من تونس مجدّداً…

حسين عليان

هل ستعاود الجماهير التونسية استرداد ثورتها وإعادة تحفيز الثورات العربية وتصحيح مسارها؟

من تونس بدأت الثورة على نظام الفساد وا ستبداد والتبعية، وتبعتها مصر، وكرّت السبحة، لكن الثورة سُرقت كباقي ثورات المنطقة من تحالف تنظيمات ا سلام السياسي، الإخواني التكفيري الإرهابي الوهابي ، وبدعم وتخطيط غربي أميركي صهيوني وبواسطة نظم أعراب خليج الكاز.

وتحوّلت إلى عمليات تدمير وتخريب لدول وجيوش ومحاولة تفكيك مجتمعات المنطقة على أسس اثنية ومذهبية وجهوية، كما حصل في اليمن وليبيا.

أما في سورية فللأحداث طبيعة مختلفة تماماً، من حيث إنها ترجمة لمؤامرة كونية ذات استهداف سياسي بحت بهدف استكمال مشروع أميركا الذي بدأته في العراق، وإنْ تقاطعت في بعض القضايا والمظاهر مع باقي «الثورات».

لكنّ الصفعة العاجلة التي تلقاها «الإخوان المسلمون»، بالسقوط المدوّي على أيدي ثوار 30 حزيران في محاولة ستعادة الثورة، أملت على إخوان تونس تعديل المسار وتقديم تناز ت في مسار تشكيل النظام الجديد.

ومع ذلك فقد أنتجت ا نتخابات اللاحقة تراجعاً جزئياً لـ«حركة النهضة»، وها هي هذه الحركة تتفكّك ويحصل تقدّم لقوى تقليدية محافظة من بقايا النظام القديم ومشاركة متواضعة لقوى راديكالية شعبية، وكذا الحال بالنسبة إلى الثورة المصرية.

فهل ستستعيد الجماهير التونسية ثورتها المخطوفة عبر اشتعال مظاهرات القصرين، لا سيما أنهما قدّمت تضحيات ليس لأجل توسيع الحريات السياسية والعامة فحسب، ودون إحداث تحوّ ت اقتصادية اجتماعية تحقق تحرير الثروات الوطنية، وفك التبعية السياسية للخارج، وإعادة توزيع عادلة للثروات داخلياً.

إنّ إغراق دولنا ومنطقتنا في حروب التطرف والإرهاب والتكفير

ليست سوى محاولات يائسة من لدن الصهيو ـ أميركية الغربية وحلفائها من الرجعيات المحلية، للحيلولة دون إنجازنا الثورة الكاملة وفرض إعادة إنتاج دولة التبعية والفساد وا ستبداد مجدّداً.

نراهن مجدّداً على تونس أولاً ومصر ثانياً، ولأسباب عديدة في مقدّمتهما أنّ كلا البلدين فيهما قوى سياسية واجتماعية وأحزاب ونقابات ذات تجربة وتأثير كبيرين، كما أنهما بلدان فيهما مستوى من بنى الإنتاج والتباين الطبقي الواسع، وفيهما نسبة عالية من التجانس السكاني من حيث الدين والمذهب وعدم ا نقسامات القبلية والجهوية.

فمصر كما تونس ليس أمامهما خيارات إ تعميق ثورتيهما وإنجاز تحوّلات اقتصادية واجتماعية جوهرية تحافظ على استقرارهما وتطورهما ووحدتهما.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى