لأول مرة طائرات سورية تحمي الطائرات الروسية خلال طلعات مشتركة
أكدت مصادر إعلامية تحقيق تقدم بسيط في ملف التحضير للمفاوضات السورية المزمع عقدها في 25 من الشهر الجاري، حيث أجرت مساعدة وزير الخارجية الأميركي آن بيترسون لقاء ثانياً أمس مع نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف قبل مغادرتها جنيف.
وأكد غاتيلوف بعد اللقاء أنه سيكون من الخطأ الربط بين إيصال المساعدات الإنسانية الى المناطق السورية وإطلاق المفاوضات في جنيف، مشيراً الى أن قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 ينص بوضوح على وجوب تشكيل وفد وازن وواسع للمعارضة السورية قبل انطلاق المفاوضات.
جاء ذلك في وقت أعلن رئيس هيئة التنسيق السورية المعارضة حسن عبد العظيم أن منظمته لم تتلق بعد دعوة للمشاركة في مؤتمر للمعارضة السورية «جنيف – 3» المقررة في 25 من هذا الشهر.
وقال عبد العظيم إن تشكيل الوفود الممثلة للمعارضة السورية لم يتم تحديدها في الرياض. وأشار إلى أن الوضع يتغير نحو مزيد من الجدية في ما يتعلق بتحقيق نتائج مؤتمر فيينا.
الى ذلك، أكد الموقع الإلكتروني الرسمي الروسي للمعلومات القانونية أنه جرى الاتفاق بين موسكو ودمشق على نشر الطائرات الحربية الروسية في سورية لمدة غير محددة، وذلك حسب نص اتفاق أرخ في 26 آب الماضي.
وبحسب الاتفاق فإن دمشق تعهدت بتسوية الشكاوى -إن وجدت- من قبل طرف ثالث في حال إلحاق الضرر بمصالحه أثناء عملية سلاح الجوي الروسي في سورية، كما وينص الاتفاق أيضاً على كيفية التصرف في التعاملات بين البلدين في حالات مشابهة خلال العملية العسكرية.
وفي السياق، أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن مقاتلات سورية مكن طراز «ميغ-29» أمنت غطاء جوياً لقاذفات «سو-25» روسية خلال ضربها مواقع تابعة لتنظيم «داعش» في سورية.
الوزارة قالت إن العملية المشتركة تعتبر الأولى من نوعها، قائلة إن «طواقم طائرات سو-25 التابعة للسلاح الفضائي الجوي الروسي وطائرات ميغ-29 التابعة لسلاح الجو السوري نفذت مهمة عسكرية مشتركة في السماء فوق سورية».
وأضافت الوزارة أن المقاتلات السورية انطلقت من مطار قاعدتها والتقت في المنطقة المحددة القاذفات الروسية التي انطلقت من مطار حميميم، موضحة أنه «بعد ذلك، رافقت وغطت القاذفات الروسية خلال كل مدة التحليق حتى منطقة شن الضربات وكذلك عند العودة».
وكانت مجموعة من الطيارين السوريين قد زارت أول من أمس مطار حميميم في ريف اللاذقية حيث أجرت مع الطيارين الروس تمريناً أولياً على التنسيق ونظم التبادل اللاسلكي خلال التنفيذ المشترك للمهام العسكرية.
في غضون ذلك، أعلنت الناطقة باسم الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، أن القيادة التركية، باتهامها روسيا ومن دون أدلة، بعمليات القتل الجماعي للأطفال والنساء في سورية، تنحدر إلى الأساليب القذرة.
وأضافت زاخاروفا في مؤتمر صحافي أمس «نحن لا نستطيع غض النظر عن مواصلة المسؤولين الأتراك الرفيعي المستوى، الإدلاء بتصريحات تهدف لتشويه سمعة روسيا في عيون المجتمع الدولي. والحديث يدور عن الاتهامات الموجهة للطيران الروسي بضربه للمدنيين في سورية. وما يثير الاستغراب هو أن قيادة ووزارة الخارجية في هذه الدولة تركيا انحطت لدرجة استخدام الأساليب القذرة مثل اتهام بلادنا بالقتل الجماعي في سورية للأطفال والنساء والشيوخ».
وأعلنت المتحدثة الروسية أن تركيا عبر دعمها للمجموعات الإرهابية والمتطرفة في سورية تعمل على تحقيق مصالحها الخاصة، وقالت: «تركيا تقوم بحرب مخفية في المنطقة، وتلاحق مصالحها الخاصة الضيقة، يكفي أن نذكر تواطؤها في انتهاك قرار مجلس الأمن الدولي عبر تهريب النفط الى أراضيها، وبالتحديد نفط «داعش». ناهيك عن قيام السلطات التركية بتقديم دعم منتظم، بما في ذلك بالأسلحة، لمختلف المجموعات المتطرفة في سورية، ومن بينها الإرهابية».
كما أكدت زاخاروفا سعي أنقرة لمحاولة تغيير التركيبة الإثنية في الدولة تحت ذريعة محاربة تنظيم «داعش»، وقالت: «نحن ندين هذا الخط المدمر والذي يؤدي إلى مزيد من التصعيد في المنطقة، وندعو إلى العمل البناء في إطار الجهود الدولية» لضمان إطلاق عملية شاملة للتسوية السياسية في سورية وتنفيذ خطوات حقيقية للتصدي لتنظيم «داعش».
وفي سياق متصل، أشارت زاخاروفا، أن تصريحات وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس الأخيرة، وزعمه بأن الطيران الروسي يقوم بقصف أهداف مدنية في سورية، تبدو غريبة وغير محترمة وغير مثبتة.
وقالت: «كما تعرفون، عرض وزير الخارجية الفرنسي، لوران فابيوس، في ختام لقائه مع منسق ما يسمى بالهيئة العليا للمعارضة السورية، رياض حجاب، في باريس، صوراً لسكان مضايا الجائعين، وسكان بعض المدن الأخرى المحاصرة من قبل النظام السوري، بحسب تعبيره. ثم اتهم روسيا بعمليات عسكرية ضد السكان المدنيين في سورية وحتى قصف مدرسة. وبعبارة ملطفة، فإن هذا كله يبدو غريباً وغير محترم، لأنه يأتي من وزير الخارجية الفرنسي».
من جهته، اعتبر وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لودريان أنه يتعين على روسيا من أجل «البرهنة على موقفها الرافض لـ«داعش»، تركيز ضرباتها في صميم قلب هذا التنظيم، أي في الرقة ودير الزور».
وأضاف الوزير الفرنسي أمس أن بلاده ترى في الخطوات التي تتخذها روسيا لمكافحة «داعش» في سورية غير كافية، ولا تسهم في إقناع باريس بأن أولوية موسكو تكمن في قتال الإسلاميين.
وتابع: «لا بد لروسيا أن توضح هدفها الأساسي بشكل لا يدع مكاناً للشك. وإذا ما كان الهدف الرئيسي اجتثاث داعش، فينبغي على روسيا حينها صب ضرباتها بالدرجة الأولى على داعش، فيما الأمر ليس كذلك في الواقع، حيث أنها تفضل أولاً استهداف الثوار التابعين للمعارضة المسلحة التي تقاتل ضد بشار الأسد»، مشيراً إلى أن الروس يضربون «داعش» في الرقة ودير الزور، إلا أن ذلك ليس بالشكل الكافي، بحسب اعتقاده.
ولفت لودريان النظر، في معرض تصنيفه المعارضة السورية، إلى أنه حينما يشير إلى «المعارضة المعتدلة»، فهو لا يعني «جبهة النصرة»، أو»داعش»، وإنما «الفصائل التي اجتمعت في الرياض وتعكف على توحيد صفوفها ضمن إطار «عملية جنيف» من أجل التفاوض مع النظام حول حل سياسي انتقالي».
واختتم بالقول: «الآمال معلقة على ذلك حصراً، نظراً إلى أنه لا يمكن التوصل إلى نصر عسكري نهائي في سورية بمعزل عن عملية سياسية انتقالية تتلخص بالنسبة إلينا بأن تكون سورية بلا بشار الأسد».
الى ذلك، أعرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والملك الأردني عبد الله الثاني عن دعمهما للجهود الدولية الرامية إلى تنظيم مفاوضات سورية سورية في جنيف أواخر الشهر الحالي.
وأفاد المكتب الصحافي للكرملين أمس بأنه في اتصال هاتفي بادر إليه الجانب الأردني، تمت الإشارة إلى ضرورة عدم التمهل في تنسيق جميع الدول المعنية في مواجهة «الدولة الإسلامية» تنظيمات إرهابية أخرى، كما أشار الرئيس الروسي إلى أهمية إعداد الأردن لقائمة موحدة للمنظمات الإرهابية.
وبحسب الكرملين فإن الطرفين اتفقا على تفعيل العمل المشترك بين روسيا والأردن، بما في ذلك في إطار «آلية عمان»، والرامية إلى مواصلة تنسيق جهود البلدين على صعيد مكافحة الإرهاب.
وكان العاهل الأردني قد أعلن في وقت سابق أن موسكو تفهم جيداً ضرورة العملية السياسية في سورية التي تفترض رحيل الرئيس السوري بشار الأسد، داعياً إلى تنسيق الجهود مع موسكو بشأن سورية.
عبد الله قال في مقابلة مع «CNN» الأميركية «روسيا تفهم جيداً أنه ينبغي علينا عاجلاً أم آجلاً إعداد آلية تسمح لنا المضي قدماً»، مشيراً إلى: هناك بلدان ترى أن الأسد يجب أن يرحل فوراً، وتقول روسيا أن ذلك يمكن بعد 18 شهرا على الأقل»، وأضاف: «أعتقد أننا جميعا نفهم أن ذلك يفترض رحيل الأسد».
الملك الأردني أشاد بأهمية عملية فيينا، وقال: «فيينا مهمة جداً في ما يتعلق بالتعاون مع روسيا. وبحسب رأيي، فإنه سيكون أفضل إذا نتمكن من تحقيق تنسيق الجهود مع روسيا. إلا أن ذلك مسألة بين موسكو وواشنطن».
ميدانياً، سيطر الجيش السوري أمس على قرية السريب والمزارع المحيطة بها شرق مدينة حلب، وأعاد فتح الطريق الممتد من قرية عيشة إلى قرى عين البيضا والسريب ونصرالله وصولاً الى طريق عام حلب الرقة بعد تفكيك الألغام والعبوات الناسفة.
وفي ريف حماه الجنوبي تمكن الجيش السوري من السيطرة على قرية دير الفرديس، بعد سيطرته خلال الأسبوع الماضي على مناطق جرجيسة وحربنفسه، ما يديق الخناق على المجموعات المسلحة في مدينتي الرستن وتلبيسة في ريف حمص الشمالي.