محمد الفرّا… إبداع بدأ بقلم الرصاص ويتواصل برسوم معمارية فريدة في تفاصيلها
لم يدرك الشاب محمد الفرّا أن موهبته ستتجلّى يوماً ما بشغف صارخ يوازي سعيه الدراسي المتواصل منذ سنوات الطفولة. لكنه، ومن دون قرار مسبق، راح يخطّ بقلم الرصاص كلّ ما تقع عليه عينه، باعثاً في لوحاته دفقاً من الأحاسيس الفياضة والتصوّرات الخلّاقة التي كانت تتجاوز سنّه الصغيرة. ولأن الرسم تحوّل من طفل صغير يلهو داخله إلى مارد يفرض حضوره قسراً، فقد سعى الفنان الشاب إلى تشذيب هذه الموهبة المحبّبة ودعمها بالدراسة والتدريب.
وأوضح الفرّا أنه وجد نفسه منذ السنوات الباكرة من عمره يخطّ عن غير وعي أجمل الخطوط والأشكال على الورق بتشجيع من محيطيه الأسَري والتعليمي، ما رفع من ثقته بنفسه ومنحه الدافع للتميّز. فقرّر لاحقاً تعلّم الرسم بشكل احترافي يدعم حضوره الإبداعي من خلال ورش تدريبية طوّرت أدواته بشكل كبير. منوّهاً بأن دخوله إلى كلّية العمارة عمّق موهبته ودعم قواعد فنّ الرسم لديه بشكل أكاديميّ.
وتابع: بعد دخولي إلى كلّية العمارة أصبح الرسم محوراً أساسياً في حياتي، لأجد نفسي متميزاً في دراستي بفضل موهبتي. وهنا صار الرسم يكمل الدراسة والعكس صحيح، إذ لاقت رسوماتي تجاوباً لافتاً من قبل أساتذتي في الجامعة، ولفت انتباههم في النماذج التي أقدّمها عنايتي الشديدة بالتفاصيل الدقيقة.
وقال الفرّا إن الجامعة كانت هي الباب الواسع لما تبدّى من حضوره المغاير والمبدع في آن، إذ إنّ الورش التي كانت تنظّمها حقّقت له نقلة نوعية في مجال الرسم. ومنها «ورشة المسير» في أحياء الميدان العريق لتوثيق المباني الأثرية عن طريق الرفع.
وبحسب قوله فإن رسوماته سابقاً كانت عبارة عن صور ثنائية الأبعاد تقتصر على الطول والعرض، أما الآن فقد انتقلت إلى حجوم واقعية لناحية الطول والعرض والعمق، ومن خلال العين المجرّدة استطاع أن يحصر الكتل محوّلاً إياها إلى خطوط ينقلها من الواقع إلى الورق بدقة كبيرة وبأسلوب خاص.
وأضاف الفرّا: كل ذلك جعلني على ثقة تامة بنشر رسوماتي ومشاركتها في المعارض، خصوصاً بعد الدعم والتشجيع اللذين تلقيتهما من أساتذتي لتصبح الجامعة فضاءً لعرض أعمالي وإبراز موهبتي التي دفعتني إلى أن أنساق وراء خامات قلمي. فصارت لرسوماتي تأثيرات بصرية هائلة وأخرى ملمسية تختلف إيحاءاتها باختلاف درجات اللون وجمال الخطوط ونقائها، لتكون مشاركتي الأولى في معرض «يوني آرت» برعاية فريق «النحل الأخضر» التطوّعي.
ولفت الفرا إلى أنه ما زال في بدايات الطريق وينتظر من الحياة أن تعكس رغبته وقدرته على تجسيد أدقّ التفاصيل، معتمداً على حسّه وخياله الفني المدعّم بالدراسة الأكاديمية التي تحفّزه على التعمق أكثر في فنّ الرسم على حدّ تعبيره. معترفاً بأن الرسم بقلم الرصاص هو اختياره منذ البداية. فالخامات تشعّ سحراً وجمالاً عندما يلامسها الرصاص كما هو حال أشهر روائع الرسم عبر التاريخ. مع الحرص على تنويع تصاميمه وبحثه عن التميّز لتكون رسوماته أقرب إلى لقطات فوتوغرافية.
وذكر أن معدّات رسمه لا تتجاوز مجموعة من أقلام الرصاص بمختلف درجاتها المتراوحة بين الصلابة والليونة والفاتح والغامق، والتي تتطلّب صبراً وحباً يمدّ صاحبه بقوة لمواصلة ما بدأه بكل إتقان، ومن دون إغفال أيّ تفصيل مهما كان بسيطاً، إضافة إلى استخدامه ألوان «ألفا» لتنفيذ الرسومات المعمارية.
يشار إلى أن الشاب محمد وسيم الفرّا من مواليد دمشق عام 1996، وهو طالب سنة ثالثة في كلّية هندسة العمارة في الجامعة الأوروبية.