البنك الدولي: الفراغ الرئاسي في لبنان يُعيق تطبيق الإصلاحات اللازمة
أصدر البنك الدولي هذا الأسبوع تقريراً بعنوان «الآفاق الإقتصادية العالمية ـ كانون الثاني 2016 ـ الآثار غير المباشرة في ظلّ النمو الضعيف» يرتقب من خلاله انتعاش بطيء في النمو الاقتصادي العالمي في خلال الأعوام القليلة المقبلة.
وفي التفاصيل التي نشرها التقرير الأسبوعي لبنك الاعتماد اللبناني، يقدّر البنك الدولي نسبة النمو الاقتصادي العالمي في حدود الـ2,4 في المئة في خلال العام 2015، مقارنة بتقديرات سابقة بنسبة 2,8 في المئة. وارتقب التقرير أن ترتفع نسبة النمو الاقتصادي العالمي تدريجاً لتصل إلى 2,9 في المئةعام 2016 و3,1 في المئة في كلّ من العامين 2017 و2018، وعزا البنك الدولي هذا الضعف في النمو إلى التباطؤ المستمر في النمو الاقتصادي لدى الدول الناشئة والدول قيد التطور، توازياً مع انتعاش خجول لدى الدول المتقدمة.
كذلك لفت إلى تراجع أسعار السلع والضعف في تدفق الرساميل وفي حركة التجارة العالمية كمعوقات رئيسية للنمو لدى الدول الناشئة. إلا أن التقرير توقع ان يشهد الاقتصاد العالمي انتعاشاً نسبياً في خلال الفترة المقبلة في ظل تحسن الاداء الاقتصادي للدول المتقدمة الكبرى وتشديد شروط التمويل واستقرار اسعار السلع وعودة التوازن تدريجاً في الصين.
في الأرقام، توقع البنك الدولي أن تصل نسبة النمو الاقتصادي لدى الدول قيد التطور إلى 4,8 في المئة في العام 2016 وأن ترتفع إلى 5,3 في المئة في كل من العامين 2017 و2018. من جهة أخرى ارتقب أن تبقى نسبة النمو الاقتصادي الحقيقي في الدول ذات الدخل المرتفع ثابتة نسبياً على 2,1 في المئة في كلّ من الأعوام 2016 و2017 و2018.
على الصعيد الإقليمي، سلط التقرير الضوء على التحسن الملموس في النشاط الاقتصادي لدى الدول المستوردة للنفط في منطقة الشرق الاوسط وشمال أفريقيا في خلال العام 2015 والذي طغى على التراجع في أداء دول المنطقة المصدّرة للنفط، وارتقب التقرير أن يستمر هذا الأداء المشجع للمنطقة في الأعوام القليلة الآتية، آخذاً في الاعتبار الانتعاش المرتقب للاقتصاد الإيراني بعد رفع العقوبات عنها بشكل تدريجي.
من جهة أخرى، أشار التقرير إلى التحديات المختلفة التي تواجهها بلدان منطقة الشرق الاوسط وشمال أفريقيا، لا سيما أي تفاقم في حدة التوترات السياسية والأمنية أو تراجع مستمر في أسعار النفط أو نشوء صراعات اجتماعية اضافة إلى الحاجة إلى خفض عجز المالية العامة لا سيما لدى الدول المصدّرة للنفط. في هذا السياق، توقع البنك الدولي أن ترتفع نسبة النمو الاقتصادي الحقيقي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من 2,5 في المئة في العام 2015 إلى 5,1 في المئة في العام 2016، ثم إلى 5,8 في المئة في العام 2017 لتعود وتنخفض بشكل طفيف إلى 5,1 في المئة عام 2018.
أما محلياً، فجاء لبنان في المرتبة الأخيرة في المنطقة لجهة النمو الاقتصادي المرتقب للعام 2016 والمقدّر بـ2,5 في المئة توازياً مع تونس مسبوقاً من ليبيا 35,7 في المئة وإيران 5,8 في المئة والجزائر والضفة الغربية وقطاع غزة 3,9 في المئةلكل من الدولتين ومصر 3,8 في المئة للذكر لا للحصر.
وتوقع البنك الدولي أن تبقى نسبة النمو الإقتصادي الحقيقي في لبنان مستقرة عند 2,5 في المئة في خلال العام 2017 قبل أن تتحسن إلى 3,0 في المئة في العام 2018.
وفي التفاصيل، كشف التقرير أنّ لبنان استفاد من تدهور أسعار النفط والسلع الغذائية، الأمر الذي انعكس إيجاباً على كلفة الاستيراد والنمو في معدلات الاستهلاك والاحتياطات المكوّنة في المالية العامة. على الرغم من ذلك استبعد التقرر أي انكماش ملحوظ في عجز المالية العامة في لبنان في المستقبل القريب، الأمر الذي قد ينتج عنه تراكم في رصيد الدين العام.
من جهة أخرى، سلّط التقرير الضوء على تداعيات الأزمة السورية على الاقتصاد اللبناني ولا سيما على حركة التجارة والاستثمار عبر الحدود وقطاع السياحة والخدمات العامة والبنى التحتية في ظلّ زيادة عدد اللاجئين السوريين نحو 1,1 مليون لاجئ كما في نهاية تشرين الثاني 2015 أي ما يشكل نحو 25 في المئةمن عدد سكان لبنان . كذلك اعتبر التقرير أنّ التشنّجات السياسية المحلية والفراغ الرئاسي السائد منذ منتصف العام 2014 تعيق تطبيق الإصلاحات اللازمة وبحسب البنك الدولي تراجعت الرساميل الوافدة إلى لبنان بنسبة 33 في المئةعلى صعيد سنوي في خلال النصف الأول من العام 2015، غير أنّ التقرير أشاد باستمرار تدفق تحويلات المغتربين اللبنانيين إلى بلدهم الأم والتي شكلت نحو 16 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في العام 2014.