بأيّ ذنب تجافي سلمى أردوغان…؟

سعدالله الخليل

استُعيدت سلمى وقُطعت الذراع التركية في ريف اللاذقية بسقوط الجماعات التي تديرها أنقرة، وأغلقت بوابات استهداف مدينة اللاذقية بقذائف الغدر، وألغي دورها كغرفة عمليات تقودها على جبهات أرياف حماة وإدلب لترجمة وقيادة ما تخطط له أنقرة، إلا أنّ حسابات بيدر سلمى لم تنسجم مع حسابات حقل أردوغان، فما يدور في سلمى ومحيطها ليس بغريب عما يدور على أغلب الجبهات السورية من نجاحات وتطورات لافتة، ففي الغوطة الشرقية وبعد دخوله البلالية يقف الجيش على مرمى حجر من دوما، معقل «جيش الإسلام» الذراع الأبرز للمملكة السعودية على الأرض السورية، تفصله عنها بلدة النشابية، في حين تخرج جبهة درعا شيئاً فشيئاً عن نطاق سيطرة المجموعات المسلحة، وفي الوقت الذي يدخل اتفاق حيّ الوعر المرحلة الثانية من الإنجاز في خطوة إخراج الوجود المسلح من المدينة، يشهد ريف حماة انعكاسات العمليات العسكرية في أرياف اللاذقية وحمص.

وفي المجمل فإنّ المشهد الميداني لا يصبّ في صالح الدول الراعية للإرهاب في سورية، بل يمكن القول إنها باتت في مرحلة تلقي الضربات الموجعة وتلقي الهزات الارتدادية على أكثر من جبهة أخرى، وما تفجير اسطنبول سوى إحدى هذه الهزات التي تزيد من الحرج التركي وتضعه في موقف البالع للموسى على الحدّين، فسواء استهدف تنظيم «داعش» الإرهابي فعلاً أنقرة كرسالة لتخلي أردوغان عنه أو كان خطوة سهّلت لها الاستخبارات التركية على أمل استثمارها في السياسة، فإنّ في التفجير توريط لأنقرة تجني عبره ما زرعت يداها.

في السياسة تمضي الأطراف المتورّطة في سورية قدماً بمنع انعقاد مؤتمر جنيف 3 في الخامس والعشرين من الشهر الجاري، والذي يبدو حتى الآن أنه موعد أولي يصعب إكمال إنجاز المهام السابقة لانعقاده، والتي اشترطها القرار الأممي 2254 كإنجاز قوائم المعارضة والتنظيمات الإرهابية والموقف السوري الذي عبّر عنه وزير الخارجية وليد المعلم بأنّ الحكومة لن ترضى بحوار أشباح والإصرار على علم الحكومة بأسماء الوفد المعارض قبل انطلاق المفاوضات. يضاف إلى ذلك السعي السعودي لعرقلة الاجتماع لرغبتها بالمضيّ في تحويل الصراع السياسي إلى صراع مذهبي تضمن القدرة على تغذيته لسنوات مقبلة، وتجرّ معها المنطقة إلى حرب واسعة الانتشار على امتداد الجغرافيا من سورية إلى اليمن، ولا يبتعد عن العراق والبحرين والسعودية نفسها وحليفتها تركيا.

وإذا أضيف إلى المشهد غياب الرغبة الأميركية بإنضاج الاجتماع وجعله بوابة لحلّ سياسي قابل للتطبيق، فإنه من المرجح أن يرحّل الاجتماع لأشهر عدة، أو تحويله إلى منتدى دولي لتبادل وجهات النظر بما يشبه النسخة السابقة من جنيف، وهو ما تدركه دمشق جيداً وتعمل على الأرض بمعزل عن التطورات السياسية وحسابات المحافل الدولية وتمضي في حربها ضدّ الإرهاب لتحصد المزيد من النقاط لصرفها في جنيف أو غيرها من الجولات، تاركة «سلطان» أنقرة يندم خساراته المتتالية ولسان حاله يقول «أرى سلمى بلا ذنبٍ جَفتْنِي وكانَتْ أمس من بَعْضِي ومِنّي».

«توب نيوز»

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى