تركيا تستعين بـ«داعش» والسعودية بـ«القاعدة»

ناصر قنديل

– عندما تُعدم السعودية أربعين عنصراً وكادراً من تنظيم «القاعدة» في السلة ذاتها التي تضمّنت إعدام الشيخ نمر النمر، فهي لا تريد فقط تقديم إعدام الشيخ النمر كجزء من حربها على الإرهاب، وعندما تقوم وحدات تركية في بعشيقة قرب الموصل بالتحرّش بمجموعات «داعش» القريبة، من خارج أيّ خطة عمل جدية لتحرير أيّ بقعة جغرافية تحت سيطرة «داعش»، فالأمر يتخطى ما قاله الأتراك من دفاع عن النفس.

– الدور التاريخي للسعودية في رعاية الإرهاب الذي تمثله «القاعدة» منذ نشأتها مع بدايات الحرب في افغانستان ضدّ الدور السوفياتي، لا ينكره السعوديون وتمتلئ به الدراسات الأميركية الموثقة، والدور الراهن للسعودية مع الخسائر السياسية المتلاحقة، في سورية واليمن، يجعل السعودية بحاجة إلى جولة من المواجهات الدموية العنيفة مع «القاعدة» تتيح تقديم الرياض كعنوان للحرب على الإرهاب من جهة، وتبرّر المزيد من القبضة الحديدية للحكم تجاه كلّ معارضة داخلية من جهة أخرى، وتحصين النظام في وجه أيّ دعوات داخلية وخارجية للإصلاح بوضع العالم بين خيارَي، العائلة الحاكمة على هواها وبطريقتها أو «القاعدة»، فانتزاع التسليم الدولي والإقليمي بحماية النظام الحاكم في السعودية وتلبية البعض من تطلباته وطموحاته بصفتها من شروط الحرب على الإرهاب، هدف يستدعي استجلاب «القاعدة» إلى جولة مواجهة تبدو قادمة بعد الإعدامات وتهديد «القاعدة» بالردّ.

– دور تركيا في ولادة «داعش» ورعاية سقوط سدس العراق بيد التنظيم، لا يحتاج دليلاً، ودور حكم حزب العدالة والتنمية في الإمداد والحضانة وتقديم الملاذ لـ«داعش»، وتجارة النفط لحسابه هو الآخر بات فوق النقاش، لكن حجم الخسارة التركية في سورية، ووضوح حشرها خارج الحدود بقوة الحسم الروسي بحرمانها التحليق في الأجواء السورية، والتقدّم العسكري النوعي للجيش السوري في أرياف حلب واللاذقية، وفشلها بنيل التغطية لتموضع قواتها في العراق، سواء من الحكومة العراقية أو من التحالف الدولي، وقصور تغطية البيشمركة ورئيس إقليم كردستان مسعود البرزاني عن تقديم المطلوب من الغطاء، تفرض على الحكومة التركية الحاجة إلى جولة مواجهة دموية مع «داعش»، تعيد تلصيق تركيا كعنوان للحرب على الإرهاب من جهة، وتمنح بعضاً من المشروعية لنشر قوات تركية في نقاط حدودية سورية ونقاط داخل الأراضي العراقية، وتمنح التبرير والتمهيد، لمحاولة تركية لركب موجة حرب الموصل المقبلة، أسوة بالمسعى الأميركي لاستباق حرب الرقة بعنوان «قوات سورية الديمقراطية»، ولإنشاء توازن مقابل الوحدات الكردية التي تشكل نواة هذه القوات.

– سنشهد المزيد من تصاعد مؤشرات استجلاب السعودية لحرب مع «القاعدة» واستجلاب تركيا لحرب مع «داعش».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى