أزمة الثلاثي الأسود: أردوغان وأوغلو والبرزاني

يوسف المصري

الثلاثي الذي حاول إيجاد معادلة عدوانية في كل من العراق وسورية وصل كل منهم إلى الحائط المسدود إقليمياً وداخل مربعه السياسي الداخلي.

أردوغان ارتدّ عليه إرهاب داعش فهو حينما اضطر تحت ضغط انفضاح صورته العالمية كبائع نفط للدولة الإسلامية وكميسّر لعمليات انتقال إرهابيّيها من الأراضي التركية إلى سورية، حاول تخفيف تنسيقه مع داعش»، فردّ الأخير بنقل إرهابه الذي كان يرعاه أردوغان في سورية إلى داخل تركيا.

يكرّر داعش هنا ما يفعله الإرهابيون منذ ظهورهم من خلال نسختهم الأولى «الاخوان المسلمين» في مصر وسورية خلال عقد سبعينيات القرن الماضي، ومن ثم «القاعدة» في أفغانستان وعبر العالم، وحالياً من خلال داعش ورعاتها حزب التنمية والعدالة الإخواني.

في مصر ربّى أنور السادات قاتليه الإرهابيين، حاول أن يقاتل بهم صعود اليسار المصري خلال أول حكمه، ولكن عندما اشتد ساعدهم اغتالوه.

تعلّمت الدولة المصرية الوطنية العميقة، التي في جوهرها يوجد الجيش المصري، الدرس، وهي ترفض الآن الضغوط الأميركية كلها لاحتواء «الإخوان المسلمين» وإشراكهم السلطة والحكم.

باختصار، تعلمت القاهرة أنّ الإرهاب لا يمكن مهادنته أو عقد صفقة تشارك حكم مع «الماكياج» الذي يغطي به وجهه.

ولاحقاً، أرسل الأميركيون والسعوديون القاعدة إلى أفغانستان، ليقاتلوا بها الاتحاد السوفياتي والنظام الأفغاني الاشتراكي، ولكن آخر مشهد في مشوار إرهاب القاعدة هناك كان قيامها بضرب الرياض ونيويورك وواشنطن البنتاغون .

ولكن حتى الآن، وعلى عكس مصر، فإنه لا واشنطن ولا السعودية تعلمتا الدرس على نحو نهائي وكامل.

.. والآن تركيا تصل إليها نتائج التجربة مع الإرهاب نفسها، ولا يتغير في الحالة الجديدة إلا العنوان حيث تسمية داعش تظهر بدلاً من تسمية القاعدة أو «الإخوان المسلمين»، علماً أنّ الأطراف الثلاثة هم سلالة واحدة.

ومن هنا، فإنّ حال مسعود البرزاني يقارب حالة أوغلو، لجهة انفضاح أمره وزيف صورته. فهو داخل بيئته الكردية بات ينظر إليه على أنه مجرد موظف عند السلطان التركي، يسهّل عملية اختراق الجيش التركي للحدود العراقية، وبالوقت نفسه يقدّم تغطية سياسية كردية لقيام «حزب التنمية والعدالة» باضطهاد أكراد تركيا والانقلاب على نتائج الانتخابات التشريعية السابقة التي أدخلتهم إلى البرلمان التركي لأول مرة.

يواجه البرزاني حالياً أزمة أنه مدعوّ لإجراء انتخابات لتجديد منصبه كرئيس لمنطقة كردستان ذات الحكم ذاتي. قانونياً استنفد كلّ مراحل البقاء في منصبه، وشعبياً يواجه نقمة شعبية كردية عليه. ويفضل البرزاني عدم إجراء الانتخابات والاستعانة بصديقه أردوغان لتطويع الاعتراض الكردي عليه.

أما الطرف الثالث في المعادلة الثلاثية الآيلة للسقوط، فهو أوغلو ولقبه «الرجل المريض» داخل كلّ هذه المعادلة التي باتت هشة. فهو حاكم من دون صلاحيات، ومعروض عليه مستقبل واحد داخل حزبه، وهو أن يتمّ تقديمه كقربان لأخطاء أردوغان.

معادلة الظلم السوداء الثلاثية المتآمرة على أمن سورية وعلى حقوق الأكراد داخل تركيا والداعمة للإرهاب، والتي لها صلة عبر كردستان مع الموساد «الإسرائيلي»، تواجه اليوم انقلاب السحر على الساحر.

وتفيد كلّ التوقعات انّ الاسابيع المقبلة ستحمل المزيد من انهيارات هذه المعادلة، ذلك ان تفجير داعش في اسطنبول لا يحمل فقط معنى ارهابياً مداناً من الجميع، بل يحمل ايضاً معنى انّ لعبة اردوغان في سورية وضدّ الأكراد داخل بلده ليست من دون ثمن يدفعه نتيجة انه في كلّ هذه الحروب الظالمة توسّل داعش والارهاب والتحريض المتمذهب لنيل نفوذ اقليمي وسلطة متضخمة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى