بكل هدوء وبلا مزايدة.. إيران إلى نادي الكبار
محمد محفوض
لم يختلف العدو والصديق على أن إيران هي الطرف المنتصر من تنفيذ الاتفاق النووي وأن إيران اليوم هي دولة نووية دون عقوبات لتؤسس مرحلة جديدة في تاريخها قائمة على الاعتراف بالدور الإيراني ووجوب التعاون معه في أصغر صغائر المنطقة.
حققت الجمهورية الإسلامية النصر عندما تم التوصل لاتفاق فيينا في الرابع عشر من تموز العام الماضي ووصلت إلى نصرها الكامل بدخول الاتفاق حيز التنفيذ يوم السبت الماضي، والفرق واضح بين النصر والنصر الكامل.
كمال انتصار إيران تجلّى في الوقت الفاصل بين التوقيع على الاتفاق ودخوله حيّز التنفيذ.. هذا الوقت الذي امتدت فيه الأيدي السعودية لتخريب هذا الانجاز على إيران.
الاستياء السعودي الإسرائيلي انعكس بوحدة الموقف السياسي عند التوقيع وعند التنفيذ وهو ما أكدته صحيفة التايمز البريطانية في مقال نشر اليوم بعنوان «السعودية و»إسرائيل» تتخذان موقفاً موحداً في إدانتهما للاتفاق النووي الموقع مع إيران».
المواقف السعودية لم تتوقف عند حدود التنديد، بل مع التوقيع بدأت المحاولات السعودية التخريبية، فعشية الاتفاق صعدت السعودية من لظى نيرانها لتحرق به أهل اليمن بحجة تحرير عدن من الحوثيين.
كما شكلت كارثة الحج في منى في أيلول الماضي المدخل الأول للتخريب على إيران واستجرارها إلى ردة فعل تجاه السعودية.. أكثر من خمسمئة ضحية من الحجاج الإيرانيين بين شهيد ومفقود على رأسهم أحد أهم أعلام الدبلوماسية الإيرانية السفير السابق في بيروت غضنفر ركن أبادي لم يمنع ذلك إيران، برغم تصعيدها السياسي ضد السعودية من إرسال وفد إلى الرياض وتأكيد ضرورة التعاون بين البلدين حول تداعيات هذه الكارثة، وهو ما تهربت منه الرياض نفسها وأكده آنذاك رئيس المجلس الاستراتيجي الإيراني للعلاقات الخارجية كمال خرازي بقوله إنه من المنتظر أن تتعاون الحكومتان الإيرانية والسعودية لإيجاد حلول للمشاكل إلا أن هذا التعاون لم يتبلور للأسف بصورة صحيحة حتى الآن.
وقبل خمسة عشر يوماً من دخول الاتفاق النووي حيز التنفيذ صعدت الرياض ضد إيران أكثر.. أعدمت الشيخ النمر وبعدها بأيام قطعت كل العلاقات مع إيران بشكل رسمي، ودعت إلى اجتماع مجلس الجامعة العربية لتوسيع القطيعة العربية مع إيران بحجة تدخل طهران في الشؤون الداخلية للسعودية وهو ما قرأته طهران على أنه استفزاز واضح واستجرار للتصعيد ما استدعى هدوءاً ديبلوماسياً إيرانياً في التعامل مع قطع العلاقات من دون التراجع عن موقفها من إعدام الشيخ النمر.
قرأت إيران كل محاولات التخريب على إنجازها الدولي بشكل صحيح.. فهي تعلم جيداً أن الربح الأكبر والنصر الكامل ليس في تصعيد الأزمات، بل في هدوء تعي طهران أنه مطلوب على أعتاب المراحل الكبرى بما لا يتناقض ومفاهيم السيادة والأمن الإيرانيين.