الزورقان والرسائل الإيرانية إلى العالم

ناجي الزعبي

احذروا أن تتعطّل راداراتكم مرة أخرى … تحذير علّقه الشباب الإيراني على حائط السفارة السويسرية الراعية للمصالح الأميركية في طهران.

المرة المقبلة لن تكون كسابقتها…

أرسلت أزمة الزوارق الأميركية التي انتهكت المياه الإقليمية الإيرانية رسائل عدة باتجاهات مختلفة.

كانت أولى هذه الرسائل لواشنطن وللجيش الأميركي تُفصح عن إرادة إيرانية حاسمة وصارمة في ما يتعلق بالسيادة الوطنية على الأراضي والمياه الإيرانية، وعدم السماح بأيّ انتهاك لها من أيّ نوع بصرف النظر عن التبعات، حتى وإنْ كانت تعطيل تطبيق الاتفاق النووي ورفع العقوبات.

وبالجهوزية واليقظة العسكرية بأعلى مستوياتها، وامتلاك أسلحة ومعدّات وتجهيزات بالغة التطور قادرة على رصد أيّ تحركات واتصالات ومناورات من أيّ نوع.

وكانت أبلغ الرسائل التحوّل التاريخي في موازين القوى الدولية ونهاية حقبة الغطرسة والقرصنة الأميركية والعبث بسيادة الدول من دون رادع أو حسيب، وبأنّ هذا العهد ولى إلى غير رجعة.

وبأنّ اللغة الدولية البديلة المقبلة هي العلاقات القائمة على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لكلّ دولة.

وبأنّ إيران باتت دولة إقليمية محورية بسبب امتلاكها القوة العسكرية والتحالفات الإقليمية والدولية الرادعة ترفدها قوة وبناء اقتصادي وبنية اجتماعية متماسكة يستحيل كسرها أو المساس بها.

وبأنها دولة تستجيب للمعايير والأنظمة والقيم والقوانين الدولية، وتحترم التزاماتها وخياراتها، ومواثيقها، ومعاهداتها الدولية.

وفد أخرجت إيران اليورانيوم عالي التخصيب في إشارة إلى الالتزام الطوعي باتفاقية النووي.

وبأنّ الاتفاقية ستفعّل، وبأنّ رفع العقوبات مؤكد بشكل مطلق أياً كانت محاذير واشنطن والعدو الصهيوني وآل سعود، الأمر الذي يعني أنّ إيران ما بعد الاتفاق ليست إيران ما قبله.

كما تعي واشنطن أنّ العام 2017 هو عام التحوّل الدولي لاستخدام الغاز، وأنّ إيران وروسيا تمتلكان معاً أكبر احتياط للغاز في العالم، بالإضافة إلى الجزائر وقطر، الأمر الذي يعني أنها ستصبح في واجهة الأحداث والتبادل التجاري والاقتصادي، وستصبح دول النفط في مراتب أقل أهمية وحيوية تجارية.

بادلت واشنطن إيران استجابة وإذعاناً، وقد صرّح وزير الخارجية الأميركي جون كيري في إذعان واضح وإفصاح بعجز القوة الأميركية عن مواصلة العبث المعتاد بمقدرات الدول وسيادتها بأنّ الدبلوماسية الأميركية جنّبت الجيش الأميركي كارثة .

وكان مشهد الجنود الأميركيين المستسلمين سابقة تشي بالتحوّلات التي طرأت على المسرح الدولي.

كانت الرسالة الأخرى باتجاه السعودية التي تتحفّز وتحشد وتؤلب العالم ضدّ إيران، ومفاد الرسالة أنّ أيّ مغامرة غير محسوبة قد تجرّ الويلات على السعودية والإقليم وربما العالم، فعجز أميركا، وهي اللاعب الرئيس والقوة الأضخم في العالم، يعني بالضرورة عجز كلّ من يدور في فلكها ويحمل جيناتها نفسها.

ثم كانت الرسالة البليغة للعدو الصهيوني بألا تسوّل له نفسه حتى ولا في الأحلام بارتكاب أيّ حماقة من أيّ نوع، فالذراع الإيرانية أطول مما يعتقد وأكثر نجاعة في الردّ على أي مغامرة أو حماقة…

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى