هل نضجت التسوية حول الكونفدرالية؟ فلنراقب أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا
طاهر محي الدين
لم تتمّ زيارة أوباما للسعودية إلاّ بعد تعديلات كان مطلوباً أن تحدث قبل قدومه، بدءاً من رأس بندر بوش، حليف الجمهوريين في الولايات المتحدة الأميركية، وقانون مكافحة الإرهاب، وتعيين الأمير مقرن ولياً للعهد السعودي، وهذا يعدّ المفتاح الأكبر للتسويات السعودية إذ يشكل حالة إنقلابية داخل السياسة السعودية للعائلة السديرية المعادية لسورية. ومقرن نفسه كان عراب اللقاء التاريخي بين العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبد العزيز والرئيس الأسد في قمة الكويت، ومقرن يعرف الطريق الموصلة إلى قصر المهاجرين في دمشق. والإشارة الأكبر صدور قرار تعيينه ولياً للعهد قبل يوم واحد من زيارة أوباما الأخيرة للسعودية، والتي أجلت أصلاً عدة مرات قبل حدوثها، في إشارة إلى أن المشغل الأميركي ينتظر مفاعيل التغيير في السعودية، فالمفاوضات بين الروسي والأميركي حول أوكرانيا وباقي الملفات بدأت نار صفيحها تصل إلى الدرجة المثالية لإنضاج الطبخة الجديدة في معادلات الإنسحاب الأميركي من أفغانستان، وبداية الرضوخ لإعلان الانتصار السوري، والتوصل إلى اتفاق مع إيران حول ملفها النووي، وكان لا بد من طمأنة السعودية إلى بقاء عرشها محفوظاً، مقابل تخليها عن تعنتها في ما يخص ملفات المنطقة وخاصة سورية، أو أنها عليها وحدها حماية أمنها عندما يغادر الأميركي أفغانستان، وتم ذلك مبدئياً عبر تعبير أميركا وإبلاغها الجازم للسعودية بمنع تزويدها المجموعات الإرهابية المسلحة صواريخ مضادة للطيران. وتبقى لدى الأميركي عقبة ثانية موازية للسعودية هي العقبة «الإسرائيلية» المتعنتة تجاه الملفين السوري والإيراني والقضية الفلسطينية، و»إسرائيل» أيضاً تعلم أنه عند انسحاب الأميركي من آخر معاقله في المنطقة أفغانستان يتوجب عليها حماية نفسها مثل السعودية، لذلك تريد أميركا جاهدة تسوية جميع الملفات في المنطقة مع الروسي قبل خروجها منها مدحورة وحاصدة الخيبات، وتريد تحقيق أي مكسب والأهم لها أمن ربيبتها «إسرائيل»، لذلك تضغط بقوة متزايدة لإنجاح مشروع كيري الذي لم تهدأ طائرته ذهاباً وعودة إلى المنطقة ولقاءات مكثفة مع «الإسرائيلين» والفلسطينين من جهة، ومع الروس من جهة أخرى.
اللقاء بين لافروف وكيري تبادل فيه الطرفان التطمينات، إذ أبلغ الأميركي الروسي بأنه منع تسليح الجماعات الإرهابية في سورية بمضادات الطيران، وفي المقابل أبلغ الروسي الأميركي بأن لا نية له للتدخل العسكري في أوكرانيا، لكن لا بد من إصلاحات دستورية تضمن حقوق الشعب الروسي في أوكرانيا، وتحقيق حكم كونفدرالي في أوكرانيا الشرقية ذات الأغلبية الروسية، ونص هذا الاتفاق شرح لميركل حرفياً أثناء الاتصال الهاتفي مع الرئيس بوتين، الذي أكد على ضرورة المحافظة على حقوق الشعب الروسي في كل مكان، ضمن شرعة حق الشعوب في تقرير مصيرها بحسب ما ينص عليه ميثاق الأمم المتحدة، وقد نرى ذلك قريباً في أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا، فالروسي يثبت يومياً أنه القطب الأقوى في خريطة العالم الجديدة ضمن مجاله الحيوي أي أوراسيا التي سبق أن كتبنا عنها في مقالة سابقة عنوانها «أوكرانيا والعقدة الأوراسية والثورات البرتقالية»، ويدرك العقل الأميركي تماماً أن عقلية بوتين لن تتراجع عن تحقيق هذا الحلم في الوحدة الوطنية للروس وإعادة جمعهم تحت ما يسمى بالإتحاد السوفياتي»، وهذا ما أشرنا إليه في مقالة سابقة عنوانها «47 دقيقة هزت العالم».
ما سبق ذكره يؤكد المقولة المشهورة للقيصر بوتين « من دمشق سترسم خريطة العالم من جديد»، وهذا ما تؤكده يومياً وعلى نحو متنام تقارير أجهزة استخبارات الدول الغربية والأجهزة الاستخبارية الأميركية، والأمر نفسه قدمه فورد في تقريره الختامي قبل تنحيته عن الملف السوري، إذ قال حرفياً «الأسد انتصر وهو باق على سدة الحكم لفترات قادمة».
ما أشبه اليوم بالأمس، 25 آيار 2000 ذكرى انتصار المقاومة وعيد التحرير. ترقبوا هذا التاريخ واضبطوا ساعات إعلان نصركم أيها السوريون على هذا التاريخ: مجدداً 25 أيار 2014 عيد التحرير الثاني ودفن الإرهاب الكوني تحت نعالكم ونعال جيشكم الباسل ورجال الله، وتكريس القائد الرئيس بشار الأسد رئيساً للأبد.
قُلِ انتَظِرُواْ إِنَّا مُنتَظِرُونَ