الراعي: لدمجهم في الأوطان المستضيفة وتجنُّب التمييز الديني والعرقي والقومي بينهم
اعتبر البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي «أنّ ظاهرة الهجرة والنزوح واللجوء تعود إلى أسباب اقتصادية وسياسية، وإلى أوضاع الفقر والحروب والإرهاب والنزاعات والاعتداءات»، لافتاً إلى «أنّ الكنيسة في لبنان تولي اهتماماً خاصاً للحدّ من الهجرة بمواجهة أسبابها».
وفي عظة ألقاها خلال ترؤسه القداس الإلهي في بازيليك سيدة لبنان ـ حريصا على نية المهاجرين واللاجئين، قال الراعي: «توجه الكنيسة النداء، مع صراخ المهاجرين والنازحين واللاجئين والعاطلين عن العمل، إلى حكام الدول، لكي يستثمروا ثروات بلدانهم في النهوض الاقتصادي والإنماء الشامل، والاهتمام بمستقبل أجيالهم الطالعة. وتوجه النداء إلى الأسرة الدولية لمساعدة البلدان الفقيرة، وإيقاف الحروب، ووضع برامج تنموية ودعمها. فمن واجبها محاربة الفقر والجوع وتوجيه التوزيع العادل والمنصف لثروات الأرض، ومساعدة الشعوب للبقاء على أرض أوطانها حفاظا على هويتها التي تكون شخصية أجيالها. ومن واجب الأسرة الدولية العمل على الجمع بين اندماج المهاجرين واللاجئين في الأوطان المستضيفة وإغنائها والاغتناء منها على مختلف المستويات، والسعي الدائم إلى تجنب خطر التمييز الديني والعرقي والقومية المتشددة وكره الأجانب».
وأضاف: «في ضوء رسالة قداسة البابا فرنسيس، لا يمكن أن يتحمل لبنان أن يكون نصف سكانه من النازحين السوريين واللاجئين الفلسطينيين. نحن نشعر إنسانياً معهم وبأوضاعهم المذلة مادياً ومعيشياً، ونتضامن معهم ونطالب بمساعدتهم. ولكن، لا يمكن أن يكون استقبالهم على حساب اللبنانيين اقتصادياً وسياسياً».
وطالب «الأسرة الدولية بالتخفيف من الأعباء المادية والاقتصادية التي يرزح تحتها لبنان واللبنانيون، وفي الوقت عينه إنهاء الحرب في سورية والعراق وتأمين عودة النازحين إليهما في أقرب ما يمكن، قبل تفاقم الأخطار الناتجة عن وجودهم خارج بلدانهم، واستغلالهم من قبل المتطرفين والتنظيمات الإرهابية. ومن واجب الأسرة الدولية حل القضية الفلسطينية بإقرار الدولتين وعودة جميع اللاجئين إلى أراضيهم الأصلية».
وتابع: «فيما يدعو قداسة البابا فرنسيس حكام الدول لمعالجة أسباب الهجرة من بلدانهم، نوجه بدورنا نداء شديداً إلى المسؤولين في لبنان، ليدركوا أنّ الأزمة السياسية المتفاقمة بسبب خلافات الكتل السياسية والنيابية المؤدية إلى عدم الاتفاق حول مرشح أو مرشحين لرئاسة الجمهورية، من صفوفها أو من خارجها، وإلى عدم انتخاب رئيس للجمهورية منذ سنة وعشرة أشهر أي منذ 25 آذار 2014، وإلى تعطيل المجلس النيابي وعمل الحكومة، قد شلت الحياة الاقتصادية والتجارية والسياحية في لبنان. فتعاظم الدين العام، وغابت فرص العمل، وظلت الرواتب والأجور دون إمكانيات العائلات من القيام بواجباتها للتعليم والتطبيب وتأمين مستقبل أولادها وحفظهم على أرض الوطن. إنّ هذه الممارسة الشاذة والهدامة للعمل السياسي والمخالفة للدستور والقوانين، إنما فتحت الباب واسعاً، وما زالت، أمام آفة نزيف الهجرة التي تفرغ البلاد من خيرة أبنائها. هذه الممارسة مدانة بشدة، وقد بلغ شرها إلى إغراق البلاد بالنفايات، وتلوث الهواء، والتسبب بتفشي الأمراض، وتشويه طبيعة لبنان الجميلة».