«قواعد العشق الأربعون»… الطريق إلى الحبّ الحقيقيّ!
إقبال قدوح
«قواعد العشق الأربعون»، رواية صوفية للكاتبة التركية إليف شافاق، وتدور أحداث الرواية حول سيدة اسمها «إيلا روبنشتاين»، التي بقيت حياتها علی مدی أربعين سنة كالمياه الراكدة، إلى أن داهم الحب حياتها بغتة علی نحو عنيف، فكان كحجر جاء من مكان مجهول، وضرب بركة حياتها الهادئة.
«إيلا» التي وُظّفت في إحدی دور النشر الأدبية، كان واجبها الأول، قراءة رواية «تجديف عذب» لمؤلف أوروبي مغمور، علی أن تكتب تقريراً مفصّلاً عنها.
«قواعد العشق الأربعون»، رواية ما أحوجنا إلى قراءتها والغوص في ما تحمله من سموّ معاني الحبّ الخالص من دون أي مقابل، إذ تحلّق الأرواح في ذلك العالم الروحاني العميق بكل نقاء وصفاء.
تجمع الكاتبة علی أن لا اختلاف بين القرنين الحادي والعشرين والثالث والعشرين. ففي تلك الحقبة كان عصر الصراعات الدينية حيث فقد الأمان وحلّ الخوف وسوء التفاهم في مفهوم الثقافة الدينية والأخلاقية.
ثلاثة محاور للرواية في زمنين مختلفين تحكي عن شمس التبريزي مجترح قواعد العشق الأربعين، الذي استطاع أن يؤثر جذرياً في حياة جلال الدين الرومي الفقيه الخطيب الذي كان يحظى بالمحبة والتقدير والاحترام، وكانت له هيبته بين الناس، والذي تحول علی يد ذلك الصوفيّ التبريزي إلی إنسان عاديّ ترك كل الرفاهية والعزّ، مفضّلاً العشق الإلهي علی مُتع الحياة.
عندما التقى الرومي الدرويشَ الجوّال، تحوّل من رجل دين إلی شاعر عاطفيّ وصوفيّ ملتزم، وأنشأ طقوساً صوفية تتمثل برقصة الدراويش، وتحرّر من القيود التقليدية كافة.
كان واضحاً في دعوته إلی جهاد النفس وقهرها. لكن الناس حاربوه ولم يفتحوا قلوبهم للمحبّة، وأصبح موضع ذمّهم وافترائهم عبر بثّ الشائعات.
المحور الآخر تبلوَر في تغيير حياة «إيلا» التي كانت تعاني من الروتين والملل في حياتها العائلية، والتي انقلبت حياتها بعد قراءتها رواية المؤلف «زد»، «زاهارا»، فتحولت حياتها من بركة هادئة إلی بحر متلاطم، إذ فضّلت هجر كل شيء، والتحقت بمؤلف الرواية بعدما تعرّفت إليه عبر البريد الإلكتروني، فكانت كما الرومي مع التبريزي عاشقة ومُحبّة.
أخيراً، ومن أجمل ما يمكن أن يقع عليه قارئ «قواعد العشق الأربعون»: أن السبيل إلی إدراك الحقيقة عملٌ من أعمال القلب لا العقل. دع قلبك يرشدك أولاً لا عقلك، التقِ نفسَك وتحدّاها، وبالتالي سيطِر عليها بقلبك. إن معرفتك بنفسك ستقودك إلی معرفة الله. ما من جمال يدوم إلی الأبد علی وجه الأرض، إن المدن تشيّد علی أعمدة روحية، وهي تعكس قلوب سكانها، شأنها شأن المرايا العملاقة، فإذا اسودّت تلك القلوب وفقدت إيمانها، فإن المدن ستفقد بهاءها بدورها!