تصريحات السيسي حول الإرهاب وسياسة مصر العربيّة
حميدي العبدالله
حذّر الرئيس المصري القوى العالمية من أن «الإسلاميين المتشددين يدمرون الشرق الأوسط», وأكد أن المتشدّدين «لطالما مثّلوا تحدياً للدول العربية المتحالفة مع الغرب، ونحن نواجه متشدّدين ينشطون في سيناء» مضيفاً «إنّ ما تفعله داعش في العراق كان ممكناً أن يحدث في مصر لو أن ثورة 30 حزيران تأخرت شهرين أو ثلاثة».
المهمّ في المواقف التي أطلقها السيسي يتركّز في ثلاث مسائل:
الأولى: «الإسلاميون المتشددون يدمرون الشرق الأوسط»، فهذه الجماعات هي التي تدمر استقرار سورية والعراق وتونس وليبيا، وكانت قوضت استقرار الجزائر عشر سنوات مطلع عقد التسعينات.
الثانية أن خطر هذه الجماعات لا يقتصر على الدول التي استهدفها الإرهاب حتى الآن، بل إن الدول العربية «المتحالفة مع الغرب» مهدّدة هي الأخرى، ما يعني أن الدول المتحالفة مع الغرب التي تدعم هذه الجماعات المتشددة بالمال وبالسلاح وتوفر لها الغطاء الإعلامي والسياسي تلعب بالنار وتعتمد سياسات سوف ترتدّ عليها.
الثالثة: وصفه ما يحصل في العراق بأنه عمل هدام وليس «ثورة» أو «انتفاضة شعبية» كما صوّرت كل من السعودية وقطر وتركيا ما جرى في العراق، ولم يرد ذكر التهميش في وصف السيسي حوادث العراق.
خاطب السيسي الجميع في ضوء هذه الحقائق محذّراً «انتبهوا لما يحدث في المنطقة، هذه المنطقة يتم تدميرها الآن وبمنتهى الوضوح، وهذا أمر لا يمكن أن نسمح به»، لذا يطرح السؤال كيف يمكن لمصر أن تلعب دوراًًً على المستوى العربي ومستوى المنطقة يضع حدّاً لعبث الجماعات المتشددة في استقرار هذه المنطقة؟
إن ذلك لن يتحقق بالتأكيد من خلال التعاون والتحالف، وحتى الصمت على سياسات الحكومات العربية والإقليمية التي تدعم الجماعات المتشدّدة وتوفر لها الغطاء وتلتمس الأعذار لما تقوم به من أعمال تخريبية، كما لا يمكن أن يتحقق من خلال سياسات انتقائية مثل السياسة التي تعتمدها السعودية إذ تحارب هذه الجماعات في مصر وتدعمها في سورية والعراق! ولا يمكن أن يتحقق ذلك إلا إذا كان هناك تعاون واضح وصريح وقوي بين مصر والدول العربية ودول المنطقة المستهدفة من قبل الجماعات المتشدّدة.
هذا يعني أن مصر معنيّة، إذا أرادت تطبيق ما جاء في خطاب السيسي، بالعمل على محورين:
المحور الأول، بذل كل جهد مستطاع لإقناع السعودية بمراجعة سياستها الحالية، خاصة في سورية والعراق، والوقوف بحزم ضدّ تركيا وقطر وأيّ دولة غربية تدعم صراحة أو ضمناً ما تقوم به هذه الجماعات المتشددة حتى لو كانت هذه الدولة بحجم الولايات المتحدة.
المحور الثاني، البدء بتعاون وتنسيق صريح ووثيق وعلني مع الحكومتين السورية والعراقية لمكافحة التنظيمات المتشددة ودحرها ومنعها من تحويل هذين البلدين إلى قاعدة لتصدير الأعمال الإرهابية إلى مناطق جديدة وتعريض الاستقرار للخطر.