نفوق الحيتان… لغز حيّر العلماء!

يشكّل نفوق 12 حوتاً على سواحل بحر الشمال لغزاً يحاول الخبراء حلّه من خلال تشريح جثث الحيتان. ويقول العلماء، إنّ الجوع والتدريبات العسكرية في البحار يأتيان ضمن قائمة الأسباب المحتملة.

هكذا يحاول الخبراء حلّ لغز نفوق 12 من حيتان العنبر تمّ العثور عليها في ثلاث جزر واقعة قبالة مدينة بريميرهافن الألمانية، ويجري فحص جثثها التي يزيد طولها عن 10 أمتار، من أجل التعرّف على سبب نفوقها، هذا بعد أن جنحت باتجاه الشاطئ.

وقد جرى نقل الحيتان من الجزر لتسهيل عملية تشريحها، ووصفت «آلموت كوتفيتس»، وكيلة وزارة البيئة بولاية سكسونيا، عملية نقل الحيتان من الجزر بـ»الصعبة ولكن المدهشة في الوقت نفسه»، وترجع صعوبة نقل الحيتان لوزنها الضخم، إذ إنّ وزن أنثى حوت العنبر يصل إلى حوالى 15 طناً، فيما يصل وزن الذكر إلى 60 طناً.

جرى أولاً فصل جلد الحيتان عن جسدها، قبل نقلها باستخدام أجهزة الرفع، وهي عملية وصفها أحد المتابعين بالقاسية، وقال: «ثمّة شعور بالألم عند رؤية عملية تقطيع وتشريح هذا الحيوان الجميل».

ومن المقرّر نقل الهيكل العظمي لأحد الحيتان إلى جامعة «غيسين»، حيث يعمل الخبراء على معالجة العظام بطريقة تسمح بعرض الحيتان على الزوار.

وقد أظهرت النتائج الأولية لتشريح الحيتان، أنّها كانت تعاني من نقص حاد في التغذية. وتقول آلموت كوتفيتس، إنّ معدة وأمعاء الحيتان كانت خاوية تماماً، وهي تحتاج لالتهام كميات هائلة من الطعام، الأمر غير المتوافر في بحر الشمال، لذا يرجّح الخبراء أنّ الجوع هو على الأرجح سبب نفوق هذه الحيتان.

لكن متابعة التشريح أظهرت أنّ بعض الحيتان النافقة لم تكن تعاني من الجوع، إذ إنّ معدتها كانت ممتلئة، ولذا يبحث الخبراء عن أسباب أخرى لنفوقها.

وحيتان العنبر بشكل عام يصعب عليها العيش في بحر الشمال الذي يبلغ عمقه 100 متر فقط، فهي تغطس عادة إلى عمق آلاف الأمتار، وبالتالي فليس لديها فرصة كبيرة للعيش في بحر الشمال، كما يوضّح خبراء الطب البيطري.

هذا وتُعتبر هذه الواقعة أخفّ وطأة بكثير ممّا وقع في الهند الأسبوع الماضي، حيث جنح أكثر من 80 حوتاً إلى سواحل ولاية تامل نادو، ونفق معظم هذه الحيتان بعد جنوحها باتجاه الساحل. ويقول العلماء، إنّ عدد الحيتان التي تجنح باتجاه الشواطئ يقدّر سنوياً بالآلاف.

جدير بالذكر أنّ بعض أنواع الحيتان تتّسم بالانتماء الشديد لمجموعاتها، وهو ما يزيد من فرص نفوق أعداد كبيرة منها، ففي حال جنوح أحد حيتان هذه المجموعات باتجاه الشاطئ فإنّ باقي المجموعة غالباً ما يتبعه كنوع من التعاطف والولاء، وبالتالي تواجه نفس المصير.

ويحذّر العلماء من أنّ الضوضاء التي تُحدثها السفن والتدريبات العسكرية والأنشطة البشرية الأخرى، تُضرّ كثيراً بهذه الكائنات الحية البحرية. فالحيتان بشكلٍ خاص تتميّز بسمع مرهف للغاية، لذا فإنذ الضوضاء تُربكها بشدّة وهو ما يزيد من احتمال جنوحها ثم نفوقها، كما يقول علماء الأحياء المائية.

وتؤدّي العواصف الشمسية أيضاً إلى اضطراب في المجال المغناطيسي للأرض الذي تعتمد عليه الحيتان في تحديد اتجاه تحركها، وبالتالي تؤدّي هذه العواصف إلى خلل في آلية حركة الحيتان وتسهّل جنوحها. ووفقاً للخبراء، حدثت 3 من هذه العواصف بنهاية كانون الأول 2015، وهو ما ربما كان أحد أسباب جنوح الحيتان باتجاه بحر الشمال ثمّ نفوقها لاحقاً.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى