جمهور النجمة… جانٍ أم مُجنى عليه؟

يضفي جمهور النجمة نكهة خاصة على أي مباراة يكون فريقه طرفاً فيها، لا بل إنه يحوّل أي مباراة يواكبها مهرجاناً حقيقياً تغلفه أجواء مفعمة بالحماسة والفرح، المرتبطان بشكلٍ وثيق باللعبة الشعبية الأولى.

شكّل هذا الجمهور على مدى أعوام طويلة محور الحدث، وخطف إليه الأضواء، بفعل قوته وقدرته على قلب وقائع المباريات لمصلحة فريقه، حتى أنه أدهشنا في بعض المناسبات، بتجاوزه خسارة فريقه بإصرار غريب على الاحتفال، خصوصاً إذا كان عرض النجمة مطمئناً أو مقنعاً على مقياسه الخاص!

وهذا الموسم، خطف جمهور النجمة الأضواء مبكراً، حين شكّل قبل انطلاق الدوري بأيام «خلية أزمة» مهمتها جمع الأموال اللازمة من أجل تأمين الميزانية الكافية لدخول الفريق منافسات البطولة، بأفضل الممكن، وذلك في ظلّ الأزمة المالية التي يعانيها النادي.

وبقيت الأضواء مسلطة على هذا الجمهور في مباراة الديربي مع الأنصار في صيدا، منتصف تشرين الثاني الماضي، والتي شكلت تحوّلاً في مسيرة النجمة بالدوري، إذ أعقبها قرار حاسم من بلدية صيدا والمسؤولين في المدينة برفض استقبال مباريات النجمة في مدينتهم، بعد هتافات وشعارات استفزازية وجهها جمهور الفريق للمسؤولين في المدينة.

وكادت هذه الاستفزازات تخلّف تداعيات لا تحمد عقباها، لولا تحركات المعنيين على أعلى المستويات لتضييق ذيول ما حدث، وخصوصاً رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي بادر للاتصال بنائب مدينة صيدا بهية الحريري، وأبلغها استياءه الشديد من الهتافات والشعارات التي رافقت «الديربي» على ملعب صيدا البلدي.

وبناء على ما حدث، عاقب الاتحاد اللبناني النجمة، فألزمه خوض أول ثلاث مباريات له من دون جمهور.

وعانى الاتحاد لتأمين ملعب بديل، في ظل أزمة ملاعب تسببت في استبعاد استاد المدينة الرياضية غير المؤهل، وملعب بيروت البلدي الذي لا يستضيف مباريات النجمة منذ سنوات، إذ يعتبر الاتحاد أن وجوده في منطقة شعبية داخل بيروت، بؤرة مؤهلة للاحتكاك بين جمهور النجمة وسكان هذه المنطقة، بسبب اختلاف الطرفين سياسياً!

وبعد هذه المباراة شرع النجمة في ترحال طويل… من أقصى شمال لبنان، إلى أقصى جنوبه، مروراً بالجبل والبقاع، فخاض مباراته مع الحكمة في الجولة الخامسة على ملعب بحمدون في جبل لبنان، ثم عاد إلى بيروت ليواجه الراسينغ في برج حمود، قبل أن ينتقل إلى البقاع للعب مع «النبي شيت» على ملعب الأخير، في مباراة تكررت فيها مشاهد الشغب.

وبعد البقاع توجه النجمة إلى الجنوب، وتحديداً إلى كفرجوز للعب مع الشباب الغازية في الجولة التاسعة، قبل أن تواكب مباراته مع السلام في زغرتا، ضمن المرحلة العاشرة، إشكالات وشغب، دفعا بإدارة النادي الشمالي لرفض استقبال مباريات النجمة، في تكرار لمشهد صيدا، لكن ضمن سيناريو شمالي هذه المرة، ميزه حرب بيانات عنيفة بين إدارتي النجمة والسلام زغرتا.

وبمسعى من تلفزيون «الجديد» الناقل الرسمي لمباريات كرة القدم، عقدت مصالحة بين إدارتي النجمة والسلام، تمهيداً لاستضافة النادي الشمالي للنجمة في مباراته مع العهد ضمن الجولة الحادية عشرة الأخيرة ذهاباً، لكن ما كانت تخبئه خاتمة هذه المباراة الدراماتيكية كان أسوأ بكثير من سابقتها إذ تسببت «غضبة جمهور النجمة» بعد هدف فريقهم في مرمى العهد، بأضرار جسيمة في الملعب، بفعل الكراسي المتطايرة إلى أرض الملعب من كل حدب وصوب!

وعلى رغم كل ما رافق مباريات النجمة فإن تصنيف جمهور هذا النادي العريق لا يمكن إلا أن يكون في خانة ظواهر الكرة اللبنانية، فتصرف بعض هذا الجمهور أو قسم منه لا يدين القسم الباقي، وهو الشريحة الأكبر بكل تأكيد.

ويبقى الأهم بالنسبة لفريق النجمة ومسيرته في الدوري، هو معالجة الشغب وملاحقة المتسببين به ومعاقبتهم، إذ لا يعقل بأي شكل من الأشكال أن تتحول مباريات الفريق كرة نار تتقاذفها الأندية رافضة استقبال مبارياته على أرض ملاعبها بأي شكل من الأشكال.

ولا ينكر أحد هنا أن لإدارة النادي ورابطة جمهوره دور ومسوؤلية في هذا الأمر، خصوصاً بعد تراكم الغرامات وضغطها على خزينة النادي التي تئن بفعل العجز المتراكم منذ سنوات.

ولا يزايدن أحد في القول أن جمهور النجمة حاجة للدوري اللبناني، وقيمة إضافية لا يحتاجها النادي البيروتي فقط، بل الكرة اللبنانية عموماً، خصوصاً بعد هجرة الجماهير الملاعب لسنوات عدة، لكن تصويب أداء هذا الجمهور هو أيضاً ضرورة لا بد منها من أجل النجمة أولاً والكرة اللبنانية تالياً.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى