«فرقة حكي»… شِعرٌ وبوحٌ وموسيقى وفلسطين ومقاومة

لمى نوّام

حرص متذوّقو الشعر والموسيقى على حضور عرض موسيقيّ شعريّ، أحيته «فرقة حكي» في انطلاقتها الرسمية الأولى، وذلك تحت عنوان «بتخايلك».

الفعالية قدّمها أربعة فرسان من لبنان وفلسطين وسورية مؤخراً على خشبة مسرح المركز الثقافي الروسي ـ فردان، برعاية الحركة الثقافية في لبنان وملتقى أصل الحكي.

«فرقة حكي»، مشروع موسيقيّ فنيّ أدبيّ خاص ومختلف، قائم على الارتجال الموسيقيّ المندمج مع نصوص شعرية للشاعر والممثل ورئيس «ملتقى أصل الحكي» سليم علاء الدين، بمشاركة ثلاثة موسيقيين هم: عازف الكلارينيت طارق بشاشة، ضابط الإيقاع عبد الله جطل، وعازف العود أشرف الشولي. إذ يعمل الأربعة على التجانس والانسجام الإبداعي بين الكلمة والنغمة.

بدأ الحفل بتقديم من الكاتبة دنيز مقلّد التي استهلّت حديثها قائلة:

بتخايلك حلا وكمشة صلا

بتخايلك سما انشقت براديها تا تطلع العتمة من قمر نيسان

تتنقوز على الفرسان تضوّي لياليها

بتخايلك قصيدة أنت كتبتيها

قوليها… غنّيها

بتخايلك غيمة بتنقّط عسل

شقّي برادي الليل واحكيلي

أنا بدّي كون هاك المجنون أخوت حكي

بتخايلك كلّ الدني وأكتر

بتخايلك أرض القدس وعم إحميا

إنت الانتفاضة يلّي عم عيش فيا

بتخايلك فلسطين

إنت الشهادة

بتخايلك أمّي وعم تغمريني

بتخايلك كلمة وعم تكتبيني

بتخايلك لون بلّش ينرسم من هون لوحات

شرحات كون

متل لبنان

بتخايلك أرز الربّ والإنسان

تعي رح يخلص العمر

ما العمر مش حرزان.

ثمّ اعتلى الفرسان الأربعة المسرح وسط تناغم وانسجام بين الكلمة والنغمة، ما وشى بمشهد تمثيليّ شعريّ موسيقيّ متجانس جديد من نوعه، أدهش الجمهور. فقدّموا عرضاً موسيقياً شعرياً و«شويّة حكي نابع من قلب الحكوجي» عن الصراع العربي ـ الصهيوني، وعن حبّه لفلسطين، وعن الحبّ والمرأة، وسكتشات ساخرة عن الوضع العام في العالم العربي.

«الحكوجي» سليم علاء الدين، لم يكتف بكتابة الشعر، لكنه أعطى هذا الشعر من وقته وصوته وروحه حتى أصبحت كلماته مزيجاً فنياً يحمل نفساً ثورياً راقياً وعنيداً. ولأن الغناء المسرحي والشعر يكمّلان بعضهما، كانت لثلاثة عازفين مع سليم بصمات فنية في جولات عدّة في مناطق لبنانية، من حاصبيا إلى عكار، فيما الانطلاقة الرسمية كانت من قلب بيروت في المركز الثقافي الروسي برعاية الحركة الثقافية في لبنان وملتقى أصل الحكي.

ومن القصائد التي قدّمها علاء الدين في الحفل:

شيخ السما حرمون

أخوت متل كانون

عابط مرا… حلوة المرا

سمرا

أبوها من الجليل تراب

وأمها الزيتون

شيخ السما المجنون

شرق القوافي باس

قللي: «النوايا بتنلبس عالراس

لا تظلم شموخي»

قلب الجبل حساس

عم قول لابس ثلجك ودافي

وخجلان يا ملعون

تاري صرت عشقان يا حرمون!

«البناء» التقت علاء الدين وأعضاء الفرقة في كواليس الحفل، وأجرت الحوارات التالية.

يقول علاء الدين: إن ملتقى أصل الحكي هو أحد فروع الحركة الثقافية في لبنان، قرّرنا تكوين «فرقة حكي»، وهي مشروع يعمل على الأرض في الإطار الشعري الأدبي والموسيقي. أعضاء «فرقة حكي» هم أعضاء أيضاً في ملتقى أصل الحكي. وكانت لنا جولات عدّة في حاصبيا وعكار ومرجعيون وعرمون. وانضمّ إلينا مؤخراً ضابط الايقاع عبد الله جطل من سورية، وشُكّلت الفرقة بشكل عفويّ ذات أمسية كنا متواجدين فيها بشكل ارتجالي. وظل الارتجال متزامناً معنا في كل العروض ضمن الاطار الموسيقي مع القصائد الشخصية التي أقدّمها. نحن نحاول أن نجمع في مشروعنا ما بين الصوفية والحياتية.

وعن هدف «فرقة حكي» أكد علاء الدين «أنّ الفرقة مشروع نحاول أن نحارب من خلاله في بلادنا كل الجهل والبشاعة والحروب التي نراها من حولنا. فنحن نحارب بالجمال والحبّ والرقي، وهذا ما باستطاعتنا أن نفعله كمجموعة صغيرة من خلال الحكي والشعر والموسيقى».

بدوره، قال عازف الكلارينيت اللبناني طارق بشاشة: «فرقة حكي» مغامرة أو رحلة خضنا غمارها لنكتشفها ونكتشف الانسجام بيننا وبين الآلة والعازفين الآخربن في الفرقة. هي عملية تواصل بين المشاركين، من خلالها قرّرنا أنا نقيم هيكلية للفرقة. التفاهم والصداقة بين أعضاء الفرقة الأربعة، والتناغم بين الشعر والايقاع والعود والكلارينيت، كل ذلك دفعنا أكثر لخوض هذه المغامرة. وكل شخص منّا يضع تجربته الشخصية والموسيقية والحسّية بين الكلمة والنغمة، ليكتمل المشهد.

وأشار عازف الإيقاع عبد الله جطل إلى أنّ العرض عبارة عن موسيقى مرتجلة مع شعر وأداء منسجمين، و«فرقة حكي» هي انطلاقة لفكرة جديدة تعتمد الدمج بين الموسيقى والشعر. «وهي فكرة سبق أن نفّذتها فرق قبلنا، ولكن تركيزنا كفرقة حكي ينصبّ على العفوية والارتجال المباشر والإصغاء بين الفنانين الأربعة، وهذا الأمر يشكل لنا تحدّياً لأنفسنا، لاعتمادنا على مهاراتنا الفردية من دون تدريب مسبق».

كما قال عازف العود الفلسطيني المولود في لبنان أشرف الشولي: العرض قائم على الارتجال بيننا كموسيقيين وبين الشاعر سليم علاء الدين. نحن كفرقة تجمعنا صداقة قديمة، وقد سبق لنا وقدّمنا عدة عروض في عدة مناطق لبنانية، لكن حفلنا هذا هو الانطلاقة الرسمية لفرقتنا.

ومن الجمهور، كان المستشار في سفارة دولة فلسطين في لبنان خالد العبادي، الذي قال: «ما وجّهه اليوم الشباب الأربعة من رسائل من سورية و فلسطين ولبنان، يمثّل هذا المزيج العربي الذي ما زال يؤمن أن القدس قبلة للمناضلين وأن القضية الفلسطينية ما زالت مطلباً أساسياً. ومن الناحية الفنية، قدّم لنا هؤلاء الفنانين المبدعين نوعاً جديداً من الفنّ له علاقة خارج اللحن والكلمة، وهو مزج بين الكلمة واللحن، وهو كان خارج إطار اللحن وخارج إطار الكلمة. لذا، سمعنا لحناً لا علاقة له بالكلمة، لكن الكلمة لها علاقة بالجمهور الحاضر. فوجّهوا رسالة باعتقادي من الناحية الفنية الثقافية، هي بمثابة مجهود جبار يشكرون عليه، خصوصاً في هذا الظلام العربي الدامس، فقد قاموا بإضاءة شمعة تستحق النظر إليها وتستحق التطوير من المعنيين بالأمر».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى