«أشباح» الليل في عين الحلوة

حسين حمّود

وسط انهماك القوى الأمنية بمختلف أنواعها بملاحقة الخلايا الإرهابية وتوقيف عناصرها ومعظمهم، بحسب ما أظهرت التحقيقات معهم، كانوا مكلفين بتفجيرات أمنية في الداخل اللبناني وتجنيد عناصر إرهابية، تبقى المخيمات الفلسطينية في دائرة الضوء لما لهذه المناطق من حساسية أمنية، ولا سيما في ما يتعلق بجعلها من التنظيمات المتطرفة ملاذاً آمناً لها.

وبرغم تأكيد مصادر فلسطينية أنّ الوضع الأمني في المخيمات مستقرّ، ولا سيما بعد إعلان «الشباب المسلم» والفصائل الفلسطينية بكلّ تلاوينها، والذي تضمّن تأكيد الجميع رفض الاقتتال الفلسطيني – الفلسطيني والاغتيالات من أيّ نوع كان وإجراء مصالحات شاملة لإزالة ذيول المواجهات العسكرية السابقة، تخوّفت المصادر من تحرّك بعض الجهات المتضرّرة من ترسيخ الأمن في المخيّم، والعمل بالتالي على إحداث توترات أمنية كمقدّمة لتفجيرات واسعة، وتحديداً في مخيم عين الحلوة لتهجير أهله في إطار مخطط أميركي إقليمي – «إسرائيلي» لتصفية القضية الفلسطينية أو على الأقلّ إنهاء حق العودة.

وضمن هذا السياق، تعتبر المصادر أنّ قرار وكالة غوث اللاجئين «أونروا» بتقليص تقديماتها التربوية والصحية للفلسطينيين تصبّ في المخطط المذكور، عن قصد أو عن غير قصد.

وأشارت المصادر من جهة أخرى، إلى أنّ تقليص الخدمات سيؤدّي إلى زيادة الإفقار اللاجئين، إضافة إلى تردّي أوضاعهم الصحية والتربوية أكثر مما هي عليه ما يسهّل في النتيجة، «اصطياد» الجماعات الإرهابية للشباب اليائس وتجنيده في صفوفها واستخدامه في أعمال أمنية في لبنان أو سورية أو العراق أو أيّ مكان آخر تعتبره «ساحة جهاد» لها.

وفي هذا الإطار أيضاً، كشفت المصادر عن ظهور شباب مقنّع في الليل، في نقاط تواجد المتطرفين في مخيم عين الحلوة وانكفائهم نهاراً كـ»الأشباح»، من دون قيامهم بأعمال مشبوهة ظاهرة سوى عقد اجتماعات كثيفة في ما بينهم. ولفتت المصادر إلى أنّ تلك المجموعات الشبابية يتراوح أعمار أعضائها بين الخامسة عشرة والسابعة عشرة تقريباً، وكما هو معلوم، فإنّ منفذي جرائم التفجير الإرهابية لا يتجاوزون هذه السن. واللافت أيضاَ على هذا الصعيد أنّ هؤلاء يعتمدون الوسائل التقنية للتواصل في ما بينهم زيادة في الحرص على أمنهم، من دون أن يكون هناك أيّ رقيب على محادثاتهم وتحركاتهم.

لكن المصادر أكدت أنّ الوضع الأمني ممسوك في المخيم، وهناك استعداد للدفاع عنه وعن أهله، وعدم السماح لأيّ جهة بافتعال إشكالات تؤدّي إلى فتنة فلسطينية فلسطينية تصيب بشظاياها الأمن اللبناني، وخصوصاً الجوار.

وفي الوقت عينه حذّرت المصادر من مواصلة وكالة «أونروا» سياستها التقشفية، إذ إنّ هذا الأمر سيؤدّي إلى تصعيد الاحتجاجات الشعبية في المخيمات، والتي لن تقتصر على الاعتصامات، بل ستمتدّ التحركات إلى مقارّ الوكالة وما حدث يوم أمس من إقفال مكتب «أونروا» في مخيم عين الحلوة، حيث أقفلت اللجان الشعبية الفلسطينية المقرّ وأخرجت المستخدمين منه، مؤشر إلى نوع التحركات التصعيدية المقبلة، خصوصاً أيضاً، بعد إقدام الشاب الفلسطيني عمر خضير على حرق نفسه في منزله في مخيم البرج الشمالي في صور لعدم تمكّنه من دفع تكاليف الاستشفاء.

وخلصت المصادر إلى التحذير من استغلال بعض الجهات هذه الأوضاع للتسلل منها والتغرير ببعض الفلسطينيين وتجنيدهم في صفوفها، علماً أنّ هذا الأمر لم ينجح سابقاً، لكن المطلوب بإلحاح معالجة موضوع «أونروا» من جهة، وتحسين الأوضاع الحياتية للفلسطينيين من جانب الدولة اللبنانية من جهة أخرى.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى