هل لا تزال بريطانيا تسهّل تدفّق الإرهابيّين إلى سورية؟

حميدي العبدالله

هل لا تزال الحكومة البريطانية تتساهل أو تتغاضى عن تدفّق الإرهابيّين من بريطانيا إلى سورية والعراق؟

هذا السؤال طرح بقوّة في ضوء ما نشرته صحيفة «إندبندنت» بتاريخ 6/1/2016، حيث أشار تقرير نشرته الصحيفة إلى أنّ «جهاديّين بريطانيّين تجاوزوا الإجراءات الأمنية والتحقوا بتنظيم الدولة». وأشار التقرير إلى أنّ «وثائق تظهر بصورة حصرية أنّ عدداً من الإسلاميّين المعروفين بالتشّدد في بريطانيا تمكّنوا من مغادرة البلاد خلال الأشهر العشرين الماضية، رغم وجودهم على قوائم الممنوعين من السفر وتمّ إطلاق سراحهم بكفالة». ويؤكد التقرير أنّ «الضغوط تتزايد على الحكومة البريطانية لتشديد الرقابة على الأشخاص الذين توجد شكوك حول نيّتهم السفر إلى سورية، بعدما تمكن سيدا هارثا ضاهر الذي اعتنق الإسلام من العبور تحت أنوف رجال الأمن ليسافر إلى سورية وينضمّ إلى داعش».

أن يتمكن أشخاص معروفون لدى الأجهزة الأمنية البريطانية بأنهم إرهابيّون، وقد أوقفوا في أوقات سابقة، من التخلّص من الإجراءات الأمنية والسفر إلى الخارج، فإنّ هذا أمر لا يمكن أن يحدث من دون سماح السلطات الأمنية أو غضّ النظر عن مساعي هؤلاء لمغادرة بريطانيا. وواضح أنّ شبهة تواطؤ الأجهزة الأمنية شبهة موجودة وقائمة، وإلا لماذا أشار تقرير الصحيفة البريطانية إلى مطالبة السلطات الأمنية بتشديد الإجراءات، والحرص على الإشارة إلى أنّ خروج هؤلاء الإرهابيين من بريطانيا تمّ «تحت أنوف رجال الأمن» البريطانيين، إنّ هذه العبارة تشكّل اتهاماً صريحاً للأجهزة الأمنية، وبالتالي للحكومة البريطانية بالتواطؤ أو التقصير، وفي الحالتين، بريطانيا الرسمية ضالعة في إرسال الإرهابيين إلى سورية.

لا شك أنّ السياسة البريطانية هذه هي أنموذج لسياسات الحكومات الغربية وحكومات المنطقة إزاء الإرهاب والتنظيمات الإرهابية. بريطانيا مثلها مثل تركيا والسعودية وقطر وفرنسا، سهّلت تدفّق الإرهابيّين من بلادها إلى سورية من أجل تحقيق هدفين أساسيّين، الهدف الأول، العمل على إسقاط الحكومة الشرعية في سورية، ونقل سورية من دولة مستقلة إلى دولة تابعة للغرب. والهدف الثاني التخلص من هؤلاء الإرهابيّين، عبر زجّهم بمعارك في الخارج، حيث ينعقد رهان الحكومات على احتمال قتلهم في المعارك التي يخوضونها في سورية أو العراق.

بهذا المعنى، سماح بريطانيا لإرهابيّين موصوفين بالذهاب إلى سورية والقتال إلى جانب التنظيمات الإرهابية، وعلى رأسها تنظيم «داعش»، لم يكن خطأً ولا تقصيراً من قبل الأجهزة الأمنية يجب لفت النظر إليه، بل هو ترجمة لسياسة رسمية معتمدة على هذا الصعيد. وطالما استمرّت مثل هذه السياسات لن يتراجع خطر الإرهاب، وفي نهاية المطاف سينقلب السحر على الساحر، وهذا جزء مما حصل في فرنسا والولايات المتحدة حتى الآن.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى