الإسرائيلية» بمال سعودي وهّابي محمولاً على أكتاف عثمانية إخوانية.

هذه المُناجاة وهذا العويل والتباكي لا يخرجان من بوتقة الغارات الاستفزازية المحلقة في رؤوس الأوغاد الفارغة من كلّ شيء ولكنها معبأة بهواء «إسرائيلي» بحت.

غارات تسبح بلعاب الحمقى المتكالبين اللاهثين على أبواب الحرية المزيفة.

أوجاع واهمة استفاق عليها المعارضون للوجود السوري بكليته الشرعية، فدبّت النخوة المغلفة بعقلية «إسرائيلية» في القلوب «الداعشية» المتفرقة على أرصفة الإرهاب الممتدّة في كلّ مكان، على الجوع الذي حوَّل اللحم البشري لسكان مضايا دون المسلحين منهم إلى هياكل عظمية، كما يزعمون ويدّعون.

عارٌ سياسي جديد بطريقة طرحه الحمقاء ولكنه ليس مفاجئاً.

يبدو أنّ إفلاس الأعداء في الميدان وصل إلى ذروته، والخسارات المتتالية خرجت من حيز التصنيف في منحى الخيبة لحقيقة التسليم المرة والموجعة بالانتصارات التي يحققها أبطال الجيش العربي السوري في ساحات الميدان على الأرض السورية. هذه الحقيقة التي خلقت الهستيريا والجنون والارتباك في صفوف الأعداء. فورقةُ الميدان ورقة رابحة في يد الدولة السورية لذلك لن تكف الأيدي عن المحاولات الحاقدة لتمزيق تلك الورقة وتفتيها مهما كان الثمن وبأي طريقة.

لذلك اتبعوا في حملة المناجاة اللاإنسانية واللاشرعية في مضايا أساليب إن طرقت باب العقل أو المنطق لا يُفتح لها. لكنّ كلّ شيء متوقع من بائعي الضمير الذين استفاقوا من نومهم بعد رحلة نوم طويلة وعميقة لم يحاولوا أن يسجلوا فيها أي حضور أو موقف حقيقي من أجل سلام وأمن الشعب السوري.

استفاق أصحاب النخوة والضمير في مضايا أخيراً، والوضع في سورية بالكامل يحتاج إلى يقظة الضمائر التي نامت أو يصحُّ القول فيها إنها ماتت.

نعم، إنّ الضمائر العربية بيعت لتموت لا لتنام فقط من أجل استمرارية الأزمة السورية. من أجل المحاربة مع كلّ صفّ وفي كلّ طريق ومع كلّ وسيلة وكلّ حجر قبل الرصاص من أجل إسقاط الدولة السورية وتفتيتها لتحقيق المشروع الصهيو ـ أميركي في المنطقة والذي لا يتم إلا بقطع إمدادات سبل المقاومة كافة، وتُعتبر سورية لبّ المقاومة ووجودها النضالي والكفاحي والمدّ الاستراتيجي لها بأبعاده النضالية والمعنوية كافة، وهذا يحول دون تحقيق ذلك المشروع.

استفاق ضمير الخونة في مضايا، لكنه لم يستفق على قذائف الموت والتفجيرات الإرهابية التي لا تتوقف في شوارع مدينة حمص وأكثر ضحاياها أطفال أبرياء.

استفاق ضمير العملاء من أجل إيصال الإغاثات والمعونات إلى سكان مضايا، لكنهم لم يستفيقوا لوقف التسليح والدعم الإرهابي لفكّ الحصار الاقتصادي الذي يعاني منه الشعب السوري بالكامل والذي كان هو وآلاف الحصارات التي لا تعد ولا تحصى وليد تلك الأزمة المُفتعلة لتحقيق مصالح يهودية غربية وهّابية إخوانية في المنطقة.

مؤسف جداً ما يجري. ولكن لماذا الاستعانة بصور مزيفة لإثارة الرأي العام وإثارة شفقة القلوب وحفيظة النفوس؟ ألا يكفي المشهد السوري المأساوي بكامله لتحقيق تلك الإثارة، هذا المشهد الذي صار يلازم المواطن السوري بأبسط جزئيات حياته وتفاصيلها؟

نحن السوريين لسنا في حاجة ولن نكون في حاجة أبداً إلى صحوة الضمير تلك التي صار صكّ ملكيتها في يد «إسرائيل» منذ احتلت الأراضي الفلسطينية والعربان يصفقون ويهللون وينحنون لوجودها.

لا نحتاج إلى تلك الصحوة، ليبقوا نياماً في غيبوبتهم اليهودية لأنه إن حصل واستفاقت تلك الضمائر ستستفيق لتقول نعم للإرهاب داخل الأراضي السورية. نعم لاستمرار الأزمة بأبعادها كافة. نعم للإعلام السافر الحاقد المتمثل بالجزيرة والعربية وأخواتها. ذلك الإعلام الوهّابي السلفي المُتواصل بحملاته الإرهابيّة من دون توقف منذ بداية الأزمة السورية لارتكاب المجازر الدموية ولمباركة الوجود «الإسرائيلي» في المنطقة ولمحاربة وقتل روح المقاومة.

نحن السوريين سننتصر على الإرهاب وعلى ممثليه كافة، سواء ممن حملوا السلاح أو ممن حملوا الأحقاد فلا فرق كبيراً بينهم. أو يصحُّ القول إنه لا يوجد فرق بالأساس، فكلاهما يقتل ويشرِّد ويدمِّر ويسفك الدماء ولكن بطرق وأساليب مختلفة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى