إسرائيل تلوح بغزو بري والمقاومة تهدد بقصف العمق الصهيوني وتوريط العدو بحرب برية سعي حكومة نتنياهو عبر مصر إلى تحقيق معادلة هدوء مقابل هدوء يصطدم باشتراط المقاومة إطلاق أسرى صفقة شاليط
حسن حردان
على رغم ازدياد أعداد الصواريخ التي تتساقط على المستوطنات الصهيونية في جنوب فلسطين المحتلة رداً على استمرار الاعتداءات «الإسرائيلية» على قطاع غزة، لم تعلن الحكومة «الإسرائيلية» حالة الطوارئ واكتفت باستدعاء 1500 من جنود الاحتياط وفتح الملاجئ لأول مرة منذ عملية عمود السحاب ومنع التجمعات في محيط 40 كيلومتراً حول غزة.
ومع أن جيش الاحتلال «الإسرائيلي» يستعد لاحتمال اتساع نطاق المواجهة، إلاّ أن الحكومة الصهيونية تعول على المفاوضات الجارية عبر الوسيط المصري للعودة إلى التهدئة، وكانت لافتة إشارة مسؤولين «إسرائيليين» كبار إلى أن المصريين يلعبون دوراً كبيراً لاستعادة الهدوء ويواصلون نقل الرسائل بين «إسرائيل» وحركة حماس في محاولة لتحقيق هدنة بين الجانبين.
غير أن ما فوجئت به الحكومة «الإسرائيلية» هو اشتراط حماس للعودة إلى التهدئة إطلاق سراح الأسرى الذين شملتهم صفقة الجندي جلعاد شاليط، والذين أعيد اعتقالهم بعد اختطاف المجندين الصهاينة الثلاثة، وكذلك التمسك بتفاهمات اتفاق وقف النار الذي جرى التوصل إليها بوساطة مصرية بعد عملية عمود السحاب عام 2012.
هذا التطور وضع حكومة العدو أمام مأزق جديد، فهي تعتبر هذه الشروط معقدة، في حين تسعى إلى تحقيق مبدأ الهدوء مقابل الهدوء، ولهذا فإنها تستهول الاستجابة لشروط حماس، فالقبول بها يعني انكساراً «إسرائيلياً» جديداً أمام المقاومة من دون خوض معركة كبيرة بل لمجرد الخوف من الذهاب إلى جولة مواجهة واسعة لما قد ترتب من نتائج أسوأ عليها من جولات الحروب السابقة. لذلك تحاول حكومة العدو عبر الوسيط المصري التوصل إلى تهدئة بأقل الشروط وبالتالي الخسائر بما يجنبها الذهاب إلى خيار التصعيد تحت ضغط اليمين المتطرف بقيادة وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان.
لكن على رغم استعداد المقاومة من ناحية، وجيش الاحتلال من ناحية ثانية لخوض جولة مواجهة واسعة، يرى المحللون في الجانبين أن كلا الطرفين لا يريد أن يدخل في معركة دامية طويلة الأمد وباهظة التكاليف.
من هنا يبدو من الواضح أن المعركة الحاصلة حالياً والتي لا تزال تخاض من الجانبين تحت سقف منخفض، إنما هي كباش على شروط العودة إلى التهدئة من جديد، وكل طرف يستخدم فيها أوراق قوته كلها لحشر الطرف الآخر عبر ايصال الأمور حد «حافة الهاوية»، فـ»إسرائيل» تهدد بغزو بري للقطاع، والمقاومة تهدد بقصف عنيف يطاول العمق الصهيوني مع إيصال رسائل بأنها تسعى إلى توريط «إسرائيل» بحرب برية لخلط الأوراق في المنطقة وجلب الدعم العربي وتعزيز وحدة الشعب الفلسطيني، وهز ما لا تريده لا «إسرائيل» ولا أميركا ولا الأنظمة العربية الدائرة في فلكها في هذه المرحلة، لأنها تريد إبقاء الجهود منصبة باتجاه معركتها الأساسية لاستعادة نفوذها في العراق والاستمرار في استنزاف سورية وعدم السماح بعودة العرب للالتفاف حول فلسطين ومقاومتها.
غير أن التطورات الحاصلة في العراق لا يبدو أنها تسير في صالح الخطة الأميركية ـ السعودية التي أعدت لتوظيف هجوم داعش في غرب العراق لإعادة تشكيل السلطة العراقية لمصلحة القوى الموالية لواشنطن والرياض. إذ تشير المعلومات إلى يأس الإدارة الأميركية من العثور على بديل من رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي موال لها، ولهذا اضطرت إلى طرح خيار بديل هو أحمد الجلبي على رغم عدم ثقتها به لعلاقاته الجيدة مع إيران.
وبدا واضحاً أن عدم قدرة واشنطن على فرض شروطها السياسية لم يثنها عن مواصلة التهويل بمخاطر تقسيم العراق عبر القول بأن تأجيل جلسة البرلمان العراقي يهدد بإضعاف قدرة بغداد على المحافظة على وحدة البلاد.